اقتراح قطر، وتركيا، وعمان، أسواقاً جديدة وبديلة لبورصة دبي..
إشادة واسعة بالقرار لما يمثله من انتصار للسيادة الوطنية..
مطالبات بمعالجة التعقيدات التي تواجه الصادر..
الحكومة تؤكد اهتمامها بتشجيع المستثمرين من خلال الأسواق الجديدة..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
أوقفت الحكومة السودانية تصدير الذهب إلى دولة الإمارات العربية وبدأت في البحث عن أسواق جديدة وبديلة، وقال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي دكتور جبريل إبراهيم، في المنبر التنويري الذي درجت على تنظيمه وكالة السودان للأنباء إن الحكومة تتجه لفتح أسواق جديدة لتصدير الذهب لدول قطر والسعودية ومصر وتركيا وسلطنة عمان، واعترف دكتور جبريل أن 80% من الذهب تنتجه شركات القطاع الخاص في السودان، وتضطلع بمسؤولية تسويقه، مبيناً أن الحرب التي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع في الخامس عشر من أبريل 2023م قد تسببت في عدم اكتمال مشروع البورصة التي كانت ستحدث نقلة كبيرة في إنتاجية الذهب من خلال محاصرتها لعمليات التهريب، وأكد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي أن الدولة وضعت يدها على كل المناجم التي كانت تديرها المليشيا وتقوم بتهريب الذهب من منجم “سنغو” بولاية جنوب دارفور، منوهاً إلى اهتمام الحكومة بتشجيع المستثمرين من خلال الأسواق الجديدة التي سيطرق السودان أبوابها لتصدير الذهب بدلاً عن الإمارات.
استمرار التصدير للإمارات:
وظلت الإمارات منصةً مهمة لتسويق الذهب المنتج في السودان رغم التوتر الذي يضرب علاقة الخرطوم بأبي ظبي على خلفية ضلوع الأخيرة في الحرب الدائرة في السودان منذ نحو سنتين من خلال دعم وإسناد الإمارات لميليشيا الدعم السريع، وأقرَّت الحكومة السودانية بأن جزءً كبيراً من صادر الذهب مازال يتجه إلى الإمارات التي يفضلها الكثير من مصدري القطاع الخاص، وذلك عطفاً على التسهيلات التي تقدمها الإمارات، وتنعكس إيجاباً على الخدمات المقدمة من بورصة دبي، مقارنةً بأسواق أخرى تواجه فيها إجراءات الصادر وفقاً لمصدرين بعض التعقيدات والصعوبات، خاصة فيما يتعلق بالمشاكل التقنية التي أفرزتها الحرب وفي مقدمتها انقطاع شبكات الاتصالات وضعف وتذبذب شبكة الإنترنت، وهو أمرٌ ينعكس سلباً على حركة التداول، حيث يفضل التجار السودانيون بيع الذهب إلى الإمارات لسهولة التمويل، رغم أن الحكومة السودانية لا تفرض قيوداً جغرافية على صادرات الذهب، حيث توافق الحكومة على تصدير المعدن النفيس إلى جميع الدول، وعدم احتكاره في دولة واحدة، ويصدر السودان نوعين من الذهب، الأول هو تصدير السبائك الذهبية في شكلها النهائي، وأما النوع الثاني فهو تصدير المشغولات الذهبية والتي تعطي أبعاداً اقتصادية قيمة مضافة تزيد الحصيلة التصديرية للدولة.
