*زمن القرارات الثقيلة… لا مكان للتردد* *د. عبدالعزيز الزبير باشا* *1/12/2025*

في لحظات التحوّل الكبرى، الأمم التي تتقدم هي تلك التي تأخذ الكتاب بقوة—لا مجازًا فقط، بل كمنهج حكم، وموقف دولة، وطريقة إدارة للأزمات. السودان اليوم يقف أمام واحدة من أهم لحظاته منذ اندلاع هذه الحرب، ومع التحول الواضح—والمتأخر لكنه واقع—في المزاج الدولي لصالح موقف الدولة وقيادتها، لم يعد مسموحًا لنا أن نتعامل مع اللحظة بخفة أو بتردد يخدم غيرنا أكثر مما يخدمنا.

*القضية بسيطة:*
هناك خيط رفيع، دقيق، بالكاد يُرى بين القرار المتهور والقرار السريع المبني على معلومات صحيحة ومعطيات كاملة. الفرق بينهما هو الفرق بين دولة تصنع مستقبلها، ودولة تُساق جرًّا إلى مستقبل يصنعه الآخرون لها.

القرار المتهور قد يرتاح له البعض لأنه “سريع” و“حاسم”، لكن الحسم ليس صراخًا… الحسم معرفة. أما القرار السريع المبني على تحليل، قراءة، واستفادة من كل ورقة قوة متاحة، فهو ما يرفع دولة إلى مصاف اللاعبين لا المتفرجين.

اليوم، هناك فرصة تاريخية.
الدعم الدولي المتزايد للخرطوم ليس صدقة، وليس تغيرًا عاطفيًا، بل نتيجة لنضج الرواية السودانية، وثبات مؤسسات الدولة الرصينة، وصلابة موقف القوات المسلحة، وإصرار الشعب الذي رأى بأمّ عينيه ماذا يعني غياب الدولة وماذا يعني إنتشار ميليشيا الدعم السريع المتمردة ناهيك عن مفهوم تكريس الفوضى عبر ادعاء اكذوبة السيطرة التي تدعيها هذه الميليشيا الإرهابية عبر بعض داعميها من المجتمع الدولي الكذوب . والإقليم—على ثقله وطبائعه—بدأ يدرك أن السودان ليس ساحة تُترك للفوضى، وأن الخرطوم حين تستعيد زمام المبادرة، تغيّر موازين أكثر مما يتوقعه البعض.

لكن كل هذا لن ينفع إذا ضاعت اللحظة.
السياسة الدولية لا تنتظر أحدًا. التحولات ليست أبوابًا تُفتح للأبد. غالبًا ما تأتي، تقف قليلًا، ثم تغلق. والمرن هو من يدخل قبل أن تُغلق، لا من يبقى واقفًا يراقب المفصلات.

من موقع المتابع الذي أمضى سنوات في دهاليز السياسة الإقليمية والدولية، أقول بلا تردد:
الوقت الآن هو وقت القرارات الثقيلة—القرارات التي تُبنى على وقائع لا على تمنيات، على حسابات دقيقة لا على ضغوط ظرفية.
• قرارات تعزّز سلطة الدولة لا تُربكها.
• قرارات تفرض سيادتها لا تتنازل عنها.
• قرارات توجه المشهد الدولي بدل أن تتأثر به.
• قرارات تظهر أن الخرطوم تعرف تمامًا ماذا تريد وكيف تصل إليه.

ولأن الصراحة مطلوبة:
التردد مكلف… والتأجيل قاتل… والفرص حين تضيع لا تعود إلا بشقّ الأنفس. سرعة القرار ليست مشكلة، المشكلة الوحيدة هي اتخاذ قرار بلا معلومة، بلا وزن، بلا قراءة. أمّا القرار السريع المدروس فهو ما تبنى به الدول وتنتزع به احترام الخصوم قبل الأصدقاء.

السودان اليوم أمام لحظة نادرة:
بوصلته واضحة، جيشه ثابت، شعبه صامد، والمشهد الدولي—ولو جزئيًا—بدأ يرى الحقيقة كما هي. ما تبقى هو أن تعكس القيادة روح أخذ الكتاب بقوة: وضوح، حسم، وثقة مبنية على حسابات لا مجازفات.

اللحظة ليست للاختبار، بل للاستثمار.
والقائد الحقيقي هو من يلتقط اللحظة قبل أن تلتقطه الظروف…
لذلك نردد دوما…
*خذ الكتاب بقوة يا ريس…*
خلفك شعب مجالد ابي بطل و مؤسسات رصينة راسخة لا تخون العهد ولا تهاب الموت مهما عظمت التضحيات…
*وطن و مؤسسات…*
*السودان أولا و أخيراً…*

*د. عبدالعزيز الزبير باشا*
*1/12/2025*

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole