خاص : سودان 4نيوز
من منا لا يعرف كيف انتهكت المليشيا أجساد النساء في الجزيرة وسنار والخرطوم وكردفان ودارفور؟ تلك الجرائم التي امتدت كاللهيب في الجسد السوداني حتى بلغت الفاشر، المدينة التي صمدت في وجه الموت ثم ابتلعتها وحشية لا تشبه إلا الجحيم. في الفاشر، لم تكتفِي المليشيا بالقتل، لم تشبع من الدماء، بل تجاوزت حدود الفناء إلى اغتيال الكرامة نفسها. استباحت النساء، وداست على أجسادهن بوحشية لم تعرفها الأرض، واغتصبت الأطفال علناً، دون خوف من الله، ولا رهبة من مجتمعٍ يتداعى من هول ما يرى.لم تخفِ المليشيا جرائمها، ولم ترتجف من عيون الناس، بل مارست انتهاكاتها جهاراً، كأنها تريد أن تقول إن لا أحد في هذا العالم يستطيع أن يحاسبها. والواقع أن الأمم المتحدة نفسها تحدثت عن اغتصابات جماعية مورست علناً في الفاشر، في الساحات والطرقات، على مرأى ومسمع العالم الذي يكتفي بالبيانات، ويغسل يديه من الدماء بكلمات باردة.
في الفاشر، تحولت النساء إلى أهداف حرب، سلاحٌ من نوع آخر استخدمته المليشيا لتدمير المجتمع من الداخل، لإذلال الأسر، وتحطيم النفوس، وإخماد روح المقاومة. لم يكن الاغتصاب جريمة عابرة، بل كان أداة قهر وسيطرة، يُمارس في وضح النهار لإرسال رسالة واحدة: “نحن نملك كل شيء، حتى أجسادكم.”ومع كل ذلك، لم تكتفِ المليشيا بجرائمها، بل أجبرت بعض النساء على تسجيل اعترافاتٍ مفبركة، لتُحمّل القوات التي كانت تدافع عن المدينة مسؤولية الاغتصابات، محاولةً قلب الحقيقة وتزييف الوعي العام، بينما الضحايا ما زلن ينزفن ألماً وخوفاً ووصمةً فرضها مجتمعٌ صامت، ودول عاجزة عن التدخل ، وعالمٌ أعمى.
هذا التقرير لا يكتب من فراغ، بل من شهاداتٍ موثوقة لنساءٍ عشن الجحيم وخرجن منه بذاكرةٍ مشتعلةٍ بالعذاب. يوثق مشاهد الاغتصاب الجماعي، والاعتداءات الممنهجة، والاعترافات القسرية، ويحمل في طياته نداءً إنسانيًا لكل من لا يزال يملك ضميرًا في هذا العالم.
إن ما حدث في الفاشر ليس مجرد انتهاك، بل جريمة حرب مكتملة الأركان، جريمة في حق الإنسانية جمعاء، وصمة في جبين الأمم التي صمتت وهي ترى المليشيا تُمارس أبشع أنواع الإذلال ضد النساء والأطفال. الفاشر اليوم ليست مجرد مدينة أستبيحت، بل جرح مفتوح في جسد السودان، نازف بالصمت، والخذلان، والخوف.
