*الذكرى ٤٢ لاستشهاد الشريف حسين الهندى*

 

فى الليلة الظلماء يفتقد البدر .
فى اللحظات العصيبة و المفصلية فى تاريخ الشعوب و بخاصة عندما تتشابك الدروب و تتعقد حبالها وتطمس معالمها ، عادة ما يكون الرجوع إلى الإرث و إلى الأصل عبر سبر أغوار التجربة النضالية خير معين للخروج برؤية قيمة و مفيدة تصبح نبراسا و بوصلة تقود إلى الإتجاه الصحيح و السليم.
واقع بلادنا المزري و المحزن و الذى نعيش تفاصيل وقائعة المؤلمة منذ سنوات يقودنا إلى حديث عن ذكرى رحيل القائد المناضل الشريف حسين الهندي- طيب الله ثراه – التى تمر هذه الأيام و نحن فى أشد الحاجة لأخذ العبر و الدروس منها و العزيمة على السير فى طريق الوطنية الحقة و الصادقة.
منذ مطلع سبعينات القرن الماضي كان بناء الحزب الإتحادي الديمقراطي على أسس تنظيمية من القاعدة إلى القمة فى شبكة شعبية ، جماهيرية ، مهنية ، و نقابية مستندا على قاعدة فكرية تخاطب قضايا الوطن فى معظم المحاور ، مستصحبة قيم و موروثات المجتمع فى تلاقح مع تجارب الشعوب الأخرى فى الإقليم و فى العالمين الشرقي و الغربي.
كانت الفكرة أن يبنى الحزب على الجيل الناهض- جيل المستقبل – الذى يشكل الطلاب عموده الفقري و لذلك أعطى الشريف روابط الطلاب الإتحاديين إهتمامه الأكبر فى داخل السودان و فى دول المهجر و بعث عددا من خريجى رابطة جامعة الخرطوم إلى تلك الدول حتى يملكوهم تجربتهم التنظيمية و أن يقدموا لهم النصح و المشورة و بعد سنوات قليلة كانت تلك الروابط فى مقدمة الحركات الطلابية فى معظم دول العالم و ذات تفرد و دور قيادي و رقما مهما فى حركة النضال الوطني.
و بعدما قويت شوكة تلك الروابط و أشتد عودها و أستوى ، أصبح الهدف الرئيس فى عقد مؤتمر جامع لتلك الروابط ، ملحا و حاضرا فى ذهن القائد المناضل الشريف بإستمرار ، بغرض تمليك قيادة الحزب لجيل الشباب على هدى تلك الأهداف التى رسمت سلفا، فكرا مسطرا و مسموعا .
و صار الإعداد لمؤتمر أثينا متاحا لاسيما بعد فوز الحزب الإشتراكي الديمقراطي اليوناني عام ١٩٨١ لما لدى الحزبين من علاقات وطيدة .
و وفق عمل سري تم الإعداد للمؤتمر عبر عمل دؤوب إستمر لمدة أربعة أشهر و بنفس تلك السرية حضرت وفود تمثل روابط الطلاب الإتحاديين من السودان ، مصر ، المملكة المتحدة و إيرلندا ، بلغاريا ، ليبيا ، العراق ، سوريا ، رومانيا، فرنسا ، ألمانيا، أسبانيا و اليونان .الجزاير .المغرب إضافة إلى قادة الحزب فى الداخل و الخارج.
إنعقد المؤتمر فى مدينة خالكيذا عاصمة جزيرة أيفيا اليونانية و بحماية سرية من الحكومة اليونانية و إستمر لمدة أربعة أيام و كانت كل جلسة مخصصة لإحدى الروابط و قدمت أوراق مهمة حظيت بنقاش مستفيض و خرجت بتوصيات مهمة و قيمة و كان من المفترض أن يتحدث فى الجلسة الختامية الراحل المقيم الشريف حسين و الذى طلب أن يظل المؤتمر فى إنعقاد لحين حضوره من المملكة العربية السعودية ليقول كلاما مهما كما وعد فى آخر إتصال معه من مطار عمان فى عصر يوم ٨ يناير ١٩٨٢.
و كانت إرادة الله هى الغالبة، فقد رحل فى عصر اليوم التالي ٩ يناير بسكتة قلبية بعد وصوله بساعات قليلة الى اثينا تاركا وصيته الخالدة( أبقوا عشرة على القضية السودانية و عضوا عليها بالنواجذ )
و برحيله لم تنتهى رحلته النضالية و لم تمت أفكاره و لن تندثر أثارهما، بل هى رسالة و أمانة و فرض عين لكل وطنى غيور على وطنه و لكل مؤمن بقيم و مبادئ الحرية و السلام و الشفافية و الديمقراطية فى معناها العريض. واخيرا كانت الرغبة و الحماس كبيرين بعد سقوط الانقاذ ان يحتفل بذكرى الشريف في نفس الزمان و المكان (٩يناير :جزيرة خالكيذا) باليونان املا في ان يدفع مثل هكذا لقاء :القيادات و الشباب و الطلاب والمرأة الاتحادية في ان يلتئم شملهم و تسود روح الرواد والقادة المؤسسين في وحدة الصف وجمع الكلمة ولكن ظروف البلد حالت دون ذلك ويظل الامل كبيرا وحاجة الوطن اكبر لانجاح هذا المسعى
*وختاما*
ليس هناك أبلغ و اكثر أثرا و تأثيرا من كلمات شقيقه الراحل الشريف زين العابدين فى حقه لتكون مجرد محاولة ميسرة و مختصرة للجيل الحالي ليأخذ بعض سيرته و مواقفه هاديا و دليلا للعمل الوطني و الحزبي .