** بولوس يكشف عن الدور الأميركي الخبيث في إسقاط الفاشر وتداعيات التصريح وخطورة المرحلة **

قلم وطني

بقلم: خالد المصطفى
إعلام لواء الردع
(جيش واحد شعب واحد)

. في سابقة خطيرة تعكس تحولاً استراتيجياً في المواقف الدولية، كشف مساعد وزير الخارجية الأمريكي مُسعد بولوس خلال مقابلة مع قناة الجزيرة مباشر عن توجهات مثيرة للقلق بشأن الأزمة السودانية. لم يكتفِ بولوس بالتماهي مع رواية أبوظبي، بل تجاوز ذلك إلى التلميح بقبول الدور الأمريكي لسقوط الفاشر وذلك عبر دعم إمارات الشر لقوات الدعم السريع وامتداد العمليات العسكرية إلى مناطق جديدة في كردفان. هذا التصريح ليس مجرد زلة لسان دبلوماسية، بل يعكس تحولاً جوهرياً في السياسة الأمريكية تجاه السودان، حيث أصبحت الواقعية العسكرية تغلب على الاعتبارات الأخلاقية والدولية. وتأتي هذه التصريحات في وقت تكشف فيه تقارير ميدانية عن تطورات أكثر خطورة، حيث تتحدث مصادر عن أخبار مقلقة للغاية من السودان، وتحديداً في المنطقة الغربية بدارفور، عن استخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين في الفاشر عبر قوات الدعم السريع ، في تصعيد نوعي خطير للنزاع.

يشكل احتلال وليس سقوط الفاشر في قبضة قوات الدعم السريع نقطة تحول خطيرة في الصراع السوداني، حيث لم يعد الأمر مجرد معركة ميدانية عابرة، بل تحول إلى مؤشر على اختلال موازين القوى الإقليمية. فبحسب تقارير الأمم المتحدة، أدى القتال في الفاشر إلى نزوح أكثر من 130 ألف شخص، مما ضاعف من الأزمة الإنسانية في المنطقة. كما أن موقع الفاشر الاستراتيجي كبوابة لوسط السودان وارتباطها بطريق التجارة الإقليمي جعلها هدفاً استراتيجياً للقوى الإقليمية المتصارعة. تصريحات بولوس التي تنبأت بامتداد السيطرة إلى مناطق أخرى في كردفان تكشف عن مخطط توسعي واضح المعالم، يتم تنفيذه بموافقة دولية ضمنية، في انتهاك صارخ لمبدأ السيادة الوطنية الذي تفترض المواثيق الدولية احترامه. وتزداد الصورة قتامة مع التقارير التي تفيد باستخدام أسلحة كيميائية ضد المدنيين، حيث أفادت مصادر بأن الماسورين من قوات الحيش جُمعوا ووضعوا في قطارات ثم قُتلوا بأسلحة محظورة دولياً.

. تظهر الوثائق الدبلوماسية المسربة أن الإمارات قدمت دعماً لوجستياً وعسكرياً لقوات الدعم السريع تجاوز 300 مليون دولار خلال الأشهر الستة الماضية فقط. هذا الدعم لم يكن ليتحقق دون موافقة أمريكية ضمنية، خاصة في ظل العلاقة الاستراتيجية بين واشنطن وأبوظبي. فبحسب تقرير لمجموعة الأزمات الدولية، فإن الولايات المتحدة تحاول التعامل مع الأزمة السودانية من خلال وكلاء إقليميين بدلاً من الاضطلاع بدور مباشر، مما فتح الباب أمام تدخلات خارجية غير محسوبة العواقب. هذا النهج الجديد في السياسة الخارجية الأمريكية يعكس تحولاً من منطق الوساطة المحايدة إلى تبني استراتيجية “الواقعية الانتقائية” التي تخدم المصالح الضيقة على حساب الاستقرار الإقليمي. وتكشف المعلومات الجديدة عن بعد آخر للمعضلة، حيث تشير اتهامات إلى تورط المملكة المتحدة في تزويد هذه القوات بالأسلحة، مع مشاهدات لطائرات حربية بريطانية تحلق فوق دارفور والفاشر، في وقت تدعي فيه المملكة المتحدة أنها تزود الجنرال حفتر في ليبيا، بينما يبدو أن هذه الأسلحة تستخدم لقتل المدنيين في السودان على حسب فديو متداول على لسان المحدثه الامريكية تدعى جانيت .

