خلال متابعتي لردود الأفعال والتعليقات التي رافقت نقاش قضية الترحيل القسري لمواطني جنوب السودان من السودان، لاحظت – بكل أسف – أن كثيرًا من الأصوات السودانية تميل إلى تجريم الجنوبيين المقيمين في السودان، وتوجيه إهانات واتهامات جماعية لهم، من قبيل تأييدهم لقوات الدعم السريع أو مشاركتهم في نهب المنازل والأسواق بولاية الخرطوم.
ولم تقتصر بعض التعليقات على الاتهام، بل انزلقت إلى استخدام أوصاف جارحة وغير إنسانية، لا تليق بعمق العلاقة التاريخية بين الشعبين.
أودّ أن أوضح منذ البداية أن تناولنا لهذا الموضوع لم يكن بقصد التأجيج أو إثارة الحساسيات، وإنما لتنبيه الحكومتين في بورتسودان وجوبا، خصوصًا الحكومة السودانية، إلى مسؤولياتهما القانونية والأخلاقية تجاه المدنيين، وإلى التزامات السودان الدولية بموجب المعاهدات والاتفاقيات التي تحظر الإعادة القسرية وتُلزِم الدول باحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
لسنا ضد حق الدولة السودانية في فرض سيادتها وحماية أمنها وتنظيم إقامتها، فذلك حق مشروع لا جدال فيه.
لكن يجب أن تُمارس هذه الإجراءات ضمن إطار قانوني وإنساني يحفظ كرامة اللاجئين والمقيمين، لا أن تتحول إلى عقوبة جماعية تطال الأبرياء قبل المتهمين.
حتى لو افترضنا جدلًا أن بعض أبناء جنوب السودان تورطوا في أعمال عدائية أو تجاوزات، فإن الترحيل الجماعي ليس حلاً عادلًا ولا إنسانيًا.
القانون وحده هو الفيصل؛ إذ يجب أن يُفتح التحقيق في كل حالة على حدة، وأن تُقدَّم الأدلة أمام محاكم مختصة، ليحاكم المذنب ويُبرّأ البريء.
إن تعميم الاتهامات على جميع الجنوبيين يمثل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان.
فكثير من الذين تم ترحيلهم لم يُحالوا إلى أي جهة قانونية أو قضائية، وبعضهم فُصل عن أسرته وأطفاله دون محاكمة أو تحقيق.
فهل يُعقل أن يكون الأطفال القُصّر الذين تُركوا بلا أولياء أمور جناة أم شركاء في الجرائم؟
واحدة من أبسط قواعد العدالة تقول إن الجريمة شخصية، فلا يجوز إدانة جماعة بأكملها بسبب تصرفات أفراد.
كما أن السودان وجنوب السودان يستضيفان رعايا بعضهما البعض، وهذا يفرض على الطرفين احترام حقوق المقيمين الأجانب وصون كرامتهم.
أتفهم تمامًا حجم الغضب والمعاناة التي يعيشها الشعب السوداني نتيجة الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة، لكن توجيه الغضب نحو الأبرياء ليس طريق الخلاص، بل هو إضافة لجراح إنسانية جديدة في بلد أنهكته النزاعات.
وفي الختام، يظل السؤال الذي يطرح نفسه بقوة:
هل ستحل أزمات السودان المعقدة من خلال ترحيل مواطني جنوب السودان قسرًا من الخرطوم؟
هل فى الإمكان مساعدتى فى الرد على هذا المقال وكتابه مامعناه ان دنينا وقيامنا الإنسانيه تفرض علينا أن لاتاخذ احد بذنب ارتكبه اخر لكننا فى تفس الوقت لانستطيع غض الطرف عن ان بعض من حكومه جنوب السودان لهم دور في خيانه السودان وأن المدفعيه الثقيله والقناصه الذين استهدفو جيشنا والبنية التحتية لوطننا كانو من هذة الدوله وان بعض من الذين قمنا باحتضانهم بعد رجوعهم إلى وطننا مرة اخرى بعد اختارو الانفصال هم من قامو مع غيرهم من الذين وثقنا فيهم وجعلناهم جزء منا هم الذين قامو بارشدو مليشيات الدعم السريع بل ساعدوهم بعمليات النهب لن ننسى أيضا عندما تم قتل ونهب أهلنا فى دولتكم