﴿ يا أسفى على د. موسى التكينه ﴾
هذا نبي الله يعقوب عليه
السلام الذي كان يفترش الأحزان و يتدثر بها بعد افتقاده لحبيبه وقرة عينه يوسف عليه السلام ياتيه نبأ اخر أشد ايلاما وابلغ اثرا)(ان ابنك سرق وما شهدنا الا بما علمنا) وفي النفس ريبه من كل خبر ياتيه من أبنائه عن يوسف وبنيامين (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا)
وتولى عنهم وقال: (يا اسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم)
يا نبي الله، بين يديك نباٌ يهز الجبال الرواسي (فقدان حبيبٍ اخر مع تهمةٍ بالسرقة… الا يشغلك ذلك عن حبك الأول!! شيء عجيب) (وتولى عنهم وقال: يا اسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزنِ فهو كظيم) كلمةٌ شغلت اخوة يوسف عن قضيتهم التي جاؤو لأجلها وايقظت فيهم حقداً قديماً ظنوا ان السنينَ قد طوتهُ من ذاكرة ابيهم (قالوا تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حَرَضا او تكون من الهالكين) وحتى لا تذهب بهم وبغيرهم الظنون بأن يعقوب عليه السلام قد استبد بهِ الحزن وصرفه عن التسليم والرضى بكل ما أصابه من ابتلاء عظيم (قال: إنما أشكو بثي وحزني الي الله واعلم من الله ما لا تعلمون)
وبما ان الأحزان دائما توقظ الأحزان وتنكأ الجراح فهذا تميم ابن نويره يرثي اخاه مالك ابن نويره قائلا:
لقد لامني عند القبور على البكا
رفيقي لتذراف الدموع السوافك
فقال اتبكي كل قبر رايته
لقبر ثوى بين اللوى فالدكادك
فقلت له ان الشجى يبعث الشجى
فدعني فهذا كله قبر مالك
سبحان الله تميم ابن نويره من شدة حزنه يرى ان كل القبور على كثرتها انما هي قبر واحد وهو قبر أخيه مالك ابن نويره
وهكذا تفعل الأحزان بين المحبين
واليوم تطرق الأحزان بابنا نحن اهل الدعوة لنستيقظ مذعورين على نبأ وفاة الحبيب الغالي د.موسى التكينه زين الدعاة وتاج رؤوسهم مما جعلني اردد مع يعقوب عليه السلام (يا اسفى على موسى التكينه)
والله يا موسى لو كانت الحياة تشترى لرأيت العجب من محبيك وتلاميذك الدعاة الذين كانوا يتهافتون على محاضراتك في التنمية البشرية فقد كنت طبيباً لهم بحق وجدوا عندك بلسماً شافياً لجميع اوجاعهم العامةَ والخاصه
يا اسفى على موسى التكينه الذي كان يرعى هذا التدريب من بعد الله كما ترعى الأُم صغارها ويدفع ويبذل ويدفع بغير حساب وما نراه قليلاً جداً مما اخفاهُ ولا نراه
الحبيب الذي فقدناه كان له مركز تجاري خاص للتنمية البشريه للتدريب وما لا يعلمه حتى الاقربين انه اضاف كل مواد التنميه البشريه بمعلميها وكلفتهم الباهظة الى مؤسسة المشير سوار الذهب للتدريب والتأهيل واصبحنا نرى إضافةِ حقيقيةً للمناهج التي ندرسها للدعاة
يا اسفى عليك يا موسى التكينه: انى للارحام ان تدفع بمثلك
انت يا موسى في مرضك الأول والثاني والموت يحيط بك من كل مكان تبشرني بأننا سنعيد هذه المراكز الي سيرتها الأولى وانا اقول له: كيف يا موسى وقد تم تدميرها بالكامل؟
يجيء منك الرد فوراً وبعزم اكيد وثقة لا تحدها حدود (عندي اراضي سابيع بعضها ونرمم هذي المراكز… ابشر..).. يغالبني البكاء… من مثلك يا موسى يبيع رخيصاً بغالٍ ربح البيع.. والله ربح بيعك أيها الحبيب الغالي
حملت معي هذا العبء الثقيل وكان لك النصيب الأوفر والجزاء الاوفى في تأثيث هذه المراكز مع ثلة مباركة من داخل البلاد وخارجها من اهل الدعوة والدثور
عرفناك يا موسى عن قرب شديد. سافرنا معك وتعاملنا معك بالدرهم والدينار ووجدناك من احاسن اخواننا اخلاقاً واشدهم في الحق والينهم عريكةً بين المحبين
يا اسفى عليك يا موسى… رحلت عنا ونحن من بعد الله في حاجة إليك لنمضي سوياً بهذه المؤسسة حتى نحقق كل غاياتها ولكن لنا في الله يا موسى عِوض عن فقدكَ وهو الحفيظ على ذمتك وذمتنا وحسبنا اننا بعنا إلى الله والله اشترى على كل ما فينا من معايبٍ ونقائص وحبنا لك والله كان خالصاً في الله وما زلنا نطمع في ان نجد لنا (فرقة)بين اهل منابر النور التي يجلس عليها المتحابون في الله وهم على سرر متقابلين)
نستودعك الله يا موسى وانت تتقلب في نعيم البرزخ وسنذكرك كلما تحدثنا عن الخير أو رايناه يمشي على قدمين او جمعتنا المجامع مع رجال عرفتهم وعرفوك واحببتهم وأحبوك في تلك المؤسسة الحبيبة وفي الختام ومن بين رُاكمِ الأحزان اقول كما قال سيدنا عمر رضي الله عنه عندما علم بوفاة خالد ابن الوليد (رحمك الله يا ابا سليمان وعلى مثلك فلتبكْ البواكي) وكما كان يقول رضي الله عنه (اذا استأثر الله بشيء فدعك عنه) وها هو ربنا الكريم الرؤوف الرحيم يستأثر بعبده الضعيف المحب له د.موسى التكينه
الا رحمكَ الله يا موسى وانا لله وانا اليه راجعون والعزاء موصول لكل الدعاة والداعيات من أبناء المؤسسة في داخل السودان وخارجه
اخوك المحب رفيق دربك كمال رزق