…صمت الأمم المتحدة… إذن مباشر للمليشيا لمواصلة اغتصاب الفاشر
الأمم المتحدة تحدثت — لكن كلماتها كانت بلا دم، وبلا طعم للعدالة التي تمزقها صرخات النساء في الفاشر. الحديث عن بيانات ومواقف عاجزة في مواجهة اغتصابات جماعية مارستها مليشيا الدعم السريع علناً، وهو أمر لا يليق بمنظمةٍ تدّعي حماية الإنسان، بل يشي بعجزٍ أخلاقي وسياسي. الأجدى بالأمم المتحدة أن تترجم خطابها إلى فعلٍ قوي وحاسم: إرسال فرق تحقيق دولية مستقلة فوراً، فرض آليات حماية ميدانية، فتح ممرات إنسانية مؤمنة، وتفعيل آليات المحاسبة الدولية بما في ذلك إحالة الملفات إلى مدعٍ عام دولي أو المحكمة الجنائية لانها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. البيانات التي لا تتبعها إجراءات لن تعيد إلى النساء كرامتهن، ولن تردّ الأطفال عن رؤية أمهاتهن وقد دنّست أجسادهن؛ لا تصريح ولا بيان يعيد جسداً مسلوباً ولا يخفف شعور الألم.إذا كانت الأمم المتحدة جادة في مهمتها، فعليها أن ترفع من سقف تدخلها: تصنيف وحدات المليشيا المسؤولة عن الجرائم كجهات محظورة، فرض عقوبات فورية على قياداتها وعزلها دبلوماسياً، وتجريم كل محاولة لفرض اعترافات قسرية أو تزييف الحقائق. وإلا فلتسحب الأمم المتحدة أقوالها وتقرّ بأن كلماتها كانت مجرد طوفان من الحبر لا يكفي لسد جراح الفاشر. هذه مدينة جُرحَتْ، ونساءها وأطفالها يستدعون من لا ينامون على ضميرهم ليتحركوا الآن — ليس ببيانٍ روتيني، بل بخطواتٍ ملموسةٍ تحفظ ما تبقى من كرامة وتضع حدّاً لافلات الجناة من العقاب.
… ناجية تكشف وحشية المليشيا واغتصاب النساء أمام أعين أبنائهن..
لعل من أصعب اللحظات التي وثقتها في هذا التقرير التوثيقي كانت الجلوس أمام ناجية أشرت إليها هنا بالاسم المستعار س.م.، امرأة رُميت في قلب الاجتياح الوحشي لمدينة الفاشر، لتتحول حياتها إلى جحيم لا يُوصف. حاولت تهدئتها مرارًا، وقلت لها إن الحق لا يُمحى وإن الله لن يتركها، لكنها تحدثت بصوت منكسر يحمل وجع مئات النساء اللواتي صمتن قهرًا. قالت: “لحظة دخول المليشيا إلى الحي، اقتحموا المنزل، ضربوا زوجي أمامي حتى فقد وعيه ثم اعدموه ، تناوبوا على اغتصابي أمام أبنائي الصغار. لا أعرف كيف أواجههم بعد ذلك، كنت أدعو الله أن أموت ولا يراني أطفالي في هذا الموقف.
كانت س.م. تتحدث وملامحها شاحبة، تتألم بصمت من آثار ما جرى. وأكدت أنها تعاني اليوم من تهتّك حاد في عنق الرحم ونزيف مستمر، وإن لم تجد مستشفى أو عناية عاجلة فقد تفقد حياتها في أي لحظة. لكن كيف تصل إلى العلاج حيث ان المليشيا نفسها تسيطر على الطرق والمرافق الصحية تقول س.م. أيضًا إن هناك نساء ما زلن محجوزات داخل الاحياء تسيطر عليها المليشيا، وطفلات يُغتصبن بشكل متكرر داخل الفاشر، بلا رحمة، بلا قانون، بلا إنسانية. وأضافت أن بعضهن يُحتجزن كرهائن، ويُجبرن على تسجيل اعترافات كاذبة تُحمّل القوات التي كانت تدافع عن المدينة مسؤولية ما ارتكبته المليشيا نفسها، في محاولة لتزييف الحقائق وقلب الضحية إلى متهم.
ما روته س.م. ليس سوى فيض من بحرٍ من الانتهاكات الجنسية التي مورست في الفاشر، بحر من الألم والرعب لم يُوثق إلا جزء يسير منه. شهادتها تكشف عن جريمة مكتملة الأركان، تستخدم فيها المليشيا العنف الجنسي كسلاح حرب لتدمير النساء نفسيًا وجسديًا وكسر المجتمع من الداخل. إنها شهادة لا تصرخ فقط من عمق الألم، بل تُدين صمت العالم، وعجز الأمم المتحدة التي اكتفت بإصدار بيانات خجولة بدلًا من التحرك الفعلي لإنقاذ الأرواح وحماية النساء من الاغتصاب المتواصل،
إن توثيق شهادة س.م. لم يكن سهلًا، فكل كلمة كانت نزيفًا جديدًا، وكل دمعة سقطت منها كانت تروي فصلاً من فصول الرعب الذي تعيشه نساء الفاشر انستخدم الاسم المستعار س.م. لحمايتها من أي انتقام محتمل، وحرصًي على سلامتها، لكن قصتها ستبقى شاهدًا على واحدة من أبشع الجرائم التي ارتُكبت بحق المرأة السودانية في هذا القرن.
هذه ليست حادثة فردية، بل نموذج لجريمة ممنهجة مستمرة حتى هذه اللحظة. الفاشر اليوم تنزف بأجساد النساء ودموع الأطفال وصمت العالم. والمليشيا لا تزال تمارس القهر بلا رادع، بينما المؤسسات الدولية تكتفي بالإدانة اللفظية، وكأن البيانات يمكنها أن توقف نزيفًا أو تعيد كرامة امرأة انتهكت، أو تحمي طفلة تُغتصب كل ليلة في الخفاء.
……..
ما شهدته الفاشر ليس مجرد خبر أو حادثة، بل جحيم حيّ عايشته النساء والأطفال على أيدي مليشيا الدعم السريع بلا رحمة ولا قانون. الشهادات المتفرقة، وعلى رأسها شهادة س.م.، تكشف عن وحشية ممنهجة وجرائم بشعة ترتكب أمام الكاميرات وأمام صمت العالم. نساء أُغتصبن اغتصاب جماعيً أمام أبنائهن، لم يعدن تعرفن كيف تواجهن أطفالهن بعد أن رأوا أمهاتهم يُنهش جسدهن أمام أعينهم، وها هي احدهن تعاني اليوم من تهتك حاد في عنق الرحم ونزيف مستمر يهدد حياتها إن لم تحصل على علاج عاجل.وليس هذا وحده، فهناك نساء ما زلن محتجزات، وطفلات يُغتصبن يوميًا داخل المدينة، بلا حماية، بلا رادع، وبلا رحمة. المليشيا لم تكتفِ بالاغتصاب، بل أجبرت الضحايا على تسجيل اعترافات زوراّ تُحمّل القوات التي حاولت الدفاع عن المدينة مسؤولية الجرائم، محاولة لتزييف الحقائق وإخفاء الوحشية.
كل لحظة رعب عاشتها النساء، كل صرخة صامتة، كل دمعة، هي نداء للحقيقة والعدالة، ولوقف الانتهاكات قبل أن تتحول الفاشر بأكملها إلى مقبرة للمعاناة والكرامة المسلوبة. هذه ليست حادثة فردية، بل نمط مستمر من الجرائم المنظمة، تستخدم المليشيا العنف الجنسي كسلاح حرب لتدمير المجتمع نفسيًا وجسديًا.إن الصمت الدولي أو الاكتفاء بإصدار البيانات لن ينقذ حياة واحدة، ولن يعيد كرامة امرأة أو طفلة، ولن يمنع استمرار اغتصاب الأطفال يوميًا. المليشيا تتحمل وحدها كامل المسؤولية عن هذه الجرائم، عن كل دماء سالت، عن كل جسد تهتك، وعن كل طفولة سُلبت. الصمت اليوم ليس خيارًا، بل استمرار للقتل النفسي والجسدي، واستمرار للفظائع التي ترتكب أمام أعين الجميع.
على المجتمع الدولي والجهات المسؤولة التحرك فورًا: حماية النساء، إنقاذ الأطفال، ملاحقة قيادات المليشيا، وفتح تحقيق دولي مستقل يضع حدًا لهذه الجرائم البشعة. كل دقيقة تأخير تعني دماءً جديدة، ألمًا إضافيًا، وكرامة مسلوبة
هذه الصرخات ليست مجرد كلمات، إنها شهادات حية، صرخات متجمدة في الدم، نداء من أعماق الرعب والمعاناة، صرخة كل امرأة وطفلة تعرضن للاغتصاب، كل قلب حُرم الطفولة من حقها ، وكل مدينة ذُبحت تحت وطأة وحشية بلا رادع. الفاشر تنزف، والصرخات مستمرة، حتى يسمعها العالم كله، وحتى تتحرك يد العدالة قبل أن تُمحى كل آثار الإنسانية من هذه المدينة.




