*المرأة السعودية نحو الريادة العالمية في يوم المرأة* *د.هبة بت عريض*

إن النِّساءَ كَأَشجَارٍ نَبتنَ معَاً منها المرارُ وبعضُ المرَّ مأكولُ..
إن النِّساء متى يَنهَيْن عن خُلُقِ فإنَّهُ واجِبٌ لا بُـدَّ مَفعُولُ…
لا يَنْثَنَيْنِ لِرُشدٍ إن مُنِيْنَ لـه وهُنَّ بعدُ مَلُومَـاتٌ مَخَاذِيلُ …
المرأة هي زهرة الحياة، تنثر عبير العطاء أينما حلّت، والوطن حين تضيق الأوطان، والسكن حين تشتد الأزمان، والنور الذي يبدد الظلام، هي نهر الحنان ينبع من صمتها حكمة وفي كلماتها نور، وفي قلبها رحمة، تتجلى القوة في رقتها، ويتجسد الصبر في ألمها، وتشرق عزيمتها رغم المحن، هي الشمس التي تمنح الدفء للعالم، والقمر الذي يضيء الدروب، واللؤلؤة التي لا يزيدها الزمن إلا بريقًا، تحية لكل امرأة تُضيء الحياة بحضورها، وتُزهر الأيام بابتسامتها، وتخطّ بعزيمتها أروع فصول العطاء والإلهام.
يحتفل العالم في الثامن من مارس كل عام بيوم المرأة العالمي، ذلك اليوم الذي يُجسد تقديراً عالمياً لدور المرأة في بناء المجتمعات ونهضتها، ويمثل علامة فارقة في مسيرة النضال من أجل المساواة والعدالة، إنه يوم تتجلى فيه معاني التقدير والاحترام للمرأة، باعتبارها نصف المجتمع ومسؤولة عن النصف الأخر، والمحرّك الأساسي لتقدمه، والركيزة التي يُبنى عليها مستقبل الأجيال، إنه ليس مجرد احتفاء رمزي، بل مناسبة لتسليط الضوء على إنجازات المرأة في مختلف المجالات، وتجديد الدعوة إلى تحقيق المساواة عملياً وسط المجتمع…
وبالحديث عن يوم المرأة نسلط الضوء في هذا المقال عن انجازات المرأه السعودية التي أصبحت حاضرة في شتى مجالات العمل والمناصب، حيث حظيت المرأة السعودية بدعم كبير ورعاية خاصة من القيادة الرشيدة، التي اتخذت سلسلة من القرارات الحاسمة والتاريخية لتمكينها؛ مما أحدث نقلة نوعية في دورها ومكانتها داخل المجتمع وفي مختلف جوانب الحياة؛ لتصبح المرأة السعودية شريكاً فاعلاً في تقدم المملكة ورفعتها.
ومنذ إطلاق رؤية المملكة 2030، في عام 2016، شهدت المملكة حراكاً ضخماً شمل تحسين أحوال المرأة باعتبارها أحد مكامن القوة في النهضة الوطنية، فالمرأة تشكّل نحو 49 % من المجتمع السعودي، ونصف النساء هن دون 27 عاماً، أي أن جيلاً جديداً من سيدات المستقبل أصبح جزءاً من هذه التحوّلات الإيجابية المتسارعة
تبنت بها المملكة سياسة واضحة لتمكين المرأة وتعزيز دورها في كافة المجالات؛ وذلك تقديراً لإسهاماتها في بناء المملكةوتنميتها. وقد انعكس هذا التوجه في تحول نوعي لمنظومة تمكين المرأة، من خلال إصلاحات تشريعية شاملة، تهدف إلى إبراز قدراتها ومواهبها
وأصبحت المرأة السعودية حاضرة في شتى مجالات العمل والمناصب العليا محلياً ودولياً،لما تمتلكه من مهارات وخبرات، وما نالته من شهادات عليا في تخصصات علمية وعملية متقدمة.