صدمة قوية:
ويشكل قرار الحكومة السودانية بإيقاف صادر الذهب إلى دولة الإمارات صدمة قوية في وجه دويلة الشر، وسيكون للخطوة انعكاسات سلبية على حركة التداول في بورصة دبي باعتبار أن الإمارات ظلت المشتري الرئيس لصادر السودان من الذهب، حيث ظلت بورصة دبي تلتهم كل الذهب الذي يتم تصديره من السودان قبل اندلاع الحرب المتورطة فيها دولة الإمارات، وكانت آخر إحصائية رسمية صدرت من بنك السودان المركزي كشفت عن شراء الإمارات كل الذهب الذي تم تصديره في النصف الأول من العام 2022م، والتي بلغت حوالي 1.31 مليار دولار أميركي، حيث بلغت الكميات التي أشترتها الإمارات بحسب الموجز الاحصائي لتجارة السودان الخارجية للنصف الثاني من العام المالي 2022م، وفقاً لبنك السودان حوالي 21.832 كيلو غراماً من الذهب الخالص، وهو يزيد عن ما تم تصديره لذات الفترة من العام 2021م بحوالي 5 كيلو غرامات، ولم يختلف الحال حتى بعد اندلاع الحرب، ارتكازاً على الأسباب التي تم استعراضها آنفاً، وبالتالي فإن بورصة دبي ستعاني حرماناً من كميات كبيرة من صادر الذهب السوداني كانت تشكل قيمةً مضافة للتداول داخل البورصة.
بورصة الدوحة:
وكان السودان قطع شوطاً مقدراً للدخول في سوق قطر كبديل لبورصة دبي، حيث دفعت الحكومة السودانية في مايو من العام الماضي 2024م بمقترح إلى الحكومة القطرية لإبرام صفقة لإنشاء مصفاة للذهب في دولة قطر وذلك بعد أن دمرت الحرب مصفاة الخرطوم والتي تعرضت والتي تعرضت إلى نهب عشرات الأطنان من الذهب الخام من قبل ميليشيا الدعم السريع التي ظلت تسيطر على منطقة المصفاة منذ بواكير الحرب، ورغم أن مذكرة التفاهم المعنية لم ترَ النور، فإن محللين اقتصاديين يرون أن حرص الحكومة السودانية على مقاطعة الإمارات اقتصادياً ستكون حافزاً على تفعيل الاتفاق المبرم إيذاناً بانطلاق الكيان الاقتصادي الجديد للاستثمار في مجال الذهب بين الخرطوم والدوحة، معتبرين أن الخطوة ستتيح لرجال المال والأعمال القطريين إيجاد موطيء قدم لهم في سوق الذهب السوداني، وهو الأمر الذي سيثير القلق في أوساط بورصة دبي التي تحصل على معظم الإنتاج من المعدن الأصفر السوداني مما جعل الإمارات تستحوذ على ثلث تداول الذهب عالمياً، هذا فضلاً عن تميزها بالتنوع والقوى الشرائية المرتفعة.
ارتياح واقتراح:
ويرحب خبير اقتصادي بخطوة الحكومة السودانية الساعية إلى حرمان الإمارات من صادر الذهب السوداني والبحث عن أسواق بديلة، وقال الخبير الاقتصادي الذي فضّل حجب اسمه في إفادته للكرامة إن ما طرحه وزير المالية والتخطيط الاقتصادي من خيارات بديلة لبورصة دبي ليست موفقة، فهي حسب رؤيته دول تماثل السودان لكونها دولة منتجة، وستعمل إعادة تصدير الذهب السوداني وليست سوقاً نهائياً للذهب، مطالباً بضرورة التعامل مباشرةً مع سويسرا، والهند، وتركيا، وإيطاليا، وعدد من دول شرق آسيا باعتبارها أسواقاً معروفة على مستوى العالم في مجال الذهب، وتعتبر من الدول الرئيسية في إنتاج صناعة المشغولات الذهبية والمجوهرات، منوهاً إلى أهمية ألا يكون هناك إرباك لسوق الصادر السوداني وذلك من خلال وضع الحلول الكفيلة، واستحداث كل ما من شأنه عدم المساس بمستوى نشاط الصادر من الذهب السوداني.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد وجد قرار الحكومة إيقاف تصدير الذهب إلى دولة الإمارات ارتياحاً نفسياً في الأوساط السودانية لما يمثله القرار من انتصار للسيادة الوطنية، قبل أن يكون ضغطاً اقتصادياً على دويلة الشر، بحرمانها من التمتع بصادر الذهب السوداني الذي كانت تستغل عوائده بطريقة غير مباشرة في قتل المزيد من السودانيين عبر دعمها وإسنادها لميليشيا الدعم السريع المتمردة، وإنّا من المجرمين منتقمون.