*بينما يمضي الوقت* *أمل أبو القاسم تكتب : المصائب تجمعنا المصابينا*

صدقا فإن ( المصائب تجمعنا المصابينا ) وقد تجسد ذلك واقعا بالأمس وكل السودان شرقا وغربا شمالا وجنوبا يخرج فرحا بتحرير مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، كيف لا وهي التي منيت بفظائع وانتهاكات المليشيا التي اذلتها واذاقتها صنوف الأذى والعذاب. من منا لم تعلق بذاكرته تلكم الصور والمقاطع الموجعة التي تحوى فظائع مذلة لرجال وشيوخ وأطفال غررت بهم كلاب المليشيا وحيوانات الغاب التي خلت من أي ذرة إنسانية. مجزرة (ود النور ) عنوان سيخلده التأريخ لمجلد يكتب بأحرف دامية ما فعلته مليشيا الدعم السريع المدعومة دوليا بأهل الجزيرة طبعا هذا بخلاف كل شبر وطأته اقدامها النجسة. وكيف لا وكل أهل السودان أصابهم سهم المليشيات بشكل أو بآخر.

(ود النورة) يا الله من (ود النورة) وما شاكلها في المصاب. بالأمس وجيش السودان العظيم ومعاونيه يسطرون ملحمة بطولية تأريخية كانت الزغاريد تتعالى هنا وهناك من ذات الحناجر التي كانت تنتحب قبيل أيام وأشهر. بالأمس اعتصر هؤلاء المصابون ألمهم وفي لحظات سكرى رقصوا وغنوا لجيشهم وهللوا وكبروا واختلطت الدموع، كما اختلط وجدان الشعب السوداني أجمع بالداخل والخارج وانداحوا في الطرقات يعبرون عن فرحة عارمة، ولسانهم لا ينفك من تريد (جيش واحد شعب واحد) مع الاناشيد الوطنية. بكاء، وضحك، وذبائح ، واغماءات، وصراخ، كل تلكم الأحاسيس المتناقضة جسدها تحرير ولاية الجزيرة أمس.

(جيش واحد شعب واحد) هذه العبارة الموسومة بالصدق والمحبة الخالصة والإدراك بقيمة الأمن والأمان ابرزتها هذه الحرب اللعين، التفاف غير مسبوق حول الجيش السوداني، وعندما نقول الجيش نجمع معه كل من حمل السلاح ضد الأعداء من كل الأطياف والسحنات والقبائل يجسدون معنى القومية ويعكسون مدى اللحمة الوطنية والاجتماعية في مجابهة كل من يمس الأرض والعرض، وكل ما من شأنه انتقاص كرامة إنسانه، وحفظ ترابه حتى تحرير كل شبر فيه من دنس ( الملاقيط).

الله على جيش السودان وعلى أبنائه الخلص من العمل الخاص، والمشتركة ( مورال فوق)، والمستنفرين الذين تداعوا من كل حدب وصوب شباب ويافعين تلبية لنداء الواجب، وقد بذلوا الأرواح رخيصة.

الله من جيش ظل ينافح وحده لعشرين شهر حسوما دون مساندة أي من جيوش الدول بما فيها تلكم التي شارك في حروبها والتاريخ مترع بهكذا تعاون، ومع ذلك خاض حربه وحده، وأي حرب تلك التي تكالبت فيها عشرات الدول تدعم المليشيا جهرا وبعضها سرا.

هذا هو جيش السودان التليد الذي يتبين يوم بعد آخر لماذا كانوا يستهدفونه؟ لتأتي الإجابة منساقة خلال المعارك الضاربة في عدد مقدر من أجزاء السودان بأنه جيش قوى، عنيد، مصادم، أبي، صلب لا تلين له قناة ولا ينكسر بسهولة مهما كانت أدوات الأعداء. فكان وضمن مخططتهم تقزيم هذا المارد أولا حتى يسهل لهم الطريق لتنفيذ مخططتهم.

الآن بفضل الله وبعد أن حبست الأنفاس لأيام وليال طوال ها هو الجيش ومعاونيه يزرعون الأمل والابتسامة على وجهوه أهل السودان قاطبة، ومن مدني إلى ما تبقى في يد عصابة ( آل دقلو) وكلنا شهود على انهيار المليشيا الذي تجلى في عدد من المواقف.

التحية بقدر حبات الرمل للجيش السوداني ومسانديه، التحية للشعب السوداني الصابر الذي تحمل كلفة الحرب بجلد رغم المعاناة والتشرد. ويبقى الأمل في العودة إلى الديار قريبا والسودان شامخ عزيز ونحو مستقبل انضر.

مقالات ذات صلة