وتعتمد الأنظمة السعودية المستمدة من الشريعة الإسلامية، مبدأ المساواة التكاملية بين الرجل والمرأة، مع مراعاة خصائص كلا الجنسين؛ لتحقيق العدالة المطلقة، وضمان المساواة بين الرجل والمرأة، مثل الحق في العمل، والتعليم، والصحة، والحقوق الاقتصادية، وحقوق الإنسان،كما عززت الإصلاحات مشاركة المرأة في التنمية الاقتصادية، ومنها توحيد سن التقاعد للجنسين، ومنع التمييز بين الجنسين من حيث الأجور، ونوع الوظيفة، ومجالها، وساعات العمل، وكذلك تمكين المرأة من ممارسة الأعمال التجارية دون الحصول على موافقة مسبقة.
وخلال السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من أقل من 20 % إلى أكثر من 37 %، كما تألقت سيدات أعمال سعوديات في ريادة الأعمال والتجارة الإلكترونية، إضافة لتقلدهن مناصب قيادية في البنوك والشركات الكبرى، كما حظين بدعم من القيادة، من خلال تعيين المرأة في مناصب قيادية حكومية.
وفي مجال الاختراعات حققت المرأة السعودية براءات اختراع عالمية في مجالات الطب والهندسة والعلوم، كما برزت عالمات سعوديات في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، وفي برامج الابتكار وريادة الأعمال التقنية، ما أدى إلى تأسيس شركات تقنية ناشئة تقودها سيدات وفتيات سعوديات.
وكان حضور المرأة السعودية فاعلاً في الألعاب الأولمبية والعالمية، وإنشاء فرق نسائية رسمية في مختلف الرياضات، مثل كرة القدم، وكرة السلة، والفروسية، بل والفوز بميداليات في المنافسات التعليمية والرياضية الإقليمية والدولية.
ففي ظل النهضة الكبيرة التي تشهدها المملكة العربية السعودية , شهدت أوضاع المرأة السعودية تحولات ضخمة ،حيث عنيت رؤية 2030 بإنصافها، وتمكينها،بعد ان عانت عقودا عديدة من أوضاع غير منصفة،فيما يتعلق بحقوقها المدنية والقانونية.
من هنا يمكن القول بأن المرأة السعودية قد خطت خطوات عملاقة باتجاه المشاركة الفاعلة علميا وعمليا لخدمة نهضة المجتمع السعودي،وتفاعل المجتمع، السعودي معها ، على مستوى الاسرة،وعلى المستوى المهني وقطاع الاعمال،مع تحديات المرحلة الحالية،و إنجازاتها، وإبراز جهودها في شتى الميادين، والتأكيد على أهمية دعمها وتمكينها لتحقيق مزيد من التقدم والازدهار.
تواصل المملكة دعم تمكين المرأة في كافة المجالات المحلية والإقليمية والدولية، حيث تترأس المملكة حاليا لجنة وضع المرأة (csw) في الأمم المتحدة بنيويورك العام 2025،ما يبين جهود وإنجازات المملكة الدولية في تمكين المرأة، حيث تم إطلاق تحالف “EMPOWER” لتمكين المرأة بالقطاع الخاص خلال رئاسة المملكة لـ 20، وإعلان الرياض عاصمة المرأة العربية للعام 2020 لدعم الجهود العربية التي استضافتها المملكة لـ ” مؤتمر المرأة في الإسلام” وصدور “وثيقة جدة” التي تؤصل حقوق المرأة التي كفلها الإسلام،ومن ثم حصدها لجائزة الأمم المتحدة في تمكين المرأة في قطاع تقنية المعلومات…
فهنيئاً لنساء المملكة نجاحاتهن وريادتهن، وهنيئاً لشعب المملكة برائدات التغيير وكل عام وجميع نساء العالم في مصاف العالمية والريادة …
*هبه بت عريض*

مقالات ذات صلة