*وادي النيل شعب واحد في وطنين* سيّله مداد / *محمد أبوزيد مصطفى*

التاريخ الزاخر والجغرافية الخالدة والمصير المشترك يحتمان علي شعب وادي النيل ان يلتحم ويندغم في كتلة كما الصخرة التي لا تقوي جهة يوماً علي ان توهنها مهما استخدمت من آليات التكسير والإسالة، لماذا؟…
لأن الشعب بمجموعه يصل قوامه لمائة وخمسين مليون نسمة يكاد يناطح نصف الكتلة البشرية العربية، إن هذا المورد البشري المحسوب عدداً والذي يخفي خلفه عقولاً ذات خاصية نادرة في الفهوم والعلوم يمكنها مضاهاة نوابغ العصر من شعوب الدنيا بل قد تتفوق، ولها قدرة انتقاش الماورائيات مما تدسه قوي البغي المتربصة بهذه المنطقة المتوتدة في قلب العالم وصُرّته، وتتحكم في اهم الممرات المائية وطرق التجارة البحرية، والعبور الجوي من كل اتجاهاته الجفرافية. فإن الأنهار تشقه من كل جهة، وتحيط به البحار أيضاً ، فالأبيض الذي يصله باوروبا وعرب شمال أفريقيا والشام، والأحمر الذي يربطه بالعرب الآسيويين وصلا لهم بعرب أفريقيا. ومساحته أكبر مساحةً أفريقياً وعربياً.
الموارد الاقتصادية ظاهراً وباطناً تحدثك عن نفسها لمّا تري الاطماع الدولية والإقليمية تتداعي كما الاكلة الي القصة، والكلاب الضالة وهي تصطرع علي الفريسة.
فوادي النيل يختزن_ غير المعادن النفيسة والنادرة _ثروة هائلة من المياه الجوفية والسطحية ما يمكنه من تصدير المياه العذبة والكهرباء، وأما زراعة ما لذ وطاب واستطاب من الحبوب والخضر والفواكه والعشب الطبيعي لثروة حيوانية بملايين الاصناف ما لا يخطر علي بال علماء الأرض الزراعيين، فإذا كانت أزمة مستقبل العالم مائية وغذائية، فإن وادي النيل عليه أن يرفع عقيرته ويقول انا لها، ولكن كل شئ بثمنه، فما حك جلدك مثل ظفرك، فعليه ان يمتطي الجواد ويحد السيف قبل أن يستله ليحمي عرينه خوفا عليه من الاغتصاب، ولنا في السودان آية وعبرة، ففيها تكشفت الحقائق الخافيات والدقائق المذهلات.
هذا الشعب عرفت جسارته وبسالته ساحات الحروب الإقليمية والدولية، ولسوف يعيد التاريخ نفسه رغم انه كان حاضراً لم يغب.
والصناعات بكل اقسامها خاصة اقتصاد المعرفة فمقدور عليها ما دام ان المورد البشري وافر، والمواد الخام ميسورة وفي متناول الايدي.
وادي النيل وجب عليه أن يحطم الاغلال ويكسر القيود ولا يكثر الالتفات الي الوراء حذراً ، ففي الوحدة والتكامل قوة، والمصاهرة والتهجين كسباً هائلاً من الصفات والمزايا، رغم ان العائلات في الاصل مشتركة لكنها تتوق لان تمتزج أكثر فأكثر، وقد راينا كيف ان الدم يحن لبعضه في موقف مصر، شعباً ورئيساً، مع اشقائهم السودانيين حين لجاوا إليهم بسبب هذه الحرب اللعينة والتي اظهروا فيها تضامناً عزيزاً جسد هذه المعاني المذكورة تاريخاً وجغرافية ومصيراً مشتركاً…
ألا فليحيا شعب وادي النيل وهو يسجل نقطة بيضاء في تاريخه ويعطي للعالم درساً في التلاحم والاخاء.

مقالات ذات صلة