تسريبات تذويب ولاية غرب كردفان في الدستور تفجّر أزمة،،
تحالف نيروبي،، السقوط في أول اختبار..
ردود أفعال قوية من أبناء غرب كردفان تجاه محاولة تذويب ولايتهم..
الحركة الشعبية تطرح إقليم جبال النوبة بتضمين محليات من غرب كردفان..
مراقبون: ما يفرِّق بين مكونات تحالف نيروبي أكثر مما يجمع..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو..
كشفت تقارير صحفية عن خلافات قوية ضربت بنية القوى والكيانات الموقعة على ميثاق سودان التأسيس بقيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بزعامة عبد العزيز الحلو، وميليشيا الدعم السريع وذلك عقب تسريبات لتعديلات أجراها وفد الحركة الشعبية على مسودة الدستور الانتقالي في الباب الخاصة بالسودان دولة لا مركزية يتم تقسيمه إلى ثمان أقاليم لكل منها حكومة تتمتع بسلطات واسعة، حيث قضت التعديلات بإلغاء ولاية غرب كردفان، وتذويب محلياتها بين ولايتي شمال وجنوب كردفان، بحيث تُضم محليات النهود وغبيش، ود بندا، الأُضية، الخوي، وأبوزبد وغيرها من المناطق الشمالية إلى ولاية شمال كردفان، فيما تُضم مناطق محلية السنوط (لقاوة الكبرى) والفولة والمجلد وبابنوسة وكيلك وغيرها من المناطق الجنوبية إلى ولاية جنوب كردفان، التي يتم تعديل تسميتها إلى إقليم جبال النوبة.
أزمة حادة:
وأثارت التسريبات الخاصة بالتعديلات التي جرت على مسودة الدستور الانتقالي أزمة حادة هزت أركان العاصمة الكينية نيروبي جعلت عبد الرحيم دقلو وفضل الله برمة يسارعان إلى عقد اجتماعات بغية تهدئة الأوضاع ومحاولة إيجاد مخرج، خاصة في ظل الرفض الواسع من قبل أبناء غرب كردفان، بيد أن الاجتماع فشل في الخروج بمعالجة جذرية لهذه الأزمة ولم يصدر قرارات حاسمة، وإنما جعل الباب موارباً بإرسال تطمينات إلى أبناء غرب كردفان، مفادها أن حقوقهم لن تضيع، وأن دعمهم للميثاق السياسي ومشروع الحكومة الموازية لن يضيع هدراً، يأتي ذلك في وقت يتمسك فيه وفد الحركة الشعبية بتبعية مناطق لقاوة الكبرى، والبيجا، وكيلك، إلى إقليم جبال النوبة، فيما يتشدد أبناء غرب كردفان بموقفهم الرافض لتذويب الولاية، وقد دفعت الإدارة الأهلية من الفولة بمذكرة رسمية معنونة إلى قيادتي الدعم السريع، والحركة الشعبية، وقد أدى هذا التصعيد إلى تعطيل الإجراءات الخاصة بتكوين اللجان الفنية والمشتركة لاختيار شاغلي الحقائب الوزارية للحكومة الموازية، حيث تتحرك الوساطات لاحتواء الأزمة التي يقول مراقبون أنها ستهزُّ الأرض من تحت تحالف نيروبي إلى درجة ربما تؤدي إلى تصدع يضرب بنيته.
تذويب سابق:
وكانت ولاية غرب كردفان قد شهدت من قبل عملية تذويب في ولايتي شمال وجنوب كردفان إذعاناً لمنطوق اتفاقية سلام نيفاشا في العام 2005م بالعاصمة الكينية نيروبي وما أدراك ما نيروبي! حيث أثار قرار التذويب ردود أفعال واسعة في مكونات غرب كردفان التي كانت قد بدأت تتذوق طعم السلطة والثروة عطفاً على معطيات الحكم الاتحادي، حيث تم إنشاء الولاية في العام 1994م، وفق المرسوم الدستوري العاشر لسنة 1993م، والذي قضى بإعادة تقسيم الولايات، واتهم الكثير من أبناء غرب كردفان الرئيس المخلوع عمر البشير بالتنازل عن ولايتهم والتضحية بها وحرمانهم من نعمة السلطة إرضاءً للحركة الشعبية التي كانت تمارس ضغوطاً شديدة على المؤتمر الوطني من أجل إقامة ولاية خاصة بجبال النوبة، حيث رفض المؤتمر الوطني هذا المبدأ معتبراً أن معظم سكان جبال النوبة يدينون بالولاء السياسي للحركة الشعبية الأمر الذي سيؤثر على نشاط المؤتمر الوطني بولاية جنوب كردفان، عموماً فقد استمرت تصفية ولاية غرب كردفان من العام 2005م وحتى العام 2013م، حيث عادت إلى منظومة الحكم الاتحادي عقب تجدد القتال بين الحركة الشعبية والحكومة في ولاية جنوب كردفان في العام 2011م.
عقبة كؤود:
وبحسب مراقبين فإن التسريبات الخاصة بتذويب ولاية غرب كردفان، تمثل عقبة كؤود في مسار العلاقة التي تربط بين مكونات تحالف نيروبي باعتبار أن الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو لن تتنازل عن مبدأ إقامة إقليم خاص بجبال النوبة لكونه من المرتكزات الأساسية للسودان الجديد الذي يحرص على الاستجابة لأشواق وتطلعات سكان جبال النوبة المهمشين تاريخياً، وهو الأمر يخالف تماماً توجه ميليشيا الدعم السريع التي تسعى لتكوين دولة العطاوة ذات الملامح العربية والساعية إلى تمكين عرب الشتات من القبائل العربية من الرعاة والرحّل المنتشرين في العديد من دول الساحل والصحراء في المنطقة الأفريقية مثل ليبيا، وتشاد، والنيجر، وشمال شرق نيجيريا، إضافة إلى القبائل العربية الموجودة أصلاً في السودان والتي شكل بعضها حواضن اجتماعية لميليشيا آل دقلو خلال فترة الحرب التي توصف بالجودية عطفاً على محاولة الدعم السريع إحداث تغيير ديموغرافي في السودان.
خاتمة مهمة:
على كلٍّ يبدو أن محاولة تذويب ولاية غرب كردفان في مسودة الدستور الانتقالي تمثل نقطة جوهرية في الخلاف الذي يضرب بنية تحالف نيروبي، ويعتقد الكثير من المراقبين أن قضية التذويب لن تكون وحدها المعضلة التي ستختبر تماسك هذا التحالف، وإنما هنالك قضايا أخرى متعلقة بهوية الدولة ونظام الحكم خاصة فيما يلي العلمانية وفصل الدين عن الدولة، ومنع تأثير الهوية الدينية والعرقية في الحكم، وهو الأمر الذي يوضح أن ما يفرق بين تحالف نيروبي أكثر مما يجمعهم.