في صباح تحرر فيه القلب من شجون الأيام، وتزينت الأرواح ببياض التكبيرات، أطلت علينا قناة Sniper كأنها غيمة محملة بالعطر والحنين، تسقي أرواحنا الظامئة لشي من الوطن، وشي من الفرح، وشي من دفء لا يشترى.
في ثاني أيام العيد، لم تكن الشاشة مجرد نافذة، بل كانت حضنا. كانت مثل جدة تفتح ذراعيها لنا بعد سفر طويل، وتهمس: “تعالوا، العيد عندي مختلف”.
كانت برمجه العيد اغنيه طويلة، كتبتها Sniper بحبر من ذوق، وصاغتها بمفردات من قلب الوطن.
عوض الكريم عبد الله، ذاك الصوت المجبول من تراب الحواري وذكريات الحفلات، أطل علينا لا كضيف، بل كترنيمة عتيقة، كحنين يعرفنا واحدا واحدا. حكى عن بداياته و عن تاسيسه لاتحاد الغناء الشعبي حين كان الحلم أكبر من الإمكانيات، وأصدق من كل شيء. تحدث عن اعجبابه بالفنان بادي وكأننا نراه أمامنا حيا، يغني في شوارع أمدرمان، وتحدث عن تلك العلاقه التي جمعتهم معا والسكن المشترك وحبه للطريقه الادائيه المتميزة التي تميز الفنان بادي عن بقيه اقرانه .
وفي لحظة صمت، شكا بلطف، وقال إن قلبه كان ينتظر زيارة من سفارة بلاده في القاهرة، بعد عملية أجراها في الرأس، لكنه طمأننا جميعا: “أنا بخير.. ولسه بحبكم زي زمان وأكتر.”
بصوته المتميز الذي لايشيخ .
ثم انقلبت الصورة، فجاءت عيدية النفس لا الجيب، في جلسة دافئة مع د. ولاء السيد، ود. سارة البشري، ود. حسين الشريف.
حكى الاختصاصيين النفسين كما الأصدقاء، عن النفس حين تتعب، وعن الأمل حين ينزف، عن حاجتنا جميعا لكلمة طيبة، وطمأنينة لا تشترى، ولحنان لا يؤجل.
قالوا: “العيد ليس فقط ثوبا جديدا.. هو أيضا سلام داخلي، وابتسامة لا تتزيف .”
ولأن المحبة لا تعرف جنسية، جاءت رندة المعتصم اوشي السودانيه ونادين المصرية، ترويان سويا حكاية وادي النيل، حكاية لا تحكى بكلمات بل تغنى.
تشاركتا التقديم كما تتشارك الضفتان نفس النيل، بلا حدود، أطل محمد حسن طيارة، ذلك الفنان الذي يحمل قضايا الطفولة في قلبه، كأنما كل طفل يتيم يسكن بين ضلوعه. ودعا عبر منظمه الفه للتكاتف من اجل قضايا الطفوله وقدم دعوة للفنانيين والاعلاميين وكل من ترغب نفسه في المشاركه والدعم العيني والمادي للمنظمه التي اتخذت مدينه فيصل بالقاهره مقرا لها .
ثم كان الختام مسكا من نوع آخر…
أمجد السراج، الذي قدم جميل الاغنيات والاعمال الخاصه المميزة واعمال أهداها للوطن ولجنوده، وللذين يسهرون ليحرسوا الثغور
وغنى “ماهو عارف قدمو المفارق” التي تغني بها الفنان الراحل د.عبدالكريم الكالبي فغرقنا جميعا في موج أمدرمان، وعبق أبو روف، وهمس السلام على المهدي الإمام.
لم تكن برمجه العيد مجرد حلقات، بل كانت أغنية من عيد فكان العيد عيدين ، ومحبة من وطن، ودمعة من شوق.وابتسامه رسمتها المعده زحل والمعد خباب النعمان والمخرج محمد يوسف والمصور نادر الهندي ومهندس الصوت شرف وكان في الاشراف مجاهد العجب واللمسات الديكوريه المميزة مجاهد يوسف وفي الخدمات عم عبدالرحمن وجنود المونتاج المميزيين ليخرج العيد في ابهي صوره.
شكراً Sniper، لأنك جعلتي من العيد حكاية لا تنسى علي كل من مر من شاشتك، شكرا لأنكم جعلتم الشاشة وطنا.