*أفياء ايمن كبوش كيف تم فصل ضباط الشرطة بقانون التمكين.. (2-2)*

# وصلا لما بدأناه أمس عن فصل ضباط شرطة بقانون التمكين ثم إعادتهم بقرار من المحكمة.. نقول إن مجلس السيادة لم يكتف بما جاء في قرار محكمة الطعون، لعدم الاختصاص، خصوصا وأن هنالك من صاح عندما سمع بصدور القرار: (خلاص خلي يجي المختص يرجعهم).. !! وفي ذلك ظلم كبير ضمن جملة المظالم الكبرى التي تجعل البلد (رهينة) لما هي فيه من قبح، علما بأن السلطة تُعمي من يريد أن يظل عميانا عن اوجاع الاخرين.
# قدم مجلس السيادة طعنا لدى المحكمة القومية العليا الدائرة الإدارية فتم تشكيل دائرة من القضاة: سعادة السيد/ عثمان الصديق أحمد قاضي المحكمة القومية العليا رئيساً وسعادة السيد/ د. زيادة إسماعيل عبد الكريم قاضي المحكمة القومية العليا عضواً وسعادة السيد/ مزمل محي الدين مهدي قاضي المحكمة القومية العليا عضواً والأطراف هم مجلس السيادة الانتقالي الطاعن ضد حافظ عبد الله عبد الحفيظ وآخرين المطعون ضدهم.. تم الطعن عن طريق الاستئناف الذي تقدم به المستشار القانوني أمل فؤاد جاد كريم لإلغاء قرارات إحالة الطاعنين وإعادتهم للخدمة، وفيما يتعلق بقول محكمة الموضوع أن القرار صدر مبهماً فقد صدقت في القول، إذ ان المحكمة خاطبت الجهة المطعون في قرارها وأشارت إلى أرقام القرارات فإذا بها تمد المحكمة بقرارات صادرة بشأن ضباط قوات الشعب المسلحة، وهو امر يتنافى صراحة ما ورد بالطعن من وقائع وهو صدور قرارات إحالة بشأن ضباط بالشرطة وبالأرقام المذكورة. ثم وردت إفادة أخرى تشير للمحكمة، ردا على طلبها الذي تجوزه لها المادة {0} من قانون القضاء الإداري لسنة ٢٠٠٥م ، تعديل لسنة ٢٠١٧م. والتي تقرأ إلا إذا رفضت الجهة الإدارية تسليم الطاعن صورة من القرار، ومؤخراً تم إيداع صورة من القرارات المطعون فيها وتمت الإشارة إلى أن الطاعنين أحيلوا للتقاعد بموجب {۳۲/ط/و/ي} وكانت الإفادة مبهمة إذ ما هي علاقة مجلس السيادة بتطبيق هذه المادة، تم استفسار وزارة الداخلية وهي المعنية بتطبيق قانون الشرطة، لإزالة الإبهام والغموض، وعجزت الوزارة من إيداع الرد على ما ارسل من طلبات تفاصيل وبدلاً من ذلك تم إيداع صورة من توصية من وزير الداخلية بإحالة الضباط بموجب قانون إزالة التمكين والذي لا ينطبق على القوات النظامية.. ورغم وضوح هذه التفاصيل وثبوتها بمستندات مودعة من قبل الدفاع تساءلت الأستاذة عن ما هو الغموض الذي شاب القرارات محل الطعن ولم اجد أفصح مما ورد ببيت الشعر: ولم أر في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام وهذا لوحده عيباً من القرارات فاقدة المشروعية لعدم وجود ما يسندها من حيث النشأة وجهة إصدارها وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة أن عدم تسبيب القرار الإداري يندرج تحت مخالفة الشكل التي تبرر إلغاء القرار، عليه فإن قرار محكمة الطعون الإدارية جاء وفق التطبيق الصحيح للقانون.. د. زيادة إسماعيل عبد الكريم/ قاضي المحكمة العليا ۳۰/اغسطس/۲۰۲۳م).
# اما الرأي الثاني فقد جاء على النحو الآتي: (وبعد الإطلاع على الأوراق تبين لنا ان الطعن الإداري تم تأسيسه على أن الطاعنين بوصفهم ضباط شرطة تم إخطارهم عن طريق الهاتف بإحالتهم ضمن كشف الضباط بقرارات صادرة من مجلس السيادة، وطعنوا في تلك القرارات بعيب عدم الاختصاص لأن سلطات وصلاحيات مجلس السيادة وفقاً للوثيقة الدستورية لا تمنحه ذلك الحق، هذا بالإضافة إلى أن القرار الإداري الصادر معيب بعيب الشكل وعيب مخالفة القانون وفقاً لما ورد بنص المادة {۳۲} من قانون الشرطة لسنة ٢٠٠٨م التي حددت الأسباب التي بموجبها يتم الإحالة إلى التقاعد.. اما بخصوص عيب الشكل فكان النعي بعدم إتباع ما استقر عليه العرف الإداري في الشرطة، بأن تتم الإحالات بتوجيه من مدير الوحدة لرئيس هيئة شئون الإدارية، ثم لمدير عام الشرطة، وكذلك طعن في القرار بأنه جاء مشوباً بعيب إساءة السلطة لأن الإحالة بأي سبب خلاف الأسباب الواردة بنص المادة {۳۲} من قانون الشرطة لسنة ۲۰۰۸م يعتبر تدخلاً باطلاً ولهذه الأسباب التمس الطاعنون في عريضة طعنهم المعدلة بإلغاء القرار وإجبار السلطة الإدارية بإعادتهم إلى عملهم لمخالفة القرار الإداري لمبدا المشروعية.. ولفحص مشروعية أي قرار يصدر من مجلس السيادة تكون مرجعية تلك المشروعية هي صلاحيات ذلك المجلس، الواردة حصرا بالوثيقة، فوجدنا أن هذا الاختصاص غير مسنود بمشروعية لإنهاء خدمة ضباط قوات الشرطة للمادة (۳۲) من قانون الشرطة لسنة ٢٠٠٨م ، والذي حدد حالات إنهاء خدمة الضباط والمحصورة في وفاة الضابط حقيقة أو حكماً وبلوغ السن القانونية للتقاعد، أو إعفاءه بناءً على طلبه للتقاعد بخلو الطرف أو التقاعد الاختياري، أو بقرار لجنة طبية بعدم لياقته الصحية للاستمرار في خدمة الشرطة، أو إحالته بسبب عدم الكفاءة وضعف قدراته بناء على تقرير من لجنة ثلاثية يشكلها المدير العام لهذا الغرض- او فقدانه للجنسية السودانية أو اكتسابه جنسية دولة أخرى، أو إدانته في جريمة تمس الشرف أو الأمانة او الحكم عليه بالسجن لمدة ستة اشهر فاكثر إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك. والفصل من الخدمة وعادة الفصل لا يكون بمجلس محاسبة أو قضاء أقصى المدة المقررة في الرتبة وهو ما يعرف بحاجز المدة.. هذه هي الحالات المشروعة للإحالة للتقاعد- ولم نجد في سلطات وصلاحيات مجلس السيادة ما يعطي المجلس مشروعية إصدار مثل هكذا قرار.. اوافق الزملاء فيما توصلا إليه بتأييد القرار محل الطعن ، إذ ان هناك فرق في الطعن في المشروعية بمعنى مصدر القرار لا يملك إصداره، وملاءمة القرار من حيث الواقع والعدالة، وكان على المطعون ضدهما ان يتقدما بما يؤكد أن القرار صدر حسب القانون واللوائح الخاصة بالإحالة للتقاعد من حيث توفر الأسباب ومنح الطاعن الفرصة للرد عليها، ولم يقدم الدفاع ما يقنع المحكمة بذلك، لذا أجدني على وفاق مع الزملاء في تاييد القرار المطعون فيه وشطب الطعن.. مولانا مزمل محي الدين مهدي قاضي المحكمة العليا 9/اکتوبر / 2023م).
# جاء في الأمر النهائي بخصوص القضية أن يشطب الطعن إيجازياً إعمالاً لنص المادة (١٦٨) من قانون الإجراءات المدنية لسنة ۱۹۸۳م تعديل لسنة ۲۰۰۹م ترتيب المواد مقروءة مع المادة (۱۱) من قانون القضاء الإداري لسنة ٢٠٠٥م تعديل لسنة ٢٠١٧ مولانا عثمان الصديق أحمد محمد قاضي المحكمة العليا ورئيس الدائرة اکتوبر/ 2023).

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole