اغمض فجر اليوم عمار محمد آدم عينيه.. غادرنا إلى دار البقاء..كان في آخر أيامه كمن يبحث عن دار مستقر..زار القرير حيث عشيرته التويماب.. ثم عاد لشرق النيل التي اتخذ منها وطنا بعد أن شيد دارا في حي القادسية..
تبدو حكايتي مع عمار بمعرفة عابرة في ردهات جامعة الخرطوم .. ثم مقالا في في بداية الألفية هذه بصحيفة الوفاق اثار غضب عمار فترصدني ولو لا سور كلية القانون الذي كان يفصل بيننا لكنت من الهالكين .. كادت هذه المخاشنة تنتهي إلى ردهات المحاكم لو لا تدخل شهيد الصحافة محمد طه محمد احمد .
ثم تحولت العلاقة إلى صداقة فكنت أزوره في داره ويفعل ذلك في مرات نادرة فيصلني في البيت..جئت رفقة د كامل ادريس لمواساته في في رحيل زوجته فنعاها لنا في صبر وجلد.
كان عمار صريحا في نقده الذي لا يستثنى حتى نفسه..صادقا في مواقفه إلى حد الصدام..واضحا في عشقه وكرهه.
كان عمار يبحث عن حلم بعيد المنال.. خلط في مثاليته بين خلفية إسلامية وعنفوان اليسار في أمريكا اللاتينية..كان احيانا يرتدي جلبابا احمر واحيانا يجد نفسه صوفيا غارقا في ذلك العالم.
اعترف عمار ادم ان على عثمان امين الحركة الإسلامية لم يحتمل صراحته فنصحه بمغادرة قطار الحركة الإسلامية.. غادر عمار قطار الحركة ولكن لم تغادر الحركة قلبه.. تجده في صالون مولانا دفع الله الحاج يوسف .. وفي مجالس احمد عبد الرحمن.. وغير بعيدا عن دار الشيخ بالمنشية .
منذ ان كتبت على بلدنا الحرب والمسغبة.. كنت ابحث عن عمار.. اخيرا كدت ألاقيه قبل ثلاثة أسابيع.. هبطت القرير باحثا عن طيف عمار.. قالوا خرج قبل قليل من فريق العماراب إلى حيث لا أحد يعرف.
حينما حملت الأنباء رحيل عمار..لم اصدق..ظننتها مزحة أنتجها عمار ليعرف العدو من الصديق.. فقد كان يفعل مثل هذه الغرائب دون تبين النتائج.. لكن الحقيقة التي كان يبحث عنها عمار طوال رحلته اكدت ان الرجل قد غادرنا .. غادرنا إلى سعة الرحمن وغفرانه ورحمته
عبدالباقي الظافر




