كشفت حرب 15/ابريل للسودانيين قيمة الوطن ، ومأساة التشرد والنزوح ، وبالتالي قيمة الحاكم القوي المتفاعل بحماس مع مأساة الجماهير ، وفجيعتهم في تاريخهم ، هويتهم،أمنهم واستقراهم .
كشفت حرب 15/ابريل أن الحاكم القوي يضاعف لمعان بلاده أو يستر هشاشتها، يلجم شهوات الأعداء أو يرد كيدهم. يوفّر فرصة للمباهاة والشعور بالحصانة، قادر أيضاً على إشاعة الطمأنينة، وأوضحت أن الذي يستولي على فصل مميز في التاريخ ،هو الحاكم الذي يتحول الى جندي في حرب وجودية لترسيخ شرعيته.
“الطاهر ابراهيم الخير ” والي الجزيرة نال نصيباً مقدراً من الشعبية لأنه ربط مصيره الشخصي بمصير شعبه، لم يغادر الولاية رغم سقوط جزء مقدر منها في أيدي المليشيات ، مكث يقاتل مع شعبه وجيشه للأخذ بثأر أرضه واهله، و لاستعادة صورة الدولة التي اهتزت بسبب تنكيل المليشيات بمواطن الجزيرة .
ليس بسيطاً أن يقاتل حاكم مدني في صفوف الجيش الوطني ، وان يجتهد دوماً على حشد المقاومة الشعبية من أجل معركة التحرير ، يبدو أنه من فصيلة الرجال الذين لا يستطيعون احتمالَ الخسارة رجل قوي قادر على قيادة شعبه .
والمليشيات تنتشر في أجزاء واسعة من ارضه، الا انه استطاع إنقاذ سلطته، وتوفير الخدمات الأساسية على الرقعة الجغرافية التي لم تخرج من يده، بل وصنع المستحيل بإنجاح الموسم الزراعي بمشاريع المناقل ، يقضي وقته هانئاً بمحبة شعبه وتأييده .
“احمد عثمان حمزة” والي الخرطوم لاعب خطر وبارع يجيد العزف على نقاط قوة سلطته التي اكتسبها بفضل صموده مع شعبه تحت القصف والاشتباكات المسلحة لعام ونصف ، لم ينجو بنفسه كما فعل والي سنار عند سقوط عاصمة الولاية “سنجة” غادرها مسرعاً إلى بورتسودان .
ردَّ “حمزة” على نكبة الخرطوم وبحر الدمار، بأن وسّع دائرة واجباته في منطقة مشتعلة، رغم القصف والمعارك، تنعم المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني بولاية الخرطوم ، بخدمات الكهرباء ، المياه، الانترنت، توفر السلع الغذائية ، تكمن عظمة هذا الحاكم في إصرارُه على إفشال فكرة اغتيال العاصمة.
الخرطوم مدينة مهمة في الدولة السودانية، ظلت منذ الاستقلال مركزاً للقرار السياسي ، لذلك أدرك “حمزة” غداة اندلاع الحرب أن انتصار السودان في صمود العاصمة ولو جزء منها، واستثمر الظرف مدفوعاً بعزيمة و بلا تردد.
أظهرتِ الأزمة الحالية أنَّ الحكام ضروباً شتى ، كما يوجد الجبان عاشق بريق السلطة وان انحصرت في مخصصات بمدينة أخرى ، يوجد من هو قادرة على منع بلاده من الانزلاق إلى الهاوية.
محبتي واحترامي
https://www.facebook.com/share/p/bbAywT8XTEtqYtQw/?mibextid=oFDknk