لو قعدنا مع بعض حوالين ست الشاي في شارع النيل و قلنا نلقي حل لجذور الأزمة السودانية، لبدأتكم بالقول: “السودان ليس دولة بلا شعب، بل شعب بلا دولة”. لذلك، الحل لا يكمن في توقيع اتفاقيات و رؤي بين النخب، بل في إعادة بناء العقد بين المواطن وأرضه.
في خطوات مهمة بعد الوصلنا ليهو و وعيناهو من الحرب دي:
*أولًا:* خلونا نوقف النزيف و نعي انو المصالحة بتبدأ من الجذور
كيف نصنع سلام بين ناس جعانيين؟اكيد ما حيكون بالمؤتمرات، لكن ممكن نجمع شيوخ القبائل تحت الشجرة في القرية ، ليقسموا على إنهاء الدم بالدم، ويبدو بحفر بئر ماء مشترك يروي أرضهم قبل قلوبهم. المصالحة هنا لن تكون وثيقةً تُوقع، بل أرغفة خبز تُخبز في فرن القرية، يشارك في إشعال ناره الجميع.
*ثانيًا:* الديمقراطية ليست صندوق اقتراع.. بل حكاية تُروى
لننتخب، نعم! لكن قبل ده، لنعِد تعريف الوطن لطفل و شاب في دارفور لم يرَ في حياته سوى الخراب. كيف؟ بأن نفتح مدارس في كل قرية تُعلم التاريخ بلغات محلية، وتجعل من التنوع قصصًا يُفتخر بها، لا سببًا للاقتتال. الانتخابات الحقيقية تبدأ عندما يعرف المزارع في كردفان أنو صوته حيُغيّر سعر الموبايل الذي سيبيعه، لا مجرد اسم يسكن في قصر الرئاسة.
*ثالثًا:* الجيش: من صاحب السلطة إلى خادم التراب
لنحوِّل الجيش من مُستهلكٍ لثروات الدولة إلى رافدٍ للاقتصاد: جنودٌ يبنون الطرقات والسدود، ويحمون المحاصيل، ابناء الأرض، حماة الأمة ودرع تنميتها، سواعد تبني السدودَ وتشقُّ الطرقات، وتُصانُ بهم ثرواتُ الوطن الزراعية والصناعية كي تزهو البلاد بعزٍّ وفخر.
*رابعًا:* الاقتصاد: عندما يصبح القرض بلا فوائد
الذهب السوداني سرقتو البنوك، وحرقوهو المضاربون. الحل؟ أن نصنع اقتصادًا من لون التراب: نقود محلية تُطبع في كل ولاية، تُغطى بمحاصيل أهلها لا بالدولار. قروضٌ صغيرة لشاب عايز يزرع “بامية” في أرضو، ستُنهي أحلام الهجرة أكثر من ألف خطاب سياسي.
*خامسًا:* لن يتكرر الماضي إذا حوّلناه لى غنية
في كل أزمة سودانية، هناك لحنٌ مكتوم. لنُسجل ذاكرة الألم في أغانٍ تذاع عبر الإذاعات المحلية، ولنصنع من المأساة مسرحًا يجول القرى. عندما يسمع الجلاد ضحك أطفال كانوا ضحيته، سيعرف أن زمنه ولى.
الخلاصة:
السودان لا يحتاج لخارطة طريق، بل لـ “خارطة قلوب”. طريق الحل يمر عبر رغيف خبز تُعجنه أم في أي قرية من قري بلادنا، وصرخة طفل عايز مدرسةً ما سلاح. هل نستطيع أن نبدأ من القاع؟ الإجابة عند من يجرؤون على تحويل السياسة من لعبة النخب إلى حكاية الشعب.
*نزار خيري*