كان مفاوضات الاخيرة التي دعوت لها واشنطن نموذجاً صارخاً لسياسة “التخدير الدبلوماسي” التي تتبعها الإدارة الأمريكية. فبحسب مراكز الدراسات الاستراتيجية، تهدف هذه السياسة إلى إطالة أمد النزاع من خلال الإيهام بإمكانية حل سياسي للسودان، بينما تستمر التطورات الميدانية في تغيير الوقائع على الأرض. هذه الآلية ليست جديدة في الدبلوماسية الأمريكية، فقد سبق استخدامها في نزاعات أخرى مثل اليمن وليبيا، حيث تم توظيف المفاوضات كأداة لكسب الوقت لصالح الأطراف المتحالفة مع واشنطن والدعم السريع . كما أن حديث بولوس عن “التفاوض غير المباشر” يأتي في إطار استراتيجية التضليل عن حقيقة المخططات الجارية، والتي تهدف إلى إضعاف القدرة التفاوضية للحكومة السودانية من خلال استنزافها في معارك متعددة الجبهات. والمفارقة أن قيادات من قوات الدعم السريع وكانت موجودة في واشنطن العاصمة في نفس الوقت، بما في ذلك شخصية تُدعى القوني وهي على قائمة الارهابين للولايات المتحدة، بينما كان المبعوث الخاص للأمم المتحدة يجتمع مع هذه الشخصيات ويدعو لحماية قيادات قوات الدعم السريع الفديو المتداول على الوسائط للمتحدثة الامريكية جانيت .

تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن الأوضاع الإنسانية في دارفور وكردفان تدهورت إلى مستويات كارثية غير مسبوقة، حيث يعاني المدنين من انعدام الأمن الغذائي، بينما انهار النظام الصحي بالكامل في معظم المناطق. المفارقة الصادمة أن المجتمع الدولي، رغم تحذيراته المتكررة من كارثة إنسانية، لم يتخذ إجراءات حاسمة لوقف التصعيد. فبحسب مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، فإن 90% من المحتاجين للمساعدة الإنسانية في السودان لا يحصلون على الحد الأدنى من المساعدات نتيجة إلى المعوقات الأمنية واين المناطق المناطق الامنة التي حررت اين كانت دارفور وهي محاصرة من المساعدات الانسانية. هذا العجز الدولي عن حماية المدنيين ومساعدتهم لم يأتِ بسبب نقص في الإمكانيات، بل نتيجة لخلافات أفقية بين القوى الدولية الفاعلة حول كيفية التعامل مع الأزمة وتحديد الأولويات. وتتعمق المأساة مع الأنباء عن استشهاد مرشدة مدينة الفاشر، أسيا الخليفة، التي قُتلت بدم بارد دون اي قانون يحمي الصحفيين ، بعد استهدافها من قبل الإمارات العربية المتحدة، بينما كانت تحاول الهرب من المدينة المحاصرة لإبلاغ العالم بما يحدث.

تكمن الخطورة الحقيقية لسقوط الفاشر في احتمال تمدد القتال مناطق اخرى، التي تمثل المعقل الأخير للدولة السودانية. هذا السيناريو تختطط له عملياً امريكا وحلفائها لتحيق ما ختطط له تقسيم السودان انهيار مفهوم الدولة المركزية وتحول السودان إلى كيانات متصارعة، على النمط الليبي أو الصومالي. وتشير تقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية الأفريقية إلى أن قوات الدعم السريع تتحضر لمرحلة جديدة من العمليات تستهدف ولايات الوسط كما قال بولس فيجب الحزر ، مما يهدد بانهيار كامل للدولة السودانية. هذا التمدد المحتمل لم يعد مجرد تخمين استراتيجي، بل أصبح واقعاً تُلمس مقدماته في التحركات الميدانية والاستعدادات اللوجستية المرصودة اين دور روسيا والصين.

يقف السودان اليوم عند منعطف تاريخي مصيري، فإما أن ننجح في الحفاظ على ما تبقى من مقومات الدولة الوطنية، أو نندفع نحو الهاوية في سيناريو يشبه ما حدث في ليبيا واليمن. التصريحات الأمريكية الأخيرة لم تعد تخفي نواياها، بل أصبحت جزءاً من استراتيجية الضغط المكشوف لفرض واقع جديد. المسؤولية اليوم تقع على عاتق النخبة السياسية السودانية لإدراك حجم المؤامرة والتحرك بشكل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. كما أن المجتمع الدولي مطالب بالخروج من صمته واتخاذ موقف حازم يحفظ ما تبقى من هيبة القانون الدولي ومبادئ السيادة. السودان الذي ظل صامداً عبر التاريخ أمام محطات كثيرة، يقف اليوم أمام اختبار وجودي يتطلب حكمة القادة وإرادة الشعب لاجتياز هذه المحنة المصيرية، خاصة في ظل الصمت الدولي المخيف تجاه استخدام أسلحة محظورة وتصاعد التدخلات الخارجية التي تهدد كيان الدولة السودانية بأكملها.
يجب الوقوف خلف قواتنا المسلحة واعلان التعبئة العامة دعوت من ثاني كل من يستطيع ان يحمل السلاح للوقف صف واحد القوات المسلحة مع الجيش حاملين شعار جيش واحد شعبا واحد.

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole