*موائد الحوار المستديرة .. سبيلنا لالجام الشقاق _ بقلم / محمد أبوزيد مصطفى*

==================================
الاختلاف في وجهات النظر سنة الله الماضية في خلقه، لأن الإنسان ناقص بطبعه لا يحيط بكل شئٍ علماً، بل الخالق سبحانه هو وحده من يحيط بكل شئ علماً، والبشر مهما اوتوا من سعة العلم فإنهم لم ينالوا منه الا قليلاً، (وما اوتيتم من العلم الا قليلاً).
ولما كان البشر بهذا النقصان المستدام فانه لا بد عليهم ان يكونوا دائمي البحث عن المزيد من المعارف والفهوم لسد النقص الملازم لهم في الحياة. (وقل رب زدني علماً).
والناس بهذه الموازين يتفاوتون في مقادير العلم بحسب الهبات الربانية الفطرية المتمثلة في القدرات الذهنية ثم الاجتهاد الفردي المتفاعل مع الظروف المحيطة مكاناً وزماناً، وبهذا التدافع والتفاوت يصطف الناس هرمياً في شكل طبقات (وفوق كل ذي علمٍ عليم).
ولما كان الكون هو الميدان الفسيح بسعته وتنوعه الذي خلقه الله عليه، واوكل للانسان حين اهبطه الي الأرض ودعاه لاعماره (وهو الذي انشأكم من الأرض واستعمركم فيها) يعني طلب منكم عمارتها، اي اوجب عليهم ان يجتهدوا لمعرفة أسرار الله في صنعته، كل ذلك من أجل اسعاد انفسهم، ابتلاءاً واختباراً، ليتنافس الناس ويتفاعلون في المعارف والاكتشاف والابتكار والابداع، لمحاكاة صنعه البديع في خلقه، ولذلك ابدع الانسان في صناعة السفن والطائرات والقاطرات والصواريخ العابرة للقارات، والمراكب الفضائية وفق سنة الله في خلقه، وقد بلغوا الآن مبلغاً بعيداً بثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعي، والخلايا الجذعية.
والفقه في الدين ضرورة تتطلب حركة موازية لاستيعاب وتنظيم هذه المتغيرات الهائلة والسريعة لوضعها في موضعها الصحيح.
اما الذين يتفرجون علي هذه المتغيرات دونما اجتهاد موازٍ إنما يرتكبون جناية في حق الأمة، ويخرجونها من دائرة التأثير، والله سائلهم عما اوجبه عليهم به (فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين، ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)..
كفى بنا قعوداً وانزواءاً وسلبية.

ولما كان هذا الأمر شاقاً علي النفوس التي حرنت عند التقليد والتعصب الاعمي لكل قديم فقد شرع الله الحوار العلمي المفتوح في كل فن دونما خطوط حمر، إلا التحلي بأدب الحوار وسعة الصدر والتجرد فقط من أجل البحث عن الحقيقة، والحقيقة نفسها قد تكون ظرفية لها القابلية لان تتشكل مع تقلبات الزمان والمكان، مثلما يقلب الله الليل والنهار.
(ولا يزالون مختلفين الا من رحم ربك، ولذلك خلقهم )
وهذا في حد ذاته حكمة ربانية لاثراء الحياة بالتنوع ، فبضدها تتميز الأشياء.

مقالات ذات صلة