خاطب جلسة خاصة لمجلس السلم والأمن الأفريقي،،
السفير الزين،، عندما تنتفض الدبلوماسية..
تجديد مطالبة السودان برفع تجميد عضويته في الاتحاد الأفريقي..
تأكيد على شرعية الجيش، ودوره في الحفاظ على وحدة البلاد وسلامتها..
رفض ازدواجية المعايير في التعامل مع السودان، مقارنةً بالحالة التشادية..
تشديد على بداية العملية السياسية بعد انتهاء الحرب وعودة اللاجئين..
تقرير: إسماعيل جبريل تيسو.
جدد السودان مطالبته برفع تعليق عضويته المجمدة الاتحاد الأفريقي منذ أكتوبر 2021م، واستعرض السفير الزين إبراهيم حسين مندوب السودان الدائم بالاتحاد الأفريقي وسفيره لدى أثيوبيا خلال جلسة مجلس السلم و الأمن الأفريقي غير الرسمية الخاصة بالدول المعلقة العضوية، الجوانب السلبية جراء تجميد عضوية السودان وعدم مشاركته في أنشطة الاتحاد الأفريقي، الأمر الذي انعكس سلباً على دور المنظمة الإقليمية في مرافقة السودان خلال فترة الانتقال السياسي، خاصة بعد اندلاع حرب الخامس عشر من أبريل 2023م والتي أشعلت فتيلها ميليشيا الدعم السريع بتمردها على القوات المسلحة مسنودة بمحاور لإقليمية ودولية، وشدد السفير الزين في هذا الصدد على ضرورة اتخاذ خطوات حاسمة لوقف التدخلات الخارجية الضارة، لا سيما الدعم الذي تتلقاه المليشيا المتمردة من الإمارات.
اختراقات مهمة:
ومنذ تسلمه مهام منصبه مندوباً دائماً للسودان في الاتحاد الأفريقي، بذل السفير الزين إبراهيم حسين جهوداً متعاظمة داخل أروقة المنظمة الإقليمية لسد الفراغ الذي خلّفه تعليق مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد الأفريقي، فاستطاع الزين خلال فترة وجيزة أن يقوم بعملٍ زين غيَّر به الكثير من المفاهيم الخاطئة التي التصقت بالسودان خاصة مع اندلاع تمرد ميليشيا الدعم السريع وإشعالها نار الحرب في السودان، واستغلال قائدها علاقاته التجارية والاستثمارية والشخصية مع بعض الرؤساء ورؤساء الحكومات في القارة السمراء، فنجح السفير الزين إبراهيم في إحداث الكثير من الاختراقات في جدار العلاقة المتوترة ما بين السودان والاتحاد الأفريقي، بدايةً بزيارة وفد من مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى بورتسودان، وهي الزيارة المهمة التي وصفت (بالقيدومة ) المفضية إلى استعادة السودان عضويته في الاتحاد الأفريقي، ثم كان دور السفير الزين واضحاً في المسمار الذي دقّه مجلس السلم والأمن الأفريقي في نعش ميليشيا الدعم السريع من خلال البيان الذي أصدره المجلس رافضاً فيه مؤامرة الجنجويد وأعوانهم في تكوين ما يسمى بالحكومة الموازية، وتواصلت اختراقات السفير الزين في نواصي مختلفة داخل المنظمة الإقليمية، وها هو يخاