*تغيير العملة في السودان: خطوة حكيمة أم بداية للتقسيم الفعلي؟ نزار خيري رئيس تحالف الخط الوطني ١٠ ديسمبر ٢٠٢٤*

في ظل الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، يظهر قرار تغيير العملة كخطوة جريئة تحمل معها تطلعات نحو إصلاح الاقتصاد وتعزيز السيادة الوطنية، ولكنها تثير تساؤلات كبيرة حول الحكمة من تنفيذ هذا القرار في ظل التهديدات الحالية التي تواجه المواطنين الموجودين في مناطق سيطرة المليشيات.

المليشيات تستخدم هذه الخطوة لتقوية نفوذها، عبر منع المواطنين من استخدام العملة الجديدة، مما سيؤدي حتما إلى خلق “اقتصادات موازية” أو أنظمة تبادل تجاري بديلة في المناطق التي تسيطر عليها. هذه السيناريوهات قد تعزز الانقسام الجغرافي والاقتصادي بين مختلف مناطق السودان و تفرز تحديات رئيسية :

1. التهديدات للمواطنين
تغيير العملة سيؤدي إلى تحويل المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات إلى رهائن للنظام المالي الذي تتحكم فيه المليشيات. ستصبح العملة القديمة أداة للضغط والسيطرة، وقد يعاني المواطنون من انعدام القدرة على الوصول إلى الموارد والخدمات.

2. الاقتصاد الموازي
يمكن للمليشيات أن تخلق اقتصادًا موازياً يعتمد على العملات الأجنبية أو على وسائل تبادل بديلة، مما يضعف قدرة الدولة المركزية على فرض سيادتها الاقتصادية.

3. الانقسام الفعلي للسودان
إذا اصرت المليشيات علي عدم الاعتراف و التداول بالعملة الجديدة، فإن ذلك قد يعزز من الفصل بين المناطق التي تسيطر عليها تلك المليشيات والمناطق الخاضعة لسيطرة الدولة. هذا الفصل قد يتطور ليصبح تقسيمًا فعليًا للسودان على المستوى الاقتصادي، مما يمهد الطريق لتقسيم سياسي مستقبلي.

هل هذا القرار حكيم؟

على الرغم من أن تغيير العملة قد يبدو كخطوة تهدف إلى كبح الاقتصاد غير الرسمي وقطع تمويل المليشيات، إلا أن التوقيت والآليات التنفيذية للقرار يجعلان منه قرارًا محفوفًا بالمخاطر. يجب أن ترافق هذه الخطوة إجراءات حاسمة لضمان:

حماية المواطنين في مناطق سيطرة المليشيات.

إيجاد حلول لتحفيز المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا المتمردة على تبني العملة الجديدة.

أثر القرار على المواطن

كالعادة و منذ بداية هذه الحرب المواطن السوداني هو الضحية الأولى لهذا القرار إذا لم تُدار العملية بشكل محكم. الفئات الأضعف ستواجه صعوبات في استبدال العملة القديمة، بينما قد يؤدي نقص السيولة أو الخدمات المالية إلى تفاقم معاناتهم اليومية. على الجانب الآخر، إذا نجحت الدولة في تنفيذ القرار بشكل شامل ومنظم، فقد يؤدي ذلك إلى تحسين السيطرة على الاقتصاد والحد من دور المليشيات في تمويل نفسها.

تغيير العملة في السودان هو خطوة تحمل في طياتها أهدافًا نبيلة، لكنها قد تكون سلاحًا ذا حدين في ظل الوضع الراهن. إذا لم يتم التخطيط والتنفيذ بعناية، فقد تتحول إلى عامل يعزز الانقسام بدلاً من الوحدة. يبقى السؤال: هل السودان مستعد لمثل هذه الخطوة في ظل التهديدات الراهنة؟ الإجابة تتطلب تحليلًا عميقًا للوضع الحالي وخطوات عملية مدروسة لتفادي أي آثار سلبية على المواطن والوطن.

نزار خيري
رئيس تحالف الخط الوطني
١٠ ديسمبر ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة