كلما تعرض الجيش لنكبة في الحرب الحالية ارتفعت الأصوات الناقده من المخلصين والشامته من المتربصين من داعمي المليشيا سرا وعلنا لتنهش بعضها في جسد الجيش وبعضها في عظم قائده الفريق عبدالفتاح البرهان والجيش الذي يعتقد البعض بأنه غير قادر على هزيمة ودحر المليشيا هو الجيش الذي تصدى للعدوان الثلاثي من إريتريا ويوغندا وإثيوبيا وصمد وانتصر بفضل جنوده الأوفياء وضباط الشجعان واليوم يتعرض الجيش لعدوان رباعي من الإمارات العربية المتحدة وتشاد وليبيا وإثيوبيا وبعض فلول ومرتزقة النوير عطفا على مايعرف بالعرب في شتات أفريقيا من (البدون) الباحثين عن وطنا ياويهم من التشرد والضياع وقد وعدهم حميدتي بإقامة دولة العطاوة على أنقاض دولة ٥٦المزعومة وتمليكهم حروف النيل واسكانهم في بيوت أهل السودان القديم بعد طردهم من الخرطوم وبقية المدن
الجيش الذي تعرض للتجريف منذ أيام البشير وحتى عهد قحت التي وضعت الجيش عدوا لها وسعت لخرابه بدعوى إصلاحه بينما تمدد الدعم السريع حتى أصبح دولة داخل دولة وقد عزف السودانيين عن التجنيد في الجيش منذ أكثر من خمسة عشر عاما لضعف مردود الخدمة العسكرية وفي أخريات السنين كان الجيش يفتح أبواب التجنيد في المدن والقرى ولايجد من يطرق بابه بينما الدعم السريع يبيع الرتب في أسواق ام دورور ويمنح أمراء الإدارة الأهلية عطايا من النمر العسكرية ويعودون فرحين مهلللين باعتبارهم حققوا مكاسب لقبائلهم مجرد حصولهم على نمر عسكرية للانضمام للدعم السريع الذي يفتح باب الثراء ورغد العيش مجرد ان طار الفرد أو الضابط إلى اليمن والسعودية ليرتزق من مال سحت الإمارات العربية المتحدة
فاختل ميزان القوة البشرية بين الجيش والدعم السريع في السنوات الأخيرة تسليحا وعددا ورغم ذلك قاتل الجيش بضراوة في الخرطوم التي استعصي على المليشيا السيطرة عليها وكذلك الأبيض وكادقلي والنهود والفاشر واستباحة الجزيرة الأخيرة ماكان للتمرد دخول مدني لولا البيع والخيانة التي حدثت وسوء تقدير قيادة هيئة أركان الجيش التي تدير العملية العسكرية وليس أعضاء مجلس السيادة لوحدهم كما يخيل لبعض الناس
كل هذه الأسباب وغيرها تأخر حسم المعركة في الخرطوم وغيرها ولكن اليوم بدأت بوادر النصر من الأبيض وبحري
ومنذ التغير الذي حدث في كابينة قيادة الجيش بازاحة الفريق عوض ابن عوف من المجلس العسكري وصعود الفريق البرهان ظل الرجل يتعرض لانتقادات وصلت مرحلة التجني الشخصي من الكل فالبرهان يعتبر أكثر رئيس حكم السودان تسامحا مع الذين ينتاشونه بالسهام عشية وصبحا ويحملونه كل أخطاء الطبقة السياسية في البلاد فالبرهان الان يتعرض للنقد والتجني حتى من العسكريين في الخدمة والمعاشيين وينعتونه بالضعف والتردد وكل المنقصات ويهاجه اليسار العريض والطائفية ويلصقون به تهمة الكوزنه والتماهي مع الحركة الإسلامية التي لاتكف أقلام منسوبيها من طعن الرجل في كبده كل يوم وبعضهم يريده أن يصبح بشيرا آخر وسوارالذهب جديد ولكن البرهان في عين العاصفة يمضي في مشروع سياسي انتقالي يبلغ نهايته بإقامة انتخابات لم تتفق القوى السياسية بعد على نظام الحكم الذي تريد ولايملك الجيش والبرهان حق فرض نظامي برلماني أو رئاسي على الشعب
يسرت لي مهنتي كصحافي لمعرفة البرهان عن مسافة ليست قريبة ولا بعيدة واستمعت لشهادات من عمل مع الرجل أو من كان البرهان تحت امرتهم عرفته مع الفريق محمد مصطفى الدابي في الجنينه وعرفته في جبل مرة محافظا وعرفته في هيئة أركان الجيش قبل أن يحل مكان الصديق الفريق السر حسن بشير في منصب المفتش العام وعرفته في جنوب السودان والرجل يتمتع باستقلالية لم أعرف له حزبا أو توجها بعينه وهو ضابط شجاع لايهاب القتال وفي صمته وصبره وغموضه مصدر قوة لاضعف لايستعجل في اتخاذ القرارات فقد ركل اليسار بحمدوكة في الخامس والعشرين من أكتوبر ورفض أن يصبح مطية للإسلاميين وتكية للطائفية ومضى في مشروعه الذي يؤمن به وحينما حاول حميدتي صديقه القديم وصناعة يده وتربيته لي زراعه أمام الرأي العام قال لا
وتحمل تبعات الانقلاب وواجه الموت الأحمر أكثر من مرة منذ الخامس عشر من أبريل الماضي وحتى الآن
السودانيين الذين صدقوا فرية أن جعفر نميري هو طيش حنتوب الثانوية حكمهم سته عشر عاما وان البشير هو دمية يحركها الترابي حتى بعد أن وضعه في غيابت الجب فحكمهم ثلاثين عاما ربما يعدون يوما في أصابعهم أن البرهان الذي ينعتونه بالضعف والتردد قد حكمهم عشرين عاما من الانتقال
يوسف عبد المنان