طالعت مقالا عاهرا بعنوان عاهر كتبه القيادي بالعدل والمساواة والناطق الرسمي بإسم الحركة حسن إبراهيم فضل ونشر في الصفحة الرسمية للحركة ، وقد كان موضوع المقال ردا على حديث القائد كيكل قائد قوات درع السودان عن حقوق مزارعي مشروع الجزيرة والتزامات وزارة المالية تجاه مشروع الجزيرة، وبالطبع لم يكن الهجوم ضد حركة العدل والمساواة كحركة خرجت من رحم الحياد لبراح الخندقة في الولايات الآمنة وتلقف تمويل المجهود الحربي، ولكن كان الانتقاد والهجوم ضد وزارة المالية الاتحادية التي كان وزيرها في يوم ما مأمون بحيري وفي يوم آخر الشريف حسين الهندي، ولم يأت هؤلاء عبر قبائلهم للوزارة وإنما ببرامجهم وأفكارهم ومنظوماتهم الحزبية.
لكن ما دعى الناطق باسم العدل والمساواة للرد هو أن الحدود قد تلاشت تماما بين الوزارة والحركة والقبيلة والأسرة ، فصار من يستهدف الوزارة تستهدفه آليات القبيلة والحركة والأسرة بكل الأسلحة ومنها اللغة الغثة التي نثرها المدعو حسن فضل في مقاله المتشنج والمحشو بباطل الحديث وبُتّابه، ويتناسى الكاتب في نطقه الكذوب بإسم المؤسسة ذات الرؤوس والمستويات الأربع (الوزارة،الحركة، القبيلة، والأسرة)، يتناسى أن مؤسسته هذه هي مليشيا بالأساس لا يغير من ذلك لبس قادتها لربطات العنق ولا حبل علاقتهم الممدود بالإسلاميين ولا مسكهم لقلم (الشقاء) الذي صلوا به الشعب السوداني البائس بالجبايات والأتاوات ولم يبق لهم إلا يفرضوا الجزية على شعبنا الخارج من صغار مليشيا الأسرة المحتلة لصغار مليشيا الحركة الجابية .
جبريل ابراهيم عميد الأسرة ووزير المالية ورئيس الحركة وشقيق مؤسسها يمارس مهامه ويحيط نفسه بأخوته الأشقاء وغير الأشقاء، وحولهم أنسباؤهم وأصهارهم ومعرضيهم الصغار وحاملي الشنط، مع كثير من الصحفيين وحارقي البخور ونافخي الكير، هذه المؤسسة تدار العلاقات فيها وفقا للمصلحة الزبائنية لا غير، فليس هنالك برنامج سياسي ولحسن الحظ ليست ثمة أيديولوجيا غير أيديولوجيا المال.
في أيامي التي قضيتها بمدينة بورتسودان تيقنت أنه لتستطيع العيش في هذه المدينة والتي يصح أن يطلق عليها (بورتو جبريل) لكي تستطيع العيش بسلام واستقرار يلزم أن يكون لديك صديق واحد على الأقل ينتمي ل (القبيلة المجاهدة) والذي بالضرورة سيكون عضوا قياديا بحركة العدل والمساواة وكذلك بالضرورة سيكون مستشارا بشكل ما أو مساعدا لموظف ما بوزارة المالية، وبذلك سيكون عليما بكل الطرق التي يمكنك عبرها إستخراج التصاديق والإعفاءات والاستثناءات وحيازة امتيازات الإستيراد والتصدير والتعدين والتخليص والتمليص والت*&* وغيره، وهذه الأشياء هي غالب إقتصاد الذين تقطعت بهم سبل العيش في بورتو جبريل ..
يتحدث الشعب السوداني كله عن ماذا تفعل الحركات المسلحة خارج إقليم دارفور ؟ ولماذا يهاجمون كيكل؟ كيكل يدافع عن حق مواطنيه ويتحدث بإسم مشاكلهم وقضاياهم، ويتهم مؤسسات الدولة بالتقصير في حقهم، ويأتي الناطق بإسم الحركة ليرد نيابة عن الدولة !! أنا لا أعد الرد الذي نشره محافظ مشروع الجزيرة ردا على حديث كيكل، وإنما هو إملاء من الحركة له للتملص من واجبه في القيام بدوره والمطالبة بحقوق مزارعي المشروع بنفس الطريقة التي نطق بها كيكل، لكن ما ينطق نيابة عن محافظ المشروع ليس ضميره وإنما مخاوفه من اللوبي الذي يتحكم فيه، اللوبي الذي يمتلك المواقع الإلكترونية والصحفيين ومقدمي البرامج ويمتلك حتى قروبات الواتساب، اللوبي الذي يمارس الابتزاز ضد كل من يخرج من الحزية ليعيده صاغرا لحظيرة رباعي (الوزارة/ المليشيا/ القبيلة) ، فالذين يصفون انحياز حركة جبريل بأنه موقف وطني لا يعرفون الفرق بين الوطني والانتهازي، فالخروج عن الحياد كان موقفا انتهازيا ذكيا في توقيته وطبيعته وطريقة تنفيذه ، ولا أعتقد أن الحركات اليوم تريد أكثر من الذي كسبته خلال فترة الحرب هذه ، وهي ليست بحاجة لأكثر من ذلك، وقد تضخمت لديها المكاسب وتضخمت معها الصراعات والاتهامات بالمحاباة والمحسوبية وكل مجموعة تحمل سكينها خلف ظهرها تخشى بأن الأخرى وتتحسب لما (يدفنه) لها الآخرون، وهذا الأمر من عوامل الفناء الحتمية التي تصيب كل الداخلين لإمتحان السلطة .
فالشعب السوداني كله يعرف أن حركة جبريل وأهله أذكى من أن تغامر بتحدي الدولة والوقوف ضدها ، وكذلك أذكى (بحسابات العقل التجاري) من أن تنخرط بكلياتها في مغامرة يمكن خسارتها حتى وإن كانت لصالح الدولة ، فكل الذي تمارسه الحركة والوزارة هو في هامش اللعب المتاح والمباح، والمايسترو يعلم ذلك جيدا ويصرح به مقابل دور كبير في خطة أكبر، فالمعلوم أن المايسترو لا يهتم بالتدافع الطبيعي بين المكونات ولا الصراعات الصغيرة ، فهو متفرغ لتجويد (الكش مات سكولر) وهي عملية مكونة من أربعة (حركات) كما يعلم لعيبة الشطرنج ..
وما يجدر ذكره أن حركة جبريل والتي يصف متحدثها كيكل ب المتمرد المليشي ، هي حركة فشلت في أن تكون متمردة وفشلت في أن تكون حاكمة، فتمردها الأول انتهي نهايتان أولها في فشل غزو أم درمان الذي يحتفلون به سنويا باسم (الذراع الطويل) حيث دحرتهم هيئة العمليات والنهاية الثانية في قوز دنقو حين دحرهم جيش الدولة بمساندة (مليشيا الجنجويد) ، وبعد ١٥ أبريل جربوا الحياد الجبان وعندما أتضحت الصورة أنخرطوا في المعركة ليكسروا شرط الترتيبات الأمنية الذي يمنع التجنيد الجديد فجندوا عشرات الآلاف من المقاتلين واستولوا على العشرات من مناجم التعدين وأسسوا شركات للمضاربة في كل شئ لتمويل تسليحهم وتشوينهم وحوافز مقاولي الأنفار الذين يوظفونهم والصحفيين الذين يتصدون للحملات المناهضة لتجاوزاتهم، وكذلك الذين يصمتون عنها ..
ومتحدث حركة العدل والمساواة الذي يتشدق بإسناد كافة جرائم مليشيا ال دقلو بالجزيرة للقائد كيكل ، لم يغيب عن باله أن حركته بنت نفسها وطورت تنظيمها على التمرد والقابلية للتمرد والارتزاق في ليبيا وتشاد وغيرها، وإلا فما الداعي لحشد المقاتلين والسلاح خارج مناطق القتال وخارج مناطق مسار دارفور؟؟ وقد أتت الحركة ودخلت تسوية الحكم عبر إتفاقية تتضمن تمثيلهم لإقليم دارفور وحكمه ومن باب أولى الدفاع عنه والتضحية في سبيل أمنه وسلامة إنسانه ..
إن قوات درع السودان والقائد أبو عاقلة كيكل يدافع عنه مواطنيه وحاضنته السياسية والمجتمعية في كل السودان، وهؤلاء كلهم مراقبون جيدون للوضع الأمني والعسكري ويعرفون أين يقف الآن القائد كيكل وقواته وماذا أنجز وماذا كسب مما حققه؟ والقائد كيكل لا يمتلك أي آلة إعلامية تجعل باطل فعله حقا، ولا تقولب حق أعدائه باطلا، فالحكم الشعب السوداني الذي يعرف من يتقدم الصفوف َممن يكسر الصناديق، ومن يقدم الشهداء والجرحى ممن يقدم التصاديق والجبايات الظالمة؟ الشعب السوداني يريد من كافة القوات القيام بدورها في معركة الكرامة والتخلي عن مطاردة مكاسب الدنيا وتقريب الموالين ورفعهم فوق رقاب الناس واستغلال سلطات الدولة في تمكين المجموعات السياسية والكيانات المجتمعية .
ومحافظ مشروع الجزيرة المهندس الزراعي الذي يتصدى للدفاع عن حركة العدل والمساواة ووزارة الحركة مثله مثل عبد السلام الشامي الديناصور السياسي الذي أستقطبوه مع آخرين للسيطرة على شركة الأقطان واتحاد مزارعي مشروع الجزيرة والمناقل والنقابات التي تمثل المواطنين والمزارعين، وحديث المحافظ الخائر عن قانون ٢٠١٤ مع ضعفه وتهافته وتفاهته هو حديث ضعيف بسبب أن قانون ٢٠١٤ نفسه ينص على أن تتولى وزارة المالية الإشراف والرقابة على مشروع الجزيرة لضمان استخدام الموارد المالية بكفاءة، كما تشارك الوزارة في التخطيط المالي للمشروع ، بما في ذلك وضع الخطط المالية الميزانيات،. وكذلك توفر الدعم المالي للمشروع لتنفيذ مشاريع التنمية والبنية التحتية، كذلك من واجبات الوزارة تجاه المشروع أن تعمل على حماية حقوق المزارعين ، بما في ذلك حصولهم على الدعم المالي والخدمات اللازمة،. كما تتولى تحصيل الإيرادات الناتجة عن المشروع ، بما في ذلك الضرائب والرسوم، وتعمل على حماية حقوق المستثمرين، بما في ذلك حصولهم على العوائد المالية المتوقعة.
فهل يعقل أن يتغاضى محافظ المشروع عن كل تلك الواجبات المهملة من وزارة المالية ويقفز للدفاع عن الوزارة ويبرئها من التقصير فقط لأن يريد أن يزيل الحرج السياسي عن رئيس حركة العدل والمساواة ؟؟ هل يعقل أن نرتضي بعد اليوم محافظا للمشروع يحول المشروع لمكتب من مكاتب حركة العدل والمساواة هو واللوبي المرافق له من حبرتجية الحركة المحايدة ؟؟
يوسف عمارة أبوسن
٢٦ أبريل ٢٠٢٥