*من التأسيس الي الرؤية*- *في ذكري اليوم الوطني ال(94) ..نحلم ونحقق..* *بقلم :السفير/على بن حسن جعفر*

*تحتفل المملكة العربية السعودية اليوم الاثنين الموافق الثالث والعشرون من سبتمبر ٢٠٢٤م بذكري اليوم الوطني الرابع والتسعون لتاسيس وتوحيد المملكة العربية السعودية، على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله-،وهي مناسبة نستذكر فيها الفترة التاريخية العظيمة التي صاحبت التأسيس، والتي تشكلت معها الملامح الأولى للوحدة والتلاحم بدءاً من الملك الموسس -رحمه الله- الي ماتشهده المملكة اليوم من تطور في كافة المجالات تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الامين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-
*تأتي ذكري الاحتفال باليوم الوطني ونستشعر فيها نعم الله تعالى على هذه البلاد المباركة، ونستحضر الإنجازات العظيمة التي تحققت لبلادنا في شتى المجالات الاقتصادية والتنموية والسياسية وغيرها.
*(94) عاماً مضت ونحن نفتخر ونعتز بما تحقق خلال تلك السنوات الزاهية من إنجازات راسخة لبت كافة طموحات وتطلعات ابناء المملكة، بل وفاقت كل أحلامهم بفضل الله ومن ثم حكمة وهمة قيادتنا الرشيدة والتخطيط الإستراتجي والرؤية الثاقبة،فتأتي رؤية المملكة 2030 كأحـد أكبـر برامــج التحــول الوطنــي عالميــا بما تحمله من محاور التنمية والعمل امتدادا من جيل إلى جيل ومنجزا مهمًا من منجزات النهضة التي يعد اليوم الوطني لبنتها الأساسية.
*بإطلاق رؤية 2030م بـدأت المملكة العربية السعودية رحلـة جديدة نحو المسـتقبل المزدهر، وماأنجزته المملكة في ٩ سنوات مضت يعد وثبة هائلة للمستقبل، تدلل عليها تقدم المملكة في كثير من المؤشرات العالمية، وقبل ذلك تجسدت هذه النهضة الكبرى واقعا ملموسا على كثير من الأصعدة سياسيا وإقتصاديا واجتماعيا وانسانيا وثقافيا ورياضيا،ونجحت الرؤية في تحقيق إنجازات استثنائية فإقتصاديا شهدت المملكة تقدمًا كبيرًا في هذا المجال، حيث ازدادت الإيرادات غير النفطية بشكل ملحوظ، وأثمرت الاستثمارات في قطاعات مثل السياحة والترفيه والتكنولوجيا، مظهرة إمكانيات المملكة بعيدًا عن اقتصادها التقليدي المعتمد على النفط، وخلال الثمانية اعوام الماضية أطلقت المملكةمشاريع عقارية وبنية تحتية بقيمة 1.3 تريليون دولار، وحققت المرتبة الأولى عالميا في مؤشرات (كفاءة المالية العامة، تفهم الحاجة للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، تمويل التطور التقني، دعم شراكات القطاع العام والخاص للتطور التقني) ، بعد أن تم الإعلان عن وصولها إلى المراتب الثلاث الأولى في 23 مؤشرا،كما حققت المملكة المرتبة الأعلى لمستوى الثقة في العالم، المواطنين في قدرة قيادتهم على اتخاذ القرارات اللازمة لتحقيق التطلعات والمستهدفات الوطنية، طبقاً لتقرير مؤشر الثقة السنوي2024م،واستطاعت أن تصل إلى المرتبة 17 عالميا من أصل 64 دولة هي الأكثر تنافسية في العالم، وتم تصنيف السوق السعودي ضمن أفضل الأسواق العالمية، وذلك بعد تنمية سوق المال السعودي من خلال طرح أسهم شركة أرامكو للاكتتاب،كما إستضافت المملكة خلال السنوات الاخيرة قمة مجموعة العشرين الاقتصادية بنجاح، وشرعت عبر استثمار صندوق الاستثمارات العامة في اطلاق عدد من المشاريع الوطنية، كإطلاق شركة تطوير المربع الجديد لتطوير أكبر داون تاون حديث عالمياً في الرياض، وتأسيس شركة طيران الرياض، إطلاق المرحلة الأولى من حافلات الرياض، إطلاق 4 مناطق اقتصادية خاصة في المملكة، إطلاق مشروع الاستثمار والتخصيص للأندية الرياضية، تخصيص 7.8 مليار دولار لمعرض إكسبو 2030، إطلاق المخطط العام للمراكز اللوجستية، وتأسيس منظمة عالمية للمياه وغيرها فضلا عن زيادة الاستثمارات في صندوق الاستثمارات العامة، حيث بلغت 58 مليار ريال عام 2019، و 96 مليار ريال بنهاية عام 2020 م،ويواصل برنامج صندوق الاستثمارات العامة طموحاته بخطى ثابتة نحو مضاعفة أصول الصندوق تحت الإدارة إلى 4 تيريليون ريال سعودي تراكمياً بنهاية عام 2025 ليكون أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم والشريك الاستثماري المفضل، بما يرسخ مكانته في رسم ملامح مستقبل الاقتصاد العالمي.
*وضمن برنامج جودة الحياة والذي يسعي لجعل المملكة من أفضل الأماكن للعيش، عبر الإعتناء بتطوير نمط حياة الفرد، وتحسين البنية التحتية جرت إصلاحات واسعة، تركت تأثيراً ملحوظاً على المواطنين والمقيمين،
وساهم البرنامج في تحسين نمط الحياة من خلال تهيئة البيئة اللازمة لدعم واستحداث خيارات جديدة تعزز مشاركة المواطن والمقيم في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية.
*وفي مجال الصحة إستحقت المملكة بجهودها ان تكون ضمن أفضل الدول الرائدة في مجال الرعاية التخصصية على مستوى العالم العربي بتحسين الرعاية الصحية في المستشفيات في أنحاء السعودية وتصميم التطبيقات الإلكترونية التي تقدم الخدمات الصحية للمواطنين، وخلال الاسابيع الماضية وفي سابقة نوعية تعزز مكانة المملكة وريادتها في مجال الرعاية الصحية، وابتكار ممارسات طبية تعزز نتائج العلاج وتجربة المريض نجح مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في إجراء أول عملية زراعة قلب باستخدام الروبوت، في حدث يمثل تحولًا في مسار المملكة نحو الريادة العالمية في الطب التخصصي، بما يتماشى مع رؤية 2030 التي تضع الابتكار في صميم جهودها لتحسين جودة الحياة.
*حرصت قيادة المملكة علي بناء جيل واعد يمتلك قدرات ومهارات متنوعة، وثقافات مرتكزة على تعليم راسخ، ومواكب للتطور التكنولوجي الهائل،حيث تقدمت الجامعات السعودية في التصنيفات العالمية وتم تطوير مراكز البحث العلمي في الجامعات والمنشآت التعليمية، وشهد التعليم نقلة كبيرة باستثمار التقنية في تطوير التعليم،إضافة الي العديد من المبادرات النوعية لتطوير التعليم الجامعي والبحث العلمي والإهتمام بالإبتكار وبرامج الذكاء الإصطناعي وخلال الأسابيع الماضية أيضا نظمت المملكة القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في نسختها الثالثة بالعاصمة الرياض،والتي جاءت تحت شعار (الذكاء الاصطناعي لخير البشرية)، والتي تمخضت عن إطلاق مشاريع كبرى مع شركات عالمية، إضافة إلى توقيع 80 اتفاقية ومذكرة تفاهم محلية ودولية.
*علي الصعيد الإنساني حققت المملكة المرتبة الأولي علي مستوي العالم في تقديم المساعدات الإنسانية والإنمائية، بمبلغ 123.87 مليار دولار امريكي، بما يعادل 498.28 مليار ريال سعودي و لم تقف الايادي البيضاء لمملكة الخير والإنسانية ومواقفها النبيلة عند حدود،ولم تخضع لإملاءات أو توجه لأهداف سياسية، أو توسعية، لم تقتصر على جوارهاالجغرافي أو امتدادها العربي الإسلامي، بل حرصت أن تكون سباقة في مد يد العون لنجدة الجميع في الكوارث التي تلم بهم، إدراكا من المملكة لمسؤولياتها نحو المجتمع الدولي وانطلاقا من مبائها وديدنها في نجدة الملهوف أين ماكان.
*تبقي المملكة قبلة المسلمين ومهبط الوحي ومنبع الرسالة تستقبل ضيوف الرحمن من جميع أنحاء العالم لأداء مناسك الحج والعمرة،وتولي جل اهتمامها وعنايتها بالحرمين الشريفين واليوم يشهد الحرمان الشريفان توسعات تاريخية وتطويرا للبنية التحتية وتجهيز أكبر محطة تبريد في العالم لتنقية الهواء في المسجد الحرام لتلطيف الأجواء وتبريدها ، وتستمر الدولة- أعزها الله-في تسخير طاقاتها ومواردها لخدمة ضيوف الرحمن،وتحرص علي تحمل هذه المسؤولية المقدسة بإقامة كبرى الشعائر الإسلامية بسهولة ويسر. *أسهمت المواقف السياسية الحكيمة والثابتة للمملكة في تجاوز المنطقة للعديد من التحديات،وشكلت الدبلوماسية السعودية عنصر دفع قوي للصوت العربي والإسلامي في دوائر القرار العالمي على اختلاف منظماته ومؤسساته وضاعفت الدبلوماسية السعودية جهودها على الساحتين الإقليمية والدولية عبر انتهاج الحوار والتشاور وتغليب صوت العقل والحكمة في سبيل درء التهديدات والأخطار والحيلولة دون تفاقمها والعمل على تهدئة الأوضاع وتجنب الصراعات المدمرة وحل المشاكل بالوسائل السلمية،كما شاركت المملكة بشكل كبير في تقديم الدعم والإسناد المستمر لدول الجوار وقدمت المملكة العديد من المبادرات وفي هذا الصدد نشير الي استمرار المملكة في السعي بكل طاقاتها إلى إنهاء الحرب ورفع المعاناة عن الشعب السوداني، والانتقال بالسودان الشقيق إلى مرحلة إعادة الإعمار.
*أخيرا: ونحن نحتفل بكل فخر بحبنا لأرضنا المعطاءة، وولاءنا لقيادتها الرشيدة، تبقي ذكرى اليوم الوطني مناسبة نستحضر فيها الدروس والعبر مما مضى ونفخر بماتحقق وفق رؤية 2030م ، وننظر إلى الحاضر بوعي وتأمل.. ونتطلع للمستقبل بأمل وتفاؤل وثقة في إن القادم، بتوفيق الله سيكون أفضل وأكثر إشراقا وعزة، نسأل أن يحفظ قيادتنا-ايدها الله-، وأن يحفظ بلادنا من كل سوء، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان والخير والنماء وبإذن الله وفضله لم ولن تتوقف أحلامنا.
*سفير خادم الحرمين الشريفين لدى السودان*

مقالات ذات صلة