السودانيين على يقين بأن استقرار بلادهم كما يريدونه ليس من ضمن أولويات الغرب، هذا الواقع تأكد اثناء هذه الحرب مراراً، وها هو ملء السمع والبصر اليوم.
أمَّا الأسوأ، فإنه “الاستقرار” الوحيد الذي يريده الغرب للسودان هو الاستسلامَ الكاملَ لمعاييره في إدارة الدولة والموارد،الغرب يريد ان يكون الراعي الاحتكاري لموارد السودان وموقعه الاستراتيجي، أما فظائع الإبادة، وتهجير الملايين، وتغيير الخرائط السكانية ، وتدمير آخر بقية باقية من ثقة جدية بتعايش سلمي بين السودانيين، يمكن ان يكون دافعاً جيداً للمضي قدماً في احتلال السودان عبر بند “حماية المدنيين” .
مسلسل المآسي في الجزيرة ودارفور مستمر، على الرغم من المناشدات الشعبية للمجتمع الدولي التي لا تغير في واقع الحال شيئاً،إنه سيناريو مرسوم بدقة ، لتنفيذ مشروع القرار البريطاني الذي أسقطه “الفيتو” الروسي قبل أيام.
حيث إتجه الغرب عبر وكيله الإقليمي إلى تنفيذ خطة بديلة، بعد سقوط مشروع القرار البريطاني ، و هي لعبة “مرور الوقت” وخلق وقائع على الأرض يستحيل تجاهلها كما يصعب تقبّلها، وذلك بارتكاب المليشيات للفظائع وجرائم الحرب بهدف تهيئة المسرح لاستقبال قوات “حماية المدنيين”.
وفي حين يطغى الارتباك على السودانيين الموزعة هواجسهم في مختلف الاتجاهات، يدخل الوكيل الإقليمي “الإمارات” إلى سيناريو جديد، وهو الاتجاه إلى الاتحاد الإفريقي لإدخال قوات قوات أفريقية إلى السودان .
بالفعل .. بدأت الإمارات اتصالات مخابراتية ببعض الدول الافريقية ، حيث طلبت زيارة الرئيس الصومالي إلى “أبوظبي” ، حاولت اقناعه بدعم مشروع قرار افريقي بتدخل عسكري في السودان، وايضاً زار وزير الدولة بالخارجية الاماراتيه “شخبوط بن نهيان” جنوب السودان و جمهورية “أفريقيا الوسطى”، وهناك زيارات متوقعة إلى “تشاد” واثيوبيا”.
الوفد الإماراتي الذي يتجول في افريقيا يضم سكرتير “البشير” الأسبق “طه عثمان الحسين” الذي يحمل جواز سفر جمهورية “الكونغو الديمقراطية” ، و يستغل علاقاته بالمجتمع الإفريقي التي تشكلت ابان نظام “البشير”، الوفد يسعى لخلق إجماع إفريقي ضد السودان .
نحن، وسط ارتباكِنا ومآسينا، نأمل اليوم بمعجزة ، تغير موقف الغرب تجاه الأزمة السودانية، مع انتقال الحكم في واشنطن من إدارة “بايدن” التي فشلت في تحقيق أي إنجاز يُذكر في كل ملفات المنطقة… إلى قيادة “ترامب” التي يشك كثيرون في نيّاتها لاعتماد حلول مجدية بنّاءة للازمة السودانية.
وفي الجانب الآخر حال نجحت “الإمارات” في خلق إجماع إفريقي ضد السودان ، بلا شك .. سيؤثر ذلك على موقف “روسيا” والصين”،لأن مصالحهم في إفريقيا لا يمكن المغامرة بها لأجل السودان.
هنا لا بد من المصارحة بأنَّ لدى “اللوبي الغربي” غاية وادوات، في حين لا وجود لـ”لوبي” مقابل يدعم مصلحة السودان، بل ثمة تحالفات متناثرة متعددة الأهداف والأجندات.
في ذات الوقت، يعمل الوكيل الاقليمي “الامارات” جدياً في زعزعة الاوضاع بالسودان، حيث وصلت الأمور إلى حد استجلاب مرتزقة “الجيش الأحمر ” الكولومبي، وهي مليشيا حاولت القيام بانقلاب عسكري فاشل في كولومبيا، وأصبحت عناصرها مطاردة ، احتوتها الإمارات وباتت تستخدمها.
والحال ايضاً ، أن ” اللوبي الغربي” يحاول أن يقطف ثمار عقود من “الاستثمار الذكي”والصبور في كسب ولاء شخصيات السلطة وتجمّعات السياسيين ، والمجموعات الإعلامية وبعض الشخصيات الناشطة في مفاصل القرار السياسي، وقام بتفعيل نشاط منظماته المخابراتية ، كمنظمة “برومديشن ” الفرنسية التي حاولت لعب نفس الدور في “مالي” تحت شعار المصالحة السياسية، هذه المنظمة تعمل الآن على تدعيم النفوذ الفرنسي في افريقيا وخاصة السودان ، وتحديداً دارفور ، التقت قبل أسابيع بحاكم اقليم دارفور “مني اركو مناوي” ونفذت ورشة عمل حول “شرق السودان ” بالقاهرة ، وتعمل الآن على تنظيم ورشة نهاية نوفمبر الجاري، أعلنت شخصيات سياسية بارزة المشاركة فيها، وهم “مبارك الفاضل”، “جعفر الميرغني” وآخرون .
وفي هذا تلميح واضح إلى أن “اللوبي الغربي” عبر وكيله الإقليمي “الإمارات” يسعى إلى تغيير الخرائط والاحتلال الدائم الذي من شأنه ليس فقط القضاء على فرص السلام في السودان، بل أيضاً على صدقية شعاراته، ودعاويه لحماية المدنيين.
محبتي واحترامي
https://www.facebook.com/share/p/1GPKuN7xCQ/