*دولة القانون* *تاتشر حميدتي*

اختفاء حميدتي وعدم ظهوره العلني لحوالي خمسة أشهر عضد مقولة وفاته أو أصابته إصابة أقعدته عن الظهور. نزول حميدتي اليوم بمطار أديس أبابا نحيفاً بعسر في حركة رجله اليمنى يؤكد أن اختفائه المثير واعتماده على التسجيلات الصوتية كان لسبب يتعلق بقدرته على الظهور. بغض النظر عن أسباب الغياب يظل السؤال عن كل هذا الاهتمام والمتابعة لصحة خبر وفاته من عدمها لعدة أسباب: *السبب الأول*: أن معظم الذين ذاقوا ويلات هذه الحرب تمنوا أن تكون الوفاة حقيقية، وبلا أمل حتى في حياته.*السبب الثاني*: حتى الفريق الآخر والذي لم يكن يتمنى مماته كان يعتقد أنه لو كان على قيد الحياة أو قريباً من الأحداث لربما استطاع السيطرة على قواته وعدم تمددها بطريقة زادت من كراهيته وجنوده. فالذي يبدو، وفي أفضل التأويلات، أن خبر وفاة حميدتي كان له دور جوهري في هزيمة قائدها وتحول حشوده العسكرية لحرب مغانم ودمار شامل بدلاً عن مجرد انقلاب خاطف لاستلام السلطة. فقوات حميدتي هي أول من أنهت أحلامه الزائفة وجعلت من وفاته أمنية يتضرع بها السودانيون دبر كل صلاة لما عايشوا من قتل ونهب واغتصاب وتشريد ودمار لا يمكن نسيانه.
خلافاً لما يرى الفريقان كشف غياب حميدتي عن رغبة طرف ثالث في أن يأتي بهم على رأس التاتشر في مشهد يذكرنا بالدبابة التي حملت بابكر عوض الله والنميري من خور عمر. بكل أسف هذا هو التاريخ يعيد نفسه لتظل البندقية أداة التغيير رغماً عن الثمن الغالي الذي دفعته واحدة من أعظم ثورات العصر الحديث. مهما يكن من أمر، وطالما ظهر حميدتي وكان ما يزال يملك السيطرة على قواته، فالمطلوب ليس مجرد وقف الحرب والعودة لاقتسام السلطة مع البرهان، وإنما الآتي: *أولاً*: حل مجلس السيادة وإعفاء أعضائه من العسكريين والمدنيين. *ثانياً*: إعلان حميدتي حل الدعم السريع وفوراً لأنه، وفي أحسن تفسير، لا يدري ماذا فعلت قواته من بعده. *ثالثاً*: التوافق على سلطة طوارئ مؤقتة من كفاءات وطنية مستقلة وغير منتمية لتتولى تسيير دولاب الدولة والاضطلاع بمسائل الإغاثة وعودة النازحين ورد الحقوق وضمان عدم الإفلات من العقاب، ونواصل في المقترحات الدستورية المطلوبة لوقف الحرب.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
28 ديسمبر 2023

مقالات ذات صلة