*حكايات واشجان
من هنا ام درمان*
(5)
*صلاح طه وعبود سيف الدين للوفاء حوبة وللمعزة مكان*
الطيب قسم السيد
في صباح السبت التاسع من ابريل/2016،،رحل عن دنيانا هذه الفانية المهندس النابه،ومقدم البرامج القدير، صلاح طه إسماعيل،، رحمه الله وجعله من أصحاب اليمين.. وكنت قدأمسكت بهاتفي قبل ذلك بيوم، وكان يوم جمعة،، لا تصل على رفيق دربنا المهندس صلاح طه،، هذا الذي لا ينقطع سؤاله عن أهله وذويه وزملائه ومرؤسيه، وتلاميذة أبدا.، إتصلت عليه، بدافع ان اخباره انقطعت عني لاسبوع ويزيد..بجانب انني كنت انوي استشارته في امر عام طلب الي الادلاء براي فيه،، أحد وزراء الإعلام الولائين.
ولأن الأمر كان متعلقا باحدى الإذاعات الولايه، كان لابد من الرجوع الى مؤسس معظمها وامين سر اغلبها، وممدرك،محاذيرها ومحدداتها،، المهندس صلاح طه اسماعيل المدير الأسبق لإدارتها المركزية العامة.
رد على مكالمتي،، الابن الأصفر للأخ صلاح طه الذي هو الآن في ذمة ربه،، ابنه محمد..الذي أبلغني ان والده يعاني من وعكة صحية.
هو الآن بسببها طريح الفراش الأبيض لدى مستشفى رويال كير بالخرطوم.
فتوجهت فورا الي المستشفى المعنية..ولم أتمكن من مقابلته لتعليمات الفريق الطبي الذي يتولى متابعة حالته التي اتضح انها لا تخلو من الخطورة..رغم التحسن اللاحق الذي طرأ عليها.
عدت إلى المنزل بعد أن قضينا نهارنا وجزءا من مساء تلك الجمعة التي كنا لاندري انها الاخيرة من عمر اخينا ورفيق دربنا المهندس البارع ومقدم البرامج الجماهيرية النابه الموهوب (صلاح طه) .. فودعت اخوي عبود سيف الدين،، ومصطفى محمد صديق،، و ابنه حسن. غادرت المستسفى
كان مساء الجمعة ذاك،، وليلة يومنا التالي السبت وفجره الذي استقبلته مبكرا،، مليئا بل مزدحما بظنون مقلقة.. كانت تروادني عن حالة اخي الغالي (صلاح) بعدان بلغني والاخ (عبود) رحمهما الله،، من ابنه،، انه طلب منهم ان يعيدوه إلى المنزل ولما.. رد عليه ابنه حسن بأن وجوده بالمستشفى بغرض المراقبة والعناية الطبية،، رد عليهم بعبارة قال الابن حسن إنها الأولى و الأخيرة،، التي نطقها منذ دخوله المستشفى،، قال لهم بلطفه وعفويته وتوكله وروحه اامرحة اامعهودة ( ما اصلو لو هنا،، أو في البيت الموضوع موت موت).. هذه العبارة ظلت تجول بخاطري طوال تلك الليلة.
وعند حلول فجر ذلك السبت التاسع من ابريل/2016،، رن هاتفي فامسكت به قلقا ومتحسبا..
فإذا بالمتصل في تلك الساعة رفيق الدرب وفي العشرة،، العزيز الغالي الذي رحل هو الآخر عن دنيانا الفانية،، ليبلغني بعبارة موجزة،وصوت حزين متهدج ( الدوام لله يا الطيب صلاح طه في ذمة الله).
نعم لاحول ولاقوة بالله و لا راد لأمره سواه. رحل صلاح طه وقتها..
.. هاهو عبود سيف الدين الذي يعرفه جل أهل السودان فنانا مبدعا مرهفا ويحبوه،، لان حبهم من حب الله،، هاهو يرحل الآخر،في فجر وساعة من هذا السبت الرابع من مايو/2024..وهو يوم وساعة طابقت يوم رحيل صلاح طه وساعة تلت ساعة رحيل اخينا وغالينا المهندس صلاح طه.بساعات قليلة كنت اعكف فيها (سبحان الله) على كتابة هذا المقال بحق رائعنا ورائعكم الإذاعي صلاح طه اسماعيل..
نعم..
رحل المهندس الإذاعي المبدع صلاح طه من دنيانا الفانية هذه.. في صمت ..والصمت كان السمة التي ظلت تميز كل اسهاماته (الجلية) والجليلة في سبيل وطنه ومهنته التي أحبها وتفانى لآخر لحظة من عمره في تعظيمها وإعلاء شأنها.
صلاح طه الذي افتقدناه بقضاء الله ومشيئته التي لا راد لها الاهو،،فنان اذاعي شامل.. برع وتفوق في العمل الهندسي والفني،،وأبدع في المجال البرامجي على الصعيدين المرئي والمسموع..فتميز عبر برنامجه الشهير (من خارج الاستديو) باكتشاف العديد من المواهب الغنائية الباهرة من بينها النور الجيلاني الذي انبعث صوته الشجي لاول مرة عبر برنامجه (من خارج الإستديو) من نادي الكدرو،،، في سبعينات القرن الماضي،، ومجذوب اونسة الذي قدمته كذلك ولاول مرة احدي حلقات برنامج من خارج الاستديو،، من شندي..
وعلى صعيد التلفاز واصل صلاح طه تفعيل ملكته في اكتشاف وتقديم العديد من النجوم.التي كان لهاشانها في مسيرة الغناء في بلادنا.
صلاح طه اسماعيل هذا الاذاعي الشامل، الزاهد، المتواضع، المجدد المبادر،،كان وراء العديد من النقلات الفنية والهندسية التي شهدتها الاذاعة السودانية.. ويكفي انه كان وراء التحول في استخدام أجهزة التسجل الصوتي التي نقلها بعد دورة متقدمة أمضاها في ألمانيا مطلع ثمانينات القرن الماضي،، حيث انتقلت أجهزة الإذاعة الصوتية من جيل (الامبكس) الي جيل (الاستيودر )وهوكذلك صاحب تفعيل المنحة اليابنية لتطوير البث الإذاعي في منتصف ثمانينات القرن الماضي حيث كان المشرف الوطني الذي حاز على ثقة اليابانين.. باشرافه على محطات التقوية في مدني،وعطبرة،والأبيض وكسلا، ودنقلا.وهو بجانب ذلك،، من اقنع المانح الياباني، بان تقدم المحطات اعلاه خدمة محلية لصالح المجتمعات الريفية التي انشئت فيها
بجانب مهمتها الأساسية وهي تقوية الإرسال في مناطق ضعفه.. فحقق بذلك رغبة الأهالي والحكام،، في المزواجة بين الهدفين: توصيل الرسالة القومية لأوسع رقعة من ربوع لوطن،، وتصميم رسالة محلية لخدمة المجتمعات المحلية.
أيها الكرام.. إن اي رسالة او مقصد تنموي،، او اقتصادي،، او اجتماعي،، في أي مجال من المجالات يحتاج بجانب المعايير المهنية المكتسبة بالتخصص والتأهيل والإحتكاك والتدريب،، يحتاج معايير أخري قيمية أبرزها،،( الهمة والتجرد والمبادرة) ،،ولعمري فان الثلاثة معايير هذه،، مع الزهد والتواضع والتفاني والاخلاص تمثل السمات الراسخة في شخصية و حياة فقيد الوطن والإذاعة والمهنة والمهنية المهندس صلاح طه اسماعيل..رحمه الله وغفر له،، واسكنه الجنة مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.
ولإقتران تاريخ نشر هذا المقال بيوم رحيل اخينا وزميلنا المرهف الوفي (عبود سيف الدين) اعد بأن للحكاية هذه وأشجانها تتمة وبقية..
انا لله وانا اليه راجعون*