*دولة القانون*
*ود المهدي والدقير [1]”*
بقروب منبر الفكر والسياسة أرفق السياسي الشاب الرزين عروة الصادق مقطعاً منسوباً للمهندس الصديق الصادق المهدي القيادي بحزب الأمة القومي والأمين العام لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)، فحوى المقطع أن الصديق المهدي يأخذ على مندوب السودان بالأمم المتحدة أنه، أي السفير، لا يمثل حكومة شرعية، وأن الشرعية منتفية منذ انقلاب أكتوبر 2021″. ذات المعنى وفي وقت سابق صدر عن نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني المهندس خالد عمر يوسف. ولعل من المناسب وقبل أن نناقش مفهوم الاعتراف في القانون الدولي أن نعرّج لعنوان المقال، والذي كنت أود أن أخصصه للرد على المقال الذي تصدي فيه المهندس عمر الدقير مدافعاً عن اتهام الكاتب والروائي السوداني المعروف عبد العزيز بركة ساكن وتحميل ساكن قحت والجنجويد المسؤولية عن كل قطرة دم سقطت بسبب هذه الحرب. بالطبع وبحكم أنني هذا الصباح كنت قد مررت برد بركة ساكن على المهندس عمر الدقير، فسوف أحتفظ بحق التعليق على مفهوم المسؤولية السياسية في مقال قادم على أن نفرد هذا المقال لمفهوم الاعتراف في القانون الدولي والدستوري ثم نعود للدقير في سياق ذي صلة.
كمدخل للقارئ عن القانون الدولي فهو قانون ينقسم إلى: *دولي عام*: وهو الجزء المعني بالعلاقات بين الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، *ودولي خاص*: وبه مناط أن يحكم العلاقة بين مواطني الدول في معاملاتهم وأحوالهم الشخصية. فقهاء القانون الدولي العام كانوا لا يمنحون الاعتراف لأي دولة عضو في الأمم المتحدة أو أي حكومة دولة مستمتعة بالعضوية إلا إذا كانت هذه الدولة أو الحكومة نشأت بطريقة شرعية. بالطبع ولأن القانون الدولي ولأغراض التعامل مع الشرعية يتبنى مفاهم فضفاضة تتأرجح حسب الأهواء والأطماع والمصالح وما تبرره الدول الخمس الكبرى المستفيدة، دون غيرها، بحق النقض (الفيتو)، فإن مفهوم الشرعية في المحافل الدولية أصبح محكوم بموقف الدول الكبرى من أي دولة أو الحكومة الجديدة، وذلك بغض النظر عن رأي الشعب. معظم فقهاء القانون وفي ضوء سلوك الولايات المتحدة الأمريكية، تحديداً، وجدوا أن الاعتراف لم يعد يعتمد على التصريحات الرسمية أو إرسال السفراء، بقدرما السلوك الظاهر من الرغبة في التعامل والتواصل الفعلي. تبلور هذا المفهوم بحكم أن كثير من الانقلابات على معظم الأوضاع الدستورية إبان الحرب الباردة كانت بتحريض ودعم من أحد المحورين. هذه العصابة ورغماً عن كونها من ناحية تشجع وتعترف بالأنظمة الانقلابية، بل وترسل سفرائها لاعتمادهم بواسطة زعماء الانقلابات تعود ذات الدول الكبرى وتتعامل مع المعارضة التي لا تفرق بين الاعتراف كمفهوم قانوني ودستوري ومفهوم المعارضة السياسية لأنظمة تحكم أو تتسلط كأمر واقع. الغريب في تصريح كل من الصديق المهدي وخالد عمر يوسف أنهما كانا قد أعدا وروجا ووقعا مع رئيس الانقلاب ونائبه الاتفاق الإطاري وذلك بمباركة وحضور كل من رئيس بعثة الأمم المتحدة، سفير الولايات المتحدة الأمريكية، سفراء الاتحاد الأفريقي والأروبي بالإضافة إلى سفيري دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. يجدر بالذكر أن حتى الأمم المتحدة من ناحية قانون دولي سمحت لرئيس الانقلاب أن يخاطبها نيابة عن جمهورية السودان وذلك لأن اتفاق حمدوك – البرهان واستقالة الأول طوعاً عن منصبه لم تجعل المجتمع الدولي يصنّف البرهان وحميدتي انقلابيان لأغراض مفاهيم القانون الدولي. بالطبع، ولأغراض المعارضة السياسية ومناهضة الانظمة الدكتاتورية، فإن الاعتراف بمفهوم القانون الدولي لا يترتب عليه سقوط الجرائم بالتقادم أو الإعفاء من العقاب طبقاً للقانون الجنائي وما ستقرره الأوضاع الدستورية المستقبلية.
بعد انقلاب الخامس عشر من أكتوبر وبناء على دعوة كريمة من بعض أعضاء المجلس العام لمبادرة “*كلنا معاكم آمهات وآباء لدعم الثورة*” وبدار الدكتور مصطفى عوض الكريم بضاحية المنشية الخرطوم وفي حضور المهندس عوض الكريم محمد أحمد والبروف خالد ياجي وشخصي الضعيف كممثلين للمجلس العام للمبادرة طلبنا والتقينا بقيادات المجلس المركزي للحرية والتغيير، فحضر الصديق المهدي، طه عثمان اسحق، وجدي صالح، شريف محمد عثمان وعلاء الدين نقد وممثل للتجمع الاتحادي لا أذكر اسمه. في الاجتماع المذكور أوضحنا لمركزي الحرية والتغيير بأن الشارع موحد ضد الانقلاب وسينشق بسبب إصرار مركزي الحرية والتغيير احتكار السلطة سيما في ضوء إرهاصات كانت تشير إلى بدء مفاوضات سرية مع الانقلابيين بتيسر من عضو لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس “مولي في”، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
23 يونيو 2024