*في زمن حرب الفرقاء..ينبعث منتخب السودان..محمد العولقي*

– في زمن حرب الفرقاء..ينبعث منتخب السودان من وسط الركام و المخلفات و الرماد كطائر الرخ..يظلل بجناحيه على شعب سوداني بينه و بين كرة القدم غرام يفوق غرام قيس لليلى و هيام يفوق هيام روميو لجولييت..
– رجة قوية أحدثها صقور الجديان في تصفيات كأس العالم..
زلزال سوداني مادت به الأرض الأفريقية..تجمدت ملامح الوجوه السمراء..وقفوا مندهشين و مذهولين أمام هذا التوحش الكروي المغلف بالاستماتة و بالتضحية..
تأكدوا من هذا الخبر جيدا..
– منتخب السودان ينتفض من تحت ركام معاناته..يثور ضد واقعه الصعب..ركب أجنحة الديناصور محلقا في صدارة مجموعته القوية..
– حتى في أسوأ الظروف.. إذا أراد اللاعب السوداني التألق لا تقف المعوقات الصعبة بينه و بين رغبته المتوحشة..
– لا شيء مستحيلا أمام شعب سوداني كروي الهوى و الهوية..
هذا شعب صابر مرابط يتعاطى كرة القدم قبل و وسط و بعد الأكل..صقوره هم من يصنعون النيازك و القزاحيات الكروية.. أمام بأسهم لا توقفهم الأزمات و الملمات..يمارسون الكرة على امتداد مليون كيلو متر..هي سلواهم و أنسهم وقت الحرب..كلما ارتفع صوت دانات المدافع و أزيز الطائرات و فاحت رائحة البارود.. كلما تكلمت أقدام لاعبي منتخب السودان و نثرت على الشعب سعادة مكفنة بالرجاء..
– منتخب السودان يتصدر دون خسارة.. في مجموعة قاسية أخطر ما فيها أسود التيرانجا السنغال..
– منتخب السودان ذو الجذور التاريخية في الكرة الأفريقية..قالوا عنه أنه صقر جريح..مجرد زائر منتصف الليل لا يقوى على مضاجعة قمر التحديات..
– في لحظة شدة..و من تحت أنقاض مخلفات حرب الفرقاء الطاحنة..جاءت رسالة منتخب السودان قوية و مدوية ابتلعت كل حيوانات الغابة..
– رحل صقور الجديان إلى فضاءات التحدي..ذاب اللاعبون في بوتقة وطنية..لا هلالاب و لا مريخاب أمام منتخب تعهد لاعبوه أن يخرسوا الحرب بأقدامهم و بأهدافهم و ببعض رقصات الزول ذات الحبكة الفلكلورية الخالدة..
– ثلاثة انتصارات و تعادل واحد..و المجموع عشر نقاط..و صدارة من تحت الجلد تفرغ كل زفرات ما بين الضلوع..
– السودان .. خيرها وفير..لكنها جوهرة بيد فحام..هي سلة الغذاء..لو وزع خيرها على العربان من المحيط إلى الخليج لفاض منسوبها و لما نام موطن ببطن خاوية..
– أنا عاشق غير ضال للكرة السودانية..لها نكهة خاصة جدا..جمهورها ظريف و طريف.. صاحب ذوق رفيع جدا..إذا أخذ على خاطره من مستوى باهت أو تلقى جرعة فرح مباغتة أضرم النار في العمائم و لوح بها.. لأجل هذه اللعبة المجنونة يضحي بالعمائم رغم أن لها قيمة و وجاهة اجتماعية لا تقدران بثمن..
– خالطت بعض الزملاء الإعلاميين..ليس هناك خفة دم كدمهم..و هم لا يختلفون عن الجمهور السوداني الذي يمتلك من الظرافة و الطرافة ما يؤكد أنه شعب ابن نكتة..إذا تهكم ضحك من قلبه..و إذا سخر ابتسم بصفاء..و إذا انتقد أشعل كل مصابيح التواصي بالحق و التواصي بالصبر..
– هناك فارق كبير بين عقول تنتج الدمار..و أقدام لاعبين توزع سعادة مؤقتة..
– و بين العقول و الأقدام تبقى كرة القدم هي الفسحة الأخيرة لشعب سوداني يتحدى بعنفوان لاعبي المنتخب هجوم الموت الضاري..

كتب / محمد العولقي

مقالات ذات صلة