أرجو أن أنعى لقرائي وزملائي وسائر السودانيين مكتبتي بالسودان بمنزلي بمربع 6 بحلة كوكو النمر بشرق النيل. فقد احترقت عن بكرة أبيها بفعل فاعل.
والرواية التي بلغتني من الجيران عن الحادث هي:
وقع الحريق بعد خروج الدعامة من حلة كوكو الامتداد. شاهد أهل الحلة النار تندلع في بيتي فسارعوا إليه وفتحوا الباب الكبير المغلق واقتحموا لإطفاء الحريق الذي اقتصر على المكتبة. وقالوا كان الحريق كبيراً مما قد يوحي بأن من قام به ربما رش الموضع ببنزين أو نحوه. فقالوا كلما رشوا الماء تفاقم اللهب. وحين فرغوا كانت المكتبة عبارة عن رماد.
قالوا إنهم شاهدوا شخصاً يغادر المنزل قبل الحريق. والرأي أنه ليس من الدعم السريع ممن عرفوا.
وليس الدعم السريع مع ذلك بمنجاة من الوزر. فذهب الدعم السريع بالدولة وأطلق غرائز كل مضغن يتشفى ما شاء بلا مسائل. فالدعم هز الشجرة وليس حكماً أن تسقط كل الثمار في عبه.
إني لأناشد لجنة المقاومة بحلة كوكو أن تتحرى الحادثة حتى تبلغ الغاية لنعرف ملابسات هذه النذالة بحق الثقافة.
جرد الخسارة
**أخذ الحريق ما حملت من كتب من أمريكا على فترتين، عودتي من بعثة الدكتوراة في 1987 والأخرى لترشيح نفسي لانتخابات الرئاسة في 2010، وكثيرها في الإنجليزية في علوم التاريخ والاجتماع والفلكلور. كما طوى الحريق كتباً عربية فيها القليل النادر الذي قد لا يعوض. ناهيك عن أرشيف صحف هنا وهناك.
**وقضى الحريق على الملفات التي فرّغت فيها كل حصائل عملي الميداني بين الكبابيش والرباطاب. وستكون خسارة مادة الكبابيش فادحة لأن أشرطة تسجيلها كانت مما استولى عليه ضباط الأمن القومي لدولة نميري الذين فتشوا بيتي في ديم الزبيرية بالخرطوم بعد اعتقالي في منتصف أغسطس 1971. وظللت أكاتب جهاز الأمن وأنا قيد الاعتقال عن رد تلك الأمانات الثقافية لي أو لجامعة الخرطوم. وبدا لي أنها ضحية خفة يد من قاموا بالتفتيش نهبوها لأشخاصهم. واتفق لي ذلك لأني كلفت المرحوم كمال حسن أحمد القيادي بأمن النظام، وهو من أقربائي، ولم ينجح في استعادتها لأنها ليست في عهدة الجهاز. أما مادة الرباطاب فقد تسلم إذا سلم الأرشيف الصوتي لمعهد الدراسات الأفريقية حيث هي مودعة. ولربما نجت مذكرات الحقل وصوره التي كتبتها خلال عملي الحقلي في دار الرباطاب لأنها مما ربما كان في موضع غير منزلي.
**ومن الخسائر الفادحة من الحريق مذكرات البحث والأوراق العلمية التي راكمتها خلال دراستي للقضائية السودانية لكتابي “هذيان مانوي”. وهي كثيرة ملأت عدداً من الخزانات. ومنها أيضاً مطبوعاتي وسجلاتي لحملتي الانتخابية لرئاسة الجمهورية في 2010. وكذلك طائفة من كتبي المطبوعة هي نصيبي ممن نشروها.
**لم يكن بالمكتبة إلا القليل ربما من مطبوعات الحزب الشيوعي بالرونيو التي هي في حوزتي وفي موضع آخر آمل أن يكون قد سلم.
وما جاءتك في مكتبتك لم تسامحك
الفيديو للحريق أعلاه




