*وداعاً محمد الجزار: صوت إبداعي خمدته أوجاع الوطن*

كتب : معاوية أبوالريش

بقلم مكلوم على وطن جريح
في لحظة حزن عميقة تجتاح القلوب السودانية، ودّعنا اليوم فناناً استثنائياً كان صوته يلامس شغاف القلوب ويعبّر عن آمال وآلام الوطن. رحل محمد فيصل الجزار في صمت بعيداً عن أضواء الشهرة التي استحقها، مُثقلاً بهموم وطن تمزقه الحرب وتفرّق أبناءه.

في حي الصومعة بمدينة القضارف، انطفأت شمعة من شموع الإبداع السوداني، بعيداً عن أهله وزملائه ومحبيه. غادرنا الجزار وهو يحمل في روحه أوجاع التهجير القسري والنزوح الذي فرضته ظروف الحرب القاسية على آلاف السودانيين.

كان محمد الجزار مرآة صادقة لمعاناة الشعب السوداني، عكست أعماله الفنية ألم المواطن البسيط وصراعاته اليومية. لم يكن مجرد فنان، بل كان رسالة حية تنبض بقضايا وطن كامل. حمل على كاهله هموم الناس، وتنقل بينهم في حلهم وترحالهم، يوثق معاناتهم ويترجم أوجاعهم إلى إبداع فني أصيل.
وقد جاء رحيله في وقت تعيش فيه البلاد أصعب أيامها، مما يجعل الخسارة مضاعفة. ففي زمن تحتاج فيه الأمة إلى كل صوت مخلص وكل موهبة صادقة، يغيب عنا واحد من أبرز رموزها الثقافية.

إن غياب الجزار ليس فقداً لفنان، بل هو فقدان لجزء من الذاكرة الثقافية للسودان. تلك الذاكرة التي تحرص على توثيق كل لحظات الألم والأمل في تاريخ بلد عريق.
تمتد مسيرة الجزار الفنية لسنوات طويلة، قدم خلالها أعمالاً أثرت المشهد الثقافي السوداني وتركت بصمة واضحة في وجدان الجماهير. عبر بفنه عن قضايا الوطن وهمومه، وكان دائماً في صف المواطن البسيط، يعبر عن آلامه وتطلعاته.

نودع اليوم فناناً ترك إرثاً إبداعياً سيظل حاضراً في الذاكرة الجمعية للشعب السوداني. ورغم أن رحيله جاء في ظروف مؤلمة، إلا أن أعماله ستبقى شاهدة على عصر وعلى مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها البلاد.

نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يلهم أهله وذويه ومحبيه جميل الصبر والسلوان. وأن يرحم كل ضحايا الحرب والتهجير والظلم في ربوع السودان.
إن رحيل الجزار يذكرنا جميعاً بمسؤوليتنا تجاه هذا الوطن الجريح، ويدفعنا للعمل من أجل غد أفضل تسوده قيم العدالة والإنسانية والسلام.
تبقى روح الجزار حاضرة بيننا من خلال أعماله وإبداعاته، وسيظل اسمه محفوراً في تاريخ الفن السوداني كرمز للصدق والإخلاص والالتزام بقضايا الوطن والمواطن.*
إنا لله وإنا إليه راجعون

https://vm.tiktok.com/ZShCqG2fj/

مقالات ذات صلة