من اغتال الإمام الصادق المهدي؟؟.. يوسف عبد المنان

 

في شتاء عام٢٠١٧ والعاصمة الإثيوبية تبكي مطرا منهمرا وعاصفة برد تجعل الصبي (يكتكت) ضربت وزميلي الجميل طيب المعشر في الأسفار والترحال الأستاذ عادل الباز موعدا صباحيا للقاء الإمام الصادق المهدي وكعادته كان مدير مكتب الإمام وخازن أسراره محمد زكي يطلب الالتزام بالموعد وبساعة من الحديث نظرا لانشغال جدول أعمال الإمام في ذلك اليوم وقد ضاقت فنادق أديس أبابا بحشود السودانيين القادمين من الاصقاع البعيدة ومن صحاري دارفور وغابات جبال النوبة ومن الخرطوم ليشهدوا التوقيع النهائي لاتفاق خارطة الطريق قبل أن يخيب أملهم ويتبدد حلمهم واتنفض المفاوضات من غير اتفاق ويمهد الفشل للخطة الدولية البديلة بإسقاط النظام بأكمله بدلا عن التعايش معه من خلال دفع تحالف قوى نداء السودان للشراكة مع البشير على الحد الأدنى من الاتفاق
في تلك المفاوضات وكعادته جاء ياسر عرمان بالادباء من كل فج عميق ليشهدوا منافعا له ومنافعا لهم وإضفاء قدر من شمولية تمثل المعارضة لاطياف المجتمع العريض جاء عرمان وكان حينها بمثابة القلب النابض بالحياة في جسد التحالف الميت والمحرك الفعلي للحركة الشعبية قبل تصدعها وتشرزمها جاء عرمان بالشعراء عالم عباس محمد نور وفضيلي جماع والروائي بركة ساكن والأكاديميين على بلدو وعشاري أحمد محمود وجاء بعبد الله حمدوك ورهط من النساء وكانت ساحة التفاوض بفندق رديسون بلو بمثابة سوقا للصحافيين يتبضعون من أخبارها وكان أحمد البلال الطيب الصحافي الوحيد الذي يجوس عواصم أفريقيا مع وفود الحكومة دون أن تدفع له الحكومة دولارا واحدا ولا تزكرة سفر أو فواتير إقامة بينما كاتب هذه السطور تدفع له الحكومة مثله وآخرين مصاريف الإقامة في الفندق والسفر والعودة بالطائرة الحكومية ورغم كل ماقدمه أحمد البلال للمعارضة حيث كان ينشر أخبارها ولا يستهدف رموزها بالنقد المتجني لكنه بعد الثورة طالته لجنة إزالة التمكين بالاتهامات الجرافية وبكل أسف لم يجد الحماية من مجموعة العسكر التي تعرف أكثر من غيرها غيرته على الجيش
#⃣ طرقنا مع الصديق عادل الباز أبواب فندق قيون القديم العتيق وهو الفندق الذي كان الراحل الشريف حسين الهندي يفصله على كل فنادق أديس الجميلة استقبلنا الإمام ببشاشة وتقدير كبير رغم أن كلانا كان ينتقد مواقف حزب الأمة وشخص الإمام لكن الصادق وهبه الله قلبا كبيرا وانفة وكبرياء وتواضعا وترفعا عن الصغائر رفعنا الفاتحة على روح صهر الصادق وخال أولاده الراحل د حسن الترابي الذي غيبه الموت ولم نلتقي الإمام وقد خرج لتوه من السجن بسبب انتقاده المعلن لقوات الدعم السريع التي بدأت في التمدد حينها ودفع الإمام الصادق ثمن انتقاده لها سجننا وتهديدا بالقتل من قادة الدعم السريع وحينها كان الرئيس البشير قد فرض حمايته الشخصية للفتي المدلل حميدتي وتلك قصة أخرى
#⃣ لكن الإمام الصادق المهدي حدثنا طويلا عن الموت الفجأة والموت بسبب أمراض العصر من ضغط الدم والسكري والقلب ومن غير مقدمات قال الإمام لعادل الباز (الحمد الله انا ربي أكرمني وعافني من تلك الأمراض)
