.. لو أن هناك مؤسسة واحدة في السودان منذ الاستقلال المجيد حافظت على قوميتها، وظلت تكرس جهودها للدفاع عن تراب البلد، فهي بلا شك القوات المسلحة السودانية، ولو كانت كثافة المطامع الحزبية وكثرة محاولات التسييس يمكن أن تسدل الستار على تاريخ مؤسسة لكان جيش السودان العظيم لافتة تتبادلها الأحزاب واحدا تلو الآخر مع تغير كل نظام.
الأساس المتين الذي بُني عليه الجيش السوداني جعله يقف شامخا في وجه العديد من المحاولات التي تبدأ بالرغبة الحزبية في السيطرة ولا تنتهي بمطامع التمدد وصولا إلى التخطيط لتنفيذ الانقلابات.
قالت وقائع ووثائق التاريخ أن وراء كل انقلاب ناجح كان أم فاشل مجموعة أو حزب سياسي، والمخطط والمنفذ (ممن تم غسيل دماغه) كلاهما شريك في الجريمة الشنيعة التي يعملان فيها جاهدان على تقويض النظام الدستوري.
ثمة سؤال يفرض نفسه الآن :
هل قيادة الجيش حاليا برئاسة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان تمتثل لأمرة حزب سياسي ..؟
الإجابة بلا شك (لا وألف لا)، وهل هناك أحزاب تسعى للتقرب من الجيش إن كان لأجل الوطن أو لتحقيق مكاسب سياسية ؟؟
الإجابة بلا تردد (نعم)، والصراع السياسي البغيض يجعل كل حزب يسعى للضرب تحت الحزام ودمغ الجيش بتهمة موالاة حزب منافس، وتبدأ رحلة الحكايات ما بين حزب الأمة وعبد الله خليل مع الفريق إبراهيم عبود في 17 نوفمبر 1958، وعلاقة الشيوعيين بمايو 1969، وتحرك الرائد هاشم العطا بتأييد شيوعي كامل لإستلام السلطة في 1971، وما تلاه من محاولة في عام 1975 من قبل المقدم حسن حسين، وتبقى أكبر محاولات التسييس التي تمت في عام 1989 بعد انقلاب العميد عمر البشير بتحريض وتخطيط من الإسلاميين.
ظل جسد القوات المسلحة يتعرض للطعنات ويقاوم ببسالة دون أن يسقط، وفي البال محاولة انقلابية محسوبة على حزب البعث عام 1990، ومحاولات السيطرة مستمرة وصولا لثورة ديسمبر 2019. والآن والبلاد تدخل حرب وجودية فرضت عليها لا يزال البعض يسعى لتسديد الطعنات في خاصرة الجيش الذي يدافع عن الأرض متحديا كل المؤامرات والتربص والظروف ودعم الخارج وخيانة الداخل، ويحمد لقادة قواتنا المسلحة أنهم لم ينصاعوا لأحد وظلوا يقاومون بعزيمة الرجال، وواجبنا إسنادهم لا سيما ونحن نعلم أنهم لا ينتمون لحزب أو يأتمرون بأمر سياسي، ويحب أن تدفعنا تصريحات القائد العام التي أدلى بها اليوم لقناتي (العربية) و(الحدث) في هذا الشأن لمضاعفة الجهود وتعزيز الإسناد والالتفات للمعركة الكبري دعما لرجال ظلوا دوما على قدر الرهان، ويكفي أن حزبهم الأوحد هو السودان.




