*محافظ بنك السودان المركزي برعي الصديق  هناك اتجاه لتغيير العملة*

محافظ بنك السودان المركزي برعي الصديق

هناك اتجاه لتغيير العملة

*معالجة الخلل في سعر الصرف في ايجاد مصادر بديلة لتمويل العجز بعيدا عن بنك السودان

*البنك المركزى والبنوك استعادت كل بياناتها التاريخية*
*الحكومة وضعت يدها على شركات مليشيا الدعم السريع خاصة العاملة فى مجال التعدين*

*استيراد المواد البترولية من السوق الموازي كان ولازال له أثر كبير على عدم استقرار سعر الصرف*

*حوار _ بورتسودان _ سمية سيد*

منذ اندلاع الحرب على السودان في منتصف أبريل من العام ٢٠٢٣ تاثرت الأوضاع الاقتصادية بصورة كبيرة جدا ، وتدهورت المؤشرات الاقتصادية وأوضاع الناس المعاشية . لكن وبرغم ذلك لم ينهار الاقتصاد لتنهار الدولة السودانية كما رغب مشعلو الحرب.
اخبار السودان جلست مع محافظ البنك المركزي السيد برعي آلصديق علي وحاصرته بالاسئلة الصعبة فيما يخص بنك السودان المركزي وكيفية الخروج من الأزمة
قبل وبعد الحرب
-قبل الحرب .. يقول برعي الصديق.. كان اداء المؤشرات جيدا ، حيث انخفض التضخم من 423٪؜ في يوليو 2022 إلى 63٪؜ في مارس 2023 . كما حدث استقرار في سعر الصرف غير مسبوق لدرجة ان الفارق بين أسعار البنوك والسعر المواز اصبح اقل من 1٪؜ . وشهدت تلك الفترة بيع أوراق نقدية من العملات الاجنبية بواسطة المواطنين وقطاع الأعمال إلى بنك السودان المركزي .
– كيف حدث ذلك والمعلوم ان الأوضاع قبل الحرب لم تكن جيدة ؟
-حدث نتيجة اتباع البنك المركزي سياسة نقدية انكماشية ركزت على امتصاص فائض السيولة في الاقتصاد الناتج بشكل رئيسي في ذلك الوقت من استدانة الحكومة لتمويل عجز الميزانية العامة . كما أسهم وجود محفظة السلع الاستراتيجية في استقرار سعر الصرف في حدود 580 جنيه للدولار . واسهم كذلك توفير النقد الأجنبي بواسطة البنك المركزي البنك المركزي لكافة مستوردي السلع الأخرى خلافا للسلع الاستراتيجية في الحد من الطلب على النقد الاجنبي من السوق الموازي .
الموقف اثناء الحرب .. يقول محافظ البنك المركزي .. توقفت محفظة السلع الاستراتيجية لعدة اسباب . كما فقدت وزارة المالية 80٪؜ من مصادر ايراداتها من ضرائب وجمارك وغيرها مما دعاها للاستدانة من بنك السودان المركزي وذلك لمقابلة سداد مرتبات القوات النظامية إبتداءا من أبريل 2023 وحتى الان . كذلك توقف البنك المركزي عن توفير النقد الاجنبي لمستوردي السلع الضرورية كما كان يحدث في السابق .
يضيف المحافظ .. استيراد السلع بدون تحويل قيمة ( Nil Value) ادى إلى تدهور قيمة العملة الوطنية ، وكان ولا زال اثر استيراد المواد البترولية من موارد السوق الموازي هو أحد أهم العوامل المؤثرة على عدم استقرار سعر الصرف
معالجة هذا الوضع وبحسب راي محافظ بنك السودان برعي تكمن في التركيز بشكل أساسي على ايجاد مصادر بديلة لتمويل عجز الميزانية العامة بعيدا عن بنك السودان وذلك بالبحث عن موارد خارجية وزيادة التحصيل الضريبي بإدخال الفئات التي لا تدفع ضريبة للدولة .. العلاج الثاني هو توفير وحشد موارد نقد اجنبي لتمويل الاستيراد الضروري من مصادر بعيدا عن السوق الموازي وكذلك لاستيراد السلع الاستراتيجية وعلى رأسها المواد البترولية ، وذلك لان تكلفتها المالية عالية جدا وتؤثر بشكل اكبر على عدم استقرار سعر الصرف.
من ناحية اخرى يجب ترشيد الصرف العام وتوقف تدفق السلع الهامشية التي يتم تحويلها من موارد خارجية ( تجار العملة) عليه قرر البنك المركزي انشاء محفظة لتوفير النقد الاجنبي لاستيراد السلع الاستراتيجية بالشراكة مع بنك الخرطوم والبنوك الاخرى متى ما توفرت لديها موارد، اضافةً للمستثمرين المحليين والأجانب للحد من الطلب على النقد الاجنبي من السوق الأسود .
– هل تعتقد ان المحفظة يمكن ان تكون العلاج الناجع لتدهور سعر الصرف؟
-بالطبع لا .. مالم تتمكن وزارة المالية في ايجاد مصادر بديلة لتمويل عجز الميزانية العامة ووقف تدفق استيراد السلع بدولار من خارج الجهاز المصرفي.. هذا من جانب الطلب ، اما من جانب العرض فيجب ان تركز سياسة الدولة على الإحاطة بمعدن الذهب ، وهذا ملف تشترك فيه اكثر من جهة وهي الشركة السودانية للموارد المعدنية ..وزارة المالية .. بنك السودان.. الامن الاقتصادي وحكام الولايات .. وهذا يتطلب جهد إضافي كبير لا يقتصر فقط علي الأجهزة الامنية والشرطية.
اما العامل الرابع لاستقرار سعر الصرف فهو الحد من المضاربات في العملة ، وهناك جهد كبير يقوم به البنك المركزي لمحاصرة هذه الظاهرة من خلال تحليل حركة الحسابات في البنوك الكبيرة بشكل مستمر . وقد اصدر بنك السودان منشورات قوائم حظر مصرفي شامل للعملاء المشتبه بهم بالتنسيق الكامل مع الهيئة الاقتصادية بجهاز المخابرات العامة .
– تعتمدون على الاجراءات الإدارية والقبضة الامنية وهي اجراءات لم تفلح طيلة السنوات الماضية؟
-غير صحيح . بل بالعكس عمل البنك المركزي منذ بداية الأزمة على سد الثغرات في اكثر من جهة . وتم تعديل معظم سياساته واتخذنا سياسات مرنة ومنها اننا سمحنا بصادر خام الذهب، وعدلنا ضوابط الاستيراد والتصدير والتمويل وخلافه بما يتوافق مع الوضع الراهن، واعدنا نظام الصادر والوارد وهو نظام الكتروني، ونقوم الان بتركيب المحول القومي للقيود الجديد الذي تم استيراده من الخارج.
– لكن كيف ترفع المسئولية عن البنك المركزي في اهم اختصاصاته وهو استقرار سعر الصرف؟
-نعم البنك المركزي هو المسؤول عن ادارة سعر الصرف بحكم القانون ، لكن العوامل المؤثرة على سعر الصرف كثيرة ولا يتحكم فيها البنك المركزي أو يتحمل المسؤوليةعنها لوحده.
قبل الحرب اعتمد البنك المركزي في ادارة سعر الصرف على توظيف احتياطاته من النقد الاجنبي والذهب لكن هذه الأداة من ادوات السياسة النقدية لم تعد متاحة الآن.

– من الواضح ان هنالك اشكاليات وتقاطعات بين اجهزة الدولة فيما يختص بسعر الصرف والسياسات الاخرى؟
-القطاع الاقتصادي لم يغفل هذه الحقيقية ، وظل في اجتماعات مستمرة للتشاور والتنسيق بين مختلف مكونات الحهاز التنفيذي لادارة الأزمة الاقتصادية في كلياتها وليس فقط ادارة سعر الصرف، ولايزال هذا التنسق مستمرا ، ونرى بعضاً من نتائجه تتحقق على الارض مثل قرار المجلس السيادي الخاص بوقف التسويات التي كانت تقوم بها الجمارك لتخليص البضائع المستوردة من موارد من خارج الجهاز المصرفي.
وهناك مراجعات ستصدر عنها قرارات تتعلق بضبط تجارة الحدود. اضافة إلى انشاء محفظة السلع الاستراتيجية التي نتوقع ان تسهم بشكل كبير في استقرار سعر الصرف.
خلاصة القول ان البنك المركزي لم يتوقف عن مراجعة سياساته ولا عن التفكير في آليات تسهم في تحسين مؤشرات اداء الاقتصاد ، ولكن هناك عوامل كثيرة خارج سيطرة البنك المركزي لا يتحكم فيها وتقع خارج نطاق مسئولياته. فوضع الحرب اقر واقعا جديدا املى علينا ضرورة التكيف معه بطرق لا تتوافق في كثير من الأحيان مع أهدافه وسياساته.

.

مقالات ذات صلة