تعتبر العيادات الميدانية حجر الأساس في العمل الصحي الطارئ، حيث تستهدف المناطق التي لا تتوفر بها الخدمات الصحية الأساسية الثابتة، كالمناطق الطرفية ومواقع الكوارث والنزوح واللجوء كما هو الحال في السودان حاليا في ظل تعرضه للحرب التي خلفت ملايين النازحين.
ولأن صندوق إعانة المرضى الكويتي يعمل منذ تسجيله في العام 1986م أصالةً في تعزيز وإسناد النظام الصحي، فهو بذلك يمتلك خبرة طويلة في كل أوجه العمل الصحي الثابت والمتحرك، وتشهد له بقاع السودان المختلفة.
وتحتفظ ذاكرة الصحة السودانية بمئات القوافل والمخيمات الصحية التي نفذها صندوق إعانة المرضى الكويتي داخل وخارج السودان في أحلك الظروف والمحن والخطوب، ويقدم جيش الصندوق الأبيض تضحيات كبيرة في سبيل توفير الخدمة الصحية للمحتاجين رغم المخاطر والتحديات، وهذه (ود أبوك) في تسعينيات القرن الماضي تحكي جزءاً من المخاطر.
وفي فترة الحرب حظيت مشاريع العيادات الميدانية للنازحين بعناية وأولوية لحاجة الناس الماسة لها سيما في المعسكرات ومراكز الإيواء حيث تمثل لهم طوق نجاة، يخفف من الأمراض وقائياً وعلاجياً، ويحرص الصندوق على التنسيق مع مفوضيات العون الإنساني ووزارات الصحة فى تنفيذ هذه المشاريع.
عشرات العيادات الميدانية التي نفذها الصندوق للنازحين في فترة الحرب، استفاد منها مئات الآلاف من النازحين والمجتمعات المستضيفة، قدَّم خلالها خدمات مقابلة الأطباء والفحوصات المعملية وصرف الأدوية وخدمات التمريض وتعزيز الصحة والتمريض والصحة النفسية بالاضافة الى نظام إحالة الحالات التى تحتاج للمستوى الأعلى من الخدمة الطبية.
كنا الأيام الماضية ضمن وفد المدير التنفيذي للصندوق في زيارة إشرافية لعيادة قرية 6 عرب بمحلية نهر عطبرة بولاية كسلا والتي جاءت لتقديم الخدمة لنازحي قرى شرق الجزيرة، الزيارة تؤكد حرص الإدارة العليا للصندوق على تقديم خدمات صحية ذات جودة عالية، تسهم في تحسين الاوضاع الصحية للمرضى خصوصا الاطفال وكبار السن من الرجال والنساء .
شملت الزيارة كذلك مستشفى القرية الريفي والوقوف عليه، وجرى نقاش مع إدارته حول الاحتياجات والنواقص لضمان استقرار خدماته، زيارة الوفد للمستشفى تشير لرؤية الصندوق لتحقيق التنمية الصحية المستدامة من خلال تقديم خدمات مستديمة ومباشرة، وتطوير الكوادر الطبية، وتعزيز التوعية الصحية المجتمعية.
إدارة الشؤون الصحية بمحلية نهر عطبرة متمثلةً في مديرها الذي رافقنا في الزيارة، وإشاداته بمستوى الخدمات المقدمة عبر العيادة للنازحين والقرى التي حولها، لافتاً لإسهام العيادة في التخفيف على النازحين وأسرهم.
هذه العيادة تعتبر واحدة ضمن عشرات العيادات التي تقدم خدماتها في مواقع النزوح والمناطق التي تم تحريرها، ففي نهر النيل وسنار والجزيرة والقضارف وكسلا وشمال كردفان تستمر أنشطة العيادات عطاءاً يحكي واحدة من صور الإنسانية وبث الأمل وأن الدنيا ما زالت بخير.
كل هذه العيادات الميدانية تقدم خدماتها الصحية مجاناً للمستفيدين الذين يقابلون هذه الخدمات البسيطة بالدموع والدعاء وتلهج ألسنتهم بالشكر لكل من دعم وساهم وساهر لتخفيف الآلام ورسم البسمة، ونزجي صوت شكر لدولة الكويت والجمعيات الكويتية (صندوق إعانة المرضى، العون المباشر، آفاق الخير، بصائر، الشيخ عبدالله النوري وغيرها) والتي ظلت تقدم النماذج في البذل والعطاء، وهذا باب نحتاج أن نساهم فيه جميعاً بمالنا ووقتنا، كيف لا وأنت تسهم في تحقيق مقصد هام من مقاصد الشريعة الإسلامية التي دعتنا جميعاً للحفاظ عليها، وهي النفس والتي تعتبر أصلاً في حفظ بقية المقاصد.