خرجنا وهمس عادل الباز قائلا لأول مرة أشعر بأن الإمام بدأ يتحسس دنو أجله ولاتدري نفسا بأي سقما تموت بالحصبة ام السرطان اما القلب ام الجدري أو الكورونا كما داهمت الإمام الصادق مثله وكثيرين من سكان العالم ولكن موت الأمام الصادق وملابسات نقله بطائرة خاصة إلى دولة الإمارات التي أمسكت حينها بعنق السودان وبجيوب قادته وتغلغلت في وسط أحزابه تشتري الصحف والصحافيين والأطباء والضباط بالمال وأصبحت أكثر تحكما في مقود الحكم بالبلاد من المملكة المتحدة التي أنفقت ١٩٧مليون جنيه استرليني منذ الفين وأربعة عشر حتى سقوط النظام ضمن برنامج التغير في بعض بلدان أفريقيا ومن بينها السودان وكان الإمام الصادق المهدي ديمقراطيا وإسلامي بطريقة غير الإسلام الحركي ولذلك كانت الإمارات تنظر إليه كعقبة كؤود تحول دون تحقيق أهدافها في القضاء المبرم على أية توجهات إسلامية حركية كانت أو سلفية أو اسلام محافظ أو صوفي وهي تسعى لإقامة دولة علمانية على أنقاض نظام إسلامي ومجتمع علماني بدلا عن المجتمع المحافظ وقد جهر الصادق المهدي برفض احتفاء حكومة حمدوك بالمثليين واستفذاذ التيار الإسلامي العريض بمظاهر التفسخ والتحلل من القيم الموروثة وظل الصادق يتحدث عن الديمقراطية والانتخابات بينما القوى الأخرى من أحزاب صغيرة ومنششقين من أحزابهم ومنبتين من أصولهم لاتزكر الانتخابات حتى في منامها وشكل وجود الإمام الصادق المهدي عائقا كبيرا لمشروع علمنة السودان وتغير وجهته رغم مرارات الرجل قد جعلته مؤيدا للبطش الذي تبدي من حكومة حمدوك للإسلاميين ومصادرة أموالهم دون مسوغ قانوني ودون رادع أخلاقي لما قامت به لجنة أكثر الفاعلين فيها قيادات حزب الأمة صلاح مناع وعروة الصادق
داهمت الكرونا الإمام الصادق وعلى عجل نقل إلى أبوظبي وهناك حدث ماحدث!! عاد نعش الإمام الصادق وارتفع الهمس إلى الجهر هل مات الإمام طبيعيا ام تدخلت أيادي المخابرات في تغيبه إلى الأبد من المشهد السياسي؟؟
بعد أن ال أمر الحزب إلى فضل الله البرمه ناصر وهو من الشخصيات العلمانية التي ولجت ساحة حزب الأمة بعد انقضاء الفترة الانتقالية ١٩٨٦ واصبح وزير دولة بالنقل بعد كان وزير دولة بالدفاع وجاء اختيار فضل الله البرمه لخلافة الإمام الراحل وفق هوى الكفيل الخليجي دولة الإمارات التي أصبحت آكثر تحكما في حزب الأمة بعد غياب الإمام وشكل الحزب تحت ضغط الرأي العام لجنة تحقيق لمعرفة كيف مات الإمام أو هل مات بفعل فاعل لكنها لجنة تحقيق مثل لجان التحقيق التي تشكلها الحكومات ولم تصدر تلك اللجنة حتى اليوم تقريرها للرأي العام ولا حتى تقريرا خاصا لأجهزة حزب الأمة عن ملابسات وفاة الإمام الصادق
في ذكرى ميلاده حدثني صديقا لماذا لاتكتب عن الإمام الصادق وملابسات وفاته أو اغتياله بدس خنجر القاتل في علاج المريض لتفقد البلاد عقلا وسياسي مهما اختلفت معه لكن تحترم فيه اخلاصه لوطنه وتجرده وجهده الفكري
الصادق المهدي اغتالته أصابع المخابرات ولن تتكشف قريبا الطريقة التي سلكها القاتل الإماراتي في شراء من حوله من الرجال والنساء للتخلص من عقبة كؤود تحول دون نجاح مشروع علمنة السودان وتغريبه
وبرحيل الإمام وإضعاف الجيش وضرب التيار الإسلامي العريض كانت الحرب الحالية للتغير بقوة السلاح من خلال مازرعته الإمارات في تربة السودان

يوسف عبد المنان

مقالات ذات صلة