تجاوزت الحرب العبثية المستهدفة للوطن والمواطن وثورته المجيدة العشرة أشهر، وتتصاعد معاناة المواطنين من عدم الاستقرار والأمن ونقص الغذاء والعلاج. وحسب بيانات الأمم المتحدة فقد نزح اكثر من 7.6 مليون شخص داخل وخارج السودان، كما تجاوز عدد القتلى 13 ألفاً، وأصيب عدد 26 الفاً، في جميع أنحاء السودان. وكادت منطقة بابنوسة غرب كردفان أن تخلو من السكان جراء القتال العنيف بين الجيش والدعم السريع مع التدهور المريع في الاوضاع الانسانية، كما نزح 509،800 شخص من ولاية الجزيرة، ويتواصل إذكاء نيران الحرب بين الطرفين بدعم اقليمي وتسليح للمواطنين بدعوى الدفاع عن انفسهم او ما يطلق عليه (معركة الكرامة) ماينذر بحرب اهلية تهدد وجود السودان.
وحسب أحدث تقرير من الامم المتحدة فإن اكثر من 20 مليون سوداني قد فقدوا مقومات الحياة. وتتفاقم معاناة المواطنين نتيجة التدهور الاقتصادي والشح في السلع الاساسية والغلاء الفاحش، وقد تراجع النمو الاقتصادي الى 18% بسبب الحرب وتدهورت قيمة الجنيه السوداني، ومؤخرا رفعت حكومة الامر الواقع سعر الدولار الجمركي من 650 الى 950 جنيه دون اعلان. وسوف يترتب على ذلك مزيداً من ارتفاع اسعار السلع الضرورية، ذلك مع التدمير والنهب الذي طال وسائل الانتاج في مناطق الحرب وعدم صرف اجور العاملين.
يسعى طرفا الحرب؛ الجيش ويقوده فلول النظام البائد، ومليشيا الدعم السريع، من خلال هذه الحرب المدمرة للوطن، القضاء على الثورة وكأنها لم تكن. فقد أصدر بعض ولاة الولايات قرارات بحل تنظيمات الثورة السياسية والخدمية من لجان مقاومة ولجان خدمات وتغيير، وقد ذهب الفلول الى أبعد من ذلك فقاموا بحل لجان المساجد كما حدث في الواحه محلية كرري! .
كل ذلك سعيا وراء اكتساب الشرعية المفقودة وعودة النظام القديم الذي لفظه الشعب؛ نظام التمكين وقهر شعب السودان، ولكن قوى الثورة قابلت القرار بالرفض والاستنكار فلجأت حكومة الأمر الواقع الى تأكيد شمولية القرار بأن أصدر وزير الحكم الإتحادي قرارا بحل اللجان على مستوى كل السودان. وتكوين لجان تسييرية لتعقبها عودة للوراء بتكوين اللجان الشعبية التى فشلت أبان الحكم البائد في خدمة المواطنين وكانت بوقا وعينا للمؤتمر الوطني المحلول، وطالها الفساد.
ايضا اجتمع مستشار مليشيا الدعم السريع فى محلية جبل أولياء مع لجان الخدمات والتغيير وسحب منهم الأختام التي يعملون بها وحل اللجان. إن هذه اللجان التي يحلها شركاء الحرب، هي لجان انتخبها المواطنون ديموقراطياً بعد انتصار الثورة وكانت عوناً لهم في السلم وفي الحرب بينما يذيق الطرفان المواطنين ويلات الحرب واهوالها.
أعقبت هذه الإجراءات حملة إعتقالات واسعة، وتعذيب واختفاء قسري نحو لجان المقاومة والخدمات وناشطين وقوى مدنية وصحفيين، بقصد إخفاء الحقائق وحجب المعلومات، وتم إستهداف عضوية الحزب الشيوعي منها مدير تحرير صحيفة الميدان هيثم دفع الله الذي ما زال معتقلا حتى الان.. وتجري حمله واسعة لإطلاق سراحه وكل المعتقلين ومنهم سيف جديد، ابو عبيده بله ومحمد عبد الرحمن. ويثمن الحزب عاليا حملة التضامن العالمية التي اطلقتها الاحزاب الشيوعية والمنظمات الصحفية والحقوقية الاقليمية والدولية، ويهيب الحزب بكل القوى الثورية والوطنية تصعيد الحملة لإطلاق سراحهم ولضمان سلامتهم وحريتهم.
بايعاز من قوى اقليمية، شرع مستشارو مليشيا الدعم السريع فى تكوين لجان ادارية بمثابة الحكومات المحلية المصغرة في المناطق التي سيطروا عليها وكمثال لذلك ما حدث في ولاية الخرطوم بتنصيب مستشار على رأس كل محلية من ستة محليات ومستشار بدرجه اقل في كل حي من احياء المحليات، ومهمة المستشار الإشراف على الخدمات من توفير مياه وكهرباء ورقابة على السلع بجانب المهام الاستخباراتية والتجنيد للعمل في الدعم السريع. وقد تم تكوين محكمة في محلية جبل اولياء بها مكتب شرطة ونيابة وقاضيين. كما تم تفعيل محاكم العمد والإدارات الاهلية وفي حي مايو تم فتح قسم للشرطة والإدارة الاهلية.
إننا في الحزب الشيوعي السوداني نرفض رفضاً قاطعاً قيام هذه الحكومات او الأشكال الادارية، فهي مؤشر لتقسيم الوطن وتفتيته وإضعافه للاستيلاء على مقدراته. ونضم صوتنا الى لجنة تسيير المحامين وبيانها الصادر في 18 يناير 2024م والذي أوضح عدم دستورية وقانونية إعلان وتسمية القائمين على امر السلطة القضائية والنيابة العامة والشرطة لمخالفتها الفصل بين السلطات وإستقلال القضاء وسلطة ومعايير وشروط خدمة القضاء وان التعيين تحكمه القوانين.
إننا نرى ان الشرعية الدستورية والسياسية قد انتهت منذ يوم انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 2021 ؛ بما في ذلك الحكومة التى نعتبرها اليوم حكومة الأمر الواقع.
المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني
30 يناير 2024م.