*توجيه الوزارات بمباشرة العمل من العاصمة.. عودة الحكومة للخرطوم.. تاريخ جديد ..!*

توجيه الوزارات بمباشرة العمل من العاصمة..

عودة الحكومة للخرطوم.. تاريخ جديد ..!

ديسمبر سيكون شاهدًا على عودة الحكومة الاتحادية لولاية الخرطوم..

الخطوة تأتي لتطبيع الحياة بالعاصمة التي تحررت فى رمضان الماضي..

القرار يتجاوز كونه إجراءات اداريا لإعادة رسم خريطة العمل التنفيذي..

تقرير_ محمد جمال قندول

شهر ديسمبر الجاري سيكون شاهدًا على عودة الحكومة الاتحادية لولاية الخرطوم بشكل كامل في تاريخ جديد للعاصمة التي ستحتضن الجهاز التنفيذي بعد 32 شهرًا من اندلاع الحرب إثر تمرد ميليشيات آل دقلو الإرهابية على الدولة في الخامس عشر من أبريل 2023.

تطبيع الحياة

ونقلت وكالات الأنباء أمس الأحد بأن مجلس الوزراء أصدر تعميماً رسمياً حوى توجيهًا لعدد من الوزارات لتنتقل فورًا إلى ولاية الخرطوم.

وكان رئيس الوزراء د. كامل إدريس قد أكد عودة الحكومة بكاملها للعاصمة في ديسمبر الجاري، وذلك بعد عامين ويزيد قضاها الجهاز التنفيذي في العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان، التي احتضنت الحكومة وأعدادًا كبيرة من نازحي الحرب.

وتأتي الخطوة لتطبيع الحياة بالخرطوم التي تحررت بالكامل في شهر رمضان الماضي بعد أن شهدت خرابًا ممنهجًا من ميليشيا الدعم السريع.

التوجيه الصادر بالعودة شمل وزارات “العدل، الزراعة والري، المعادن، الثروة الحيوانية والسمكية، البنى التحتية والنقل، التحول الرقمي والاتصالات، التربية والتعليم، التعليم العالي والبحث العلمي، الموارد البشرية والرعاية الاجتماعية، الشؤون الدينية والأوقاف، الثقافة والإعلام والآثار والسياحة”، مع الإشارة إلى أن وزارات “الصحة، والداخلية، والبنية التحتية” قد باشرت مهامها من الخرطوم خلال الأشهر الماضية.

ويأتي الانتقال إنفاذًا لتوجيهات رئيس الوزراء د. كامل إدريس الذي باشر منذ وصوله المنصب لفكرة عودة الحكومة للخرطوم، كما عقد أول اجتماع لحكومة الأمل بالعاصمة.

لجنة تهيئة ولاية الخرطوم برئاسة عضو مجلس السيادة الفريق مهندس إبراهيم جابر بذلت جهودًا كبيرة في هذا المسار، بجانب التحركات الكبيرة لوالي الخرطوم أحمد عثمان حمزة لتجهيز ولاية الخرطوم ليس للاستقبال فحسب فالوالي ظل صامدًا منذ بدء الحرب وعاصر كل تفاصيلها.

مرحلة جديدة

ويقول الكاتب الصحفي والمحلل السياسي د. إبراهيم شقلاوي إن قرار مجلس الوزراء بإلزام الوزارات بالانتقال من بورتسودان إلى الخرطوم يحمل دلالات تتجاوز الجانب الإداري إلى إعادة رسم خريطة العمل التنفيذي بالنظر إلى الظروف التي تمر بها البلاد.

وبحسب شقلاوي فإن الوزارات التي واصلت أداء مهامها من العاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان خلال الأشهر الماضية عملت بقدرات محدودة، واعتمدت على الحد الأدنى من الكوادر الإدارية والتنفيذية، الأمر الذي خلق فجوة واضحة بين احتياجات الدولة وبين الطاقة المتاحة لتسيير دولاب العمل.

ومن هذا المنطلق، فإن العودة إلى الخرطوم، دعوة رسمية لجميع العاملين في هذه الوزارات لاستئناف مهامهم كاملة، اتساقًا مع القرار الحكومي بإعادة مركز الدولة إلى موقعه الطبيعي.

وتابع د. إبراهيم بأن العودة لن تكون إلى المقار القديمة في وسط العاصمة، إذ تستعد تلك المنطقة لمرحلة إعادة تخطيط عمراني وإعادة بناء شاملة وفق رؤية لجنة الفريق إبراهيم جابر، ما يعني أن الوزارات ستعمل من مباني بديلة داخل ولاية الخرطوم.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي د. إبراهيم شقلاوي يرى بأن هذا الواقع يضع الحكومة أمام تحديات مزدوجة: الأول، توفير بيئة عمل مناسبة تسمح بعودة الكوادر واستعادة انتظام الأداء المؤسسي. والثاني، إدارة عملية الانتقال بالتزامن مع ترتيبات إعادة الإعمار، بما ينسجم مع رؤية الدولة للمرحلة المقبلة دون أن يتعطل العمل العام.

وأضاف محدّثي بأن الانتقال إلى الخرطوم، يُقرأ كرسالة سياسية واضحة مفادها أن الدولة تسعى إلى تثبيت حضورها في المدينة التي شكّلت تاريخيًا مركز القرار الوطني، والتأكيد على تطبيع الحياة. كما يمنح هذا القرار انطباعًا بأن الحكومة تعيد ترتيب أولوياتها نحو عمل تنفيذي أكثر تماسكًا، يتجاوز مرحلة “الإدارة من المنفى الداخلي” التي فرضتها ظروف الحرب.

وزاد: في المقابل، يطرح القرار تحديات عملية تتعلق بقدرة هذه الوزارات على استعادة بيئة العمل، وضمان سلامة الكوادر، وتوفير الحد الأدنى من البنية الخدمية التي تسمح بتسيير دولاب الدولة بكفاءة. وهذه التحديات تستدعي تنسيقًا وثيقًا بين الأجهزة الأمنية والجهات الخدمية لضمان انتقال سلس يحقق الغاية من القرار دون إرباك.

البعد السياسي للعودة وفقًا لشقلاوي يحمل رسالة تتجاوز الداخل، فهي تعلن إصرار الدولة على استعادة مركز قرارها، وتبثّ إشارة إقليمية ودولية بأن مؤسسات الحكم ما تزال قادرة على العمل من العاصمة الخرطوم. كما يعكس القرار رغبة الحكومة في تثبيت صورتها كطرف يملك زمام المبادرة، في وقت تتكاثر فيه المقاربات الخارجية لإدارة الأزمة السودانية. وبذلك، تتحول الخطوة إلى إعلان عن عودة الدولة إلى موقعها الطبيعي، وإرادة لفتح مرحلة جديدة أكثر استقرارًا وحضورًا في المشهدين الإقليمي والدولي.

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole