*عثمان جلال يكتب / نصيبي من النصيحة لقيادات قوى الحرية والتغيير (1)*

عثمان جلال يكتب /

نصيبي من النصيحة لقيادات قوى الحرية والتغيير

(1)
كنت في حالة تواصل مستمر في الخاص والعام مع قيادات قوى الحرية والتغيير عقب ثورة ديسمبر 2018م باذلا لهم النصح بأن مهام الثورة الديمقراطية العميقة بعد سقوط النظام السابق حشد كل طاقات المجتمع بكل تنوعه الديني والعرقي والفكري حول قضايا البناء الوطني والتحول الديمقراطي المستدام والسعي لوحدة الأحزاب السياسية وتقويتها وادماج طاقات قوى الثورة والاجيال الشبابية الجديدة في هياكلها وتحويل طاقاتهم الثورية السالبة من ميادين التظاهر إلى ساحات النشاط الفكري والسياسي البناء وضرورة انتظام الاحزاب في مؤتمرات دورية لانتخاب أجهزتها التنظيمية وتجديد قياداتها دوريا لتعاقب الاجيال ، وضرورة تركيز الأحزاب السياسية على برامج التنمية الشاملة، وتعميق قضايا البناء الوطني والديمقراطي والنأي عن الأيديولوجيات وان تكون الأحزاب سودانوية الهوى والهوية، وإنهاء الولاءات الطائفية التي تعمل بمبدأ الوراثة في القيادة، والتبعية من الجماهير. ومن واجب قوى الثورة جذب الحركات المسلحة لمشروع الثورة وإنهاء ثنائية الصراع العدمي بين المركز والهامش وضرورة ان يكون الحوار الأداة الاستراتيجية للتعاطي مع قضايا المصير الوطني . ومن واجب قوى الثورة عدم معاداة التيار الاسلامي الوطني الذي انحاز لارادة الشعب في التغيير وعلى قحت ادراك ان الاسلاميين شركاء في المشروع الوطني الديمقراطي المستدام.
(2)
كذلك من واجب قوى الثورة الديمقراطية عدم الاستقواء بالخارج خاصة السعودية والامارات اللتان اجهضتا تجارب ثورات الربيع العربي وهي في مخاض صراع الرؤى والتكوين ، والدولتان تتماهان مع المشروع الصهيوني في المنطقة والرامي إلى استمرار الأنظمة الاستبدادية والملكيات الاقطاعية المتعازلة عن شعوبها وتدمير الدول العربية والاسلامية ذات التوجهات الديمقراطية لضمان التفوق الاسرائيلي. وواجب قوى الثورة اختزال أدوار المكون العسكري في أضيق دائرة وأقصر مدى زمني ، وواجب قوى الثورة الاخلاقي عدم الاستثمار في الاستقطاب بين الجيش الوطني وقوات الدعم السريع والتي يجب دمجها في الجيش كهدف استراتيجي لانجاز التحول الديمقراطي المستدام ، وعلى قيادات قحت ادراك ان تمدد ادوار حميدتي السياسية تشكل ثورة مضادة.
كذلك من واجب قوى الثورة التصدي لبناء الكتلة التاريخية الحرجة والتي تضم كل القوى السياسية بلا استثناء لترسيخ المشروع الوطني الديمقراطي ثقافة وسلوك في بنية المجتمع والاحزاب السياسية، وصولا الى سيادة قوامة المجتمع في الحكم والنهضة الحضارية.
(3)
كذلك من مهام قوى الثورة الديمقراطية انهاء ثنائية الصراع الصفري (نحن) في مقابل (هم) وتعميق شعار (نحن ابناء السودان بكل تبايناتنا الفكرية والسياسية والدينية صناع المشروع الوطني الديمقراطي المستدام)
فالثورة التي تتصدى لإنجاز مهامها قوى فكرية وسياسية أحادية تنزع إلى فرض عملية هندسية في احواز المجتمع مما يؤدي إلى شرخ عميق في المجتمع يقود إلى إجهاض الثورة أو ترتد الثورة إلى استبدال استبداد باستبداد وتمكين بتمكين ،وإن نجاح الثورة في انجاز مهامها الاستراتيجية يتطلب صناعتها من كل المجتمع، وإدارة مرحلة الانتقال بالإجماع والشراكة وعدم اقحام القضايا الهوياتية ومرجعيات الحكم خلال المرحلة الانتقالية والتي يجب تقصيرها ، والمضي الى دورات الانتخابات التوافقية بين كل القوى السياسية الوطنية حتى يترسخ النظام الديمقراطي المستدام بنية وثقافة ومؤسسات متينة وراسخة تسمح بالتمايزات والثنائيات والتحالفات البناءة.
(4)
في كتابه الثورة الظافرة استدرك المرحوم الاستاذ احمد محمد شاموق بأنه لم يبق من ثورة اكتوبر 1964 إلا بعض اشجان وتخرصات ،فماذا تبقى من ثورة ديسمبر 2018؟؟
لقد انتهت بتحور قيادات تقدم الى جماعة وظيفية وأدوات لأجندة محمد بن زايد وحميدتي ، وهل تحالف حميدتي وبن زايد سينتج ديمقراطية ودولة مدنية؟؟ وبثمارها تعرفونها.
إن كانت ثمة نصيحة أخيرة لعقلاء وشرفاء قيادات تقدم بعد عامين من شراكة الدم والاسناد السياسي والاعلامي لحرب محمد بن زايد ومليشيا آل دقلو ضد الشعب والجيش والدولة السودانية أن تحرروا وانفضوا اياديكم من هذا الحلف الشرير وانحازوا إلى قواعدكم والشعب والجيش في معركة الكرامة ولئن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي وقد افلح من كان عقلا. وإلا فإن التاريخ ماكر ويضمر الشر لمن لا يتعظ منه.

الجمعة: 2024/12/27

مقالات ذات صلة