*حكومة تأسيس الفوضى.. ورفض لا يخلو من المصالح..وائل عبدالخالق مالك*

..

كل يوم يخرج تصريح جديد يرفض حكومة المليشيا.. لكن هل هذا الرفض صادق؟ أم هو مجرد مناورة سياسية؟..
في هذا المقال سأحاول تفكيك المواقف الرسمية.. والمواقف تحت الطاولة..
سيناريوهات المستقبل قد تكون أسوأ مما نظن، والضحية كالعادة هي الدولة والمواطن السوداني..

ما يحدث هو مشهد عبثي بكل معنى الكلمة لم نعتد عليه كسودانيين من قبل.. اصبحت اليوم حكومة مليشيا الدعم السريع كواحدة من أكثر العناوين إثارة للجدل على الساحة.. لا هي حكومة يعترف بها الداخل ولا الخارج.. ولا حتى هي تحاول أن تقنع أحدا بأنها تمثل شعبا.. ومع ذلك تستمر في طرح نفسها كأمر واقع..

وهنا يظهر سيل من المواقف الإقليمية والدولية التي تبدو في ظاهرها رافضة ومتوجسة ومتحفظة.. لكن الرفض العلني لا يعني بالضرورة براءة النوايا..
السؤال الحقيقي هو ما الذي يخشاه الإقليم والعالم من حكومة تديرها ميليشيا مسلحة؟!.. وما الذي يخفيه هذا الرفض؟.. وهل هو فعلاً رفض أم مجرد توزيع أدوار؟..
تحت سطور الرفض هناك واقع اقليمي ودولي محدد..
بعض القوى الإقليمية تخشى من ترسيم أي سلطة بديلة في السودان لا يمكن التنبؤ بها أو إخضاعها.. خصوصا إذا كانت ذات طابع عسكري ميليشيوي غير منضبط..
دول أخرى ترى أن صعود مليشيا الدعم السريع بهذا الشكل يربك حسابات النفوذ ويخلق نموذجا خطيرا لميليشيات تتحول إلى حكومات في دول مجاورة..
أما القوى الدولية فهي أقل اهتماماً بالأخلاق وأكثر تركيزا على المصالح.. يهمها فقط رؤوس مصالحها مثل من يسيطر على الذهب؟.. من يتحكم في طرق التهريب والهجرة؟.. من يضمن استقرار الفوضى ولا يهدد أمن الحلفاء الاقليمي؟..

لذلك دعونا لا ننخدع بلغة الرفض الدبلوماسي.. فبعض هذا الرفض محكوم بحسابات باردة وبعضه الآخر تمويه لصفقات تتم خلف الطاولة..

ثم بعد هذه القراءة ما هي السيناريوهات المتوقعة للمستقبل؟؟..

– حكومة غير معترف بها تعيش على الهامش
قد تستمر في إدارة مناطق معينة كسلطة أمر واقع دون أي اعتراف دولي حقيقي مما يجعلها عرضة للحصار السياسي والاقتصادي.. لكنها في ذات الوقت قد تظل أداة لابتزاز بعض القوى الاقليمية والدولية عند الحاجة..

– تقسيم ناعم وخريطة جديدة للسودان
إذا طال أمد الحرب.. ومع سيطرة الدعم السريع على أجزاء من دارفور وكردفان فقد يتجه الواقع نحو تقسيم فعلي للبلاد دون إعلان رسمي.. حكومة في الشمال وسلطة أمر واقع في الغرب.. وخرائط جيوسياسية جديدة ترسم تحت الطاولة..

– انهيار داخلي تحت ثقل الفوضى
فالميليشيا لا تملك مشروع دولة ولا قدرة على الإدارة.. من المتوقع انها ستستهلك تدريجيا في معارك السيطرة الداخلية ونزاعات النفوذ وانقسامات المصالح.. خاصة إذا ما تغير المزاج الإقليمي أو انقطع الدعم..

– مبادرة دولية لتدويل الأزمة
في حال فشل الحلول الإقليمية قد يتجه المجتمع الدولي نحو فرض تسوية بالقوة أو تدويل الملف عبر قوات حفظ سلام أو مجلس وصاية.. وهو سيناريو مكلف لنا كشعب و كدولة أكثر من أي طرف آخر..

كل ما سبق لا يقارن بالكارثة الحقيقية وهي الإنسان السوداني نفسه.. في كل هذه الحسابات المدنيين هم الأكثر معاناة.. النازحون واللاجئون.. الأطفال والنساء.. الجوعى والمشردين..
نعم الحرب بين عسكر وعسكر.. ولكن ويلاتها تذيق الشعب الموت أو النزوح أو انعدام مقومات الحياة..

الرفض الإقليمي والدولي لحكومة المليشيا قد يبدو للوهلة الأولى موقفا إيجابيا.. لكنه حتى الآن لم يترجم إلى دعم فعلي وحقيقي للسودان كدولة وكشعب.. دعم يقدم حلولا واقعية لايقاف الحرب واعادة اعمار السودان بما يحترم إرادة السودانيين في الحفاظ على دولتهم ومؤسساتها وعلى رأسها القوات المسلحة السودانية..

ما يحتاجه السودان اليوم ليس مجرد رفض حكومة المليشيا.. بل دعم حقيقي للحكومة الانتقالية ومسار لبناء واعادة اعمار دولة مستقلة القرار.. أما أن يترك البلد ليتآكله الخراب ويتم التعامل معه كساحة تصفية حسابات فهذه جريمة أكبر من أي حرب..

وائل عبدالخالق مالك

#جيش_واحد_شعب_واحد
#مافي_مليشيا_بتحكم_دولة
#ضد_الجنجويد
#حكومة_الأمل
#جيشنا

مقالات ذات صلة