# قلت له: هذا الوجع.. وهذه الماسأة.. يمنعانك حتى من النظر في تلك الوجوه المتوحشة الكالحة، ناهيك عن الجلوس معها.. وتبادل الحديث.. حيث رائحة الدم التي تحيط بك من كل جانب والخسة التي تمشي على قدمين..!
# لم يكن (مبلوعا) ولا (مقبولا)، على الاطلاق، أن تسارع الاغلبية من أهالي منطقة الهلالية، تحديدا، ومع بدايات اجتياح اوباش المليشيا المتمردة لولاية الجزيرة، إلى عقد اتفاق وعهد وميثاق مع من لا عهد لهم ولا امان ولا اخلاق بثمة عشم أن ذلك الاتفاق سوف يحفظ الأرواح ويصون كرامة انسان المنطقة.
# ظلت مدينة الهلالية بعيدة عن الانتهاكات طيلة فترة الاحتلال.. ولم تتعرض للبطش والتنكيل أسوة بمناطق اخرى، الا بعد اطلاق احبولة فيلم (عودة الابن الضال) ابو عاقلة كيكل، فتم نقض الاتفاق واغراق الميثاق غير المكتوب في عرض النيل الازرق.. فدفعت المدينة المهر الغالي من دماء الشهداء الذين وصل عددهم إلى أكثر من 500 شهيدا، إضافة الى اولئك الذين أصيبوا وجرحوا ونزحوا وكذلك الحرائر اللواتي انتهكت عروضهن ومسحت بكرامتهن الأرض.
# كل هذا الذي حدث، ويقطع نياط القلب السليم، نعده من اقدار الله، اذ لم تسلم أي بقعة من أرض السودان دخلها هؤلاء الملاقيط من الانتهاكات، ولكن ما يغيظ حقا، ويصيب المرء بكل الامراض المهلكة والمحزنة، هو قدرة بعض المواطنين في تلك المناطق المنكوبة على التعاطي وممارسة (التعريض) والانبطاح لقيادات المليشيا المتمردة، يكفينا استدلالا ذلك الفيديو الذي يظهر فيه عدد كبير من مواطني منطقة أبو عشر والهلالية الذين تناسوا كل ما تعرضوا له في الأيام الفائتة ولم يجدوا حرجا أو إحساسا بالخجل وهم يستقبلون أحد صعاليك المليشيا المتمردة المدعو (ابوشوتال) الذي تم الترحبب به بحفاوة لا تبدو مصطنعة في ظل الالم الذي ينبغي أن يعتصر قلوب أبناء المنطقتين، كما تم كذلك الاستماع لخطبة ابوشوتال الكذوبة والانفعال بها وكأنه يتحدث بلسان صدق عن حرصهم على سلامة المواطن وراحته، مبينا بأن تلك هي توجيهات القيادة العليا للمليشيا، حاثا المواطنين في أبو عشر والهلالية على مساعدتهم في توفير المهندسين للشروع عمليا في إعادة التيار الكهربائي، بينما كان بعض حملة المباخر من حزب التعريض يهللون ويكبرون له وهناك من يرد له التحية بأن زيارته لهم، والإشارة هنا للمتمرد الصعلوك ابو شوتال (أثلجت صدورهم) ولا ادري كيف أُثلجت هذه الصدور الميتة، ودماء الشهداء مازالت ساخنة وأنين الجرحى والثكلى وصراخ الاطفال في كل ناصية وكل زقاق من أزقة المدينة ؟ فيا ترى كيف غفروا وحدثتهم أنفسهم بارتكاب هذا الجُرم خاصة وأن المتحدث يفعل تلك الانتهاكات الفظيعة بكل أريحية، وكنا سنجد العذر لمن يتعاطون مع المليشيا بعد كل ما ارتكبته باعتبار أنه يخشى على نفسه، لولا أن حجم الجرائم التي ارتكبتها المليشيا في حق انسان تلك المناطق لا يمكن أن ينسى أو يغتفر، فكيف اطمأنت أنفسكم مجددا، ايها السادة، لهؤلاء القتلة الذين لا عهد لهم ولا ميثاق.. ؟
# اخيرا.. يا ترى كيف قطع المجرم ابو شوتال المسافة ما بين سنجة حاضرة ولاية سنار إلى مدينتي أبو عشر والهلالية في ولاية الجزيرة.. ؟ هل استخدم نفس طاقية الاخفاء التي كان يستخدمها ابو عاقلة كيكل ؟ ام أن الفيديو قديم وتم استخدامه للمزيد من الاستفزاز ؟ ام ماذا هناك ؟ ادفع بهذا السؤال لأن الطريق ما بين سنجة ومدن الجزيرة كافة، مغلق تماما وقد فرضت القوات المسلحة حصارا محكما بعد تحرير جبل موية ومحليتي الدندر والسوكي.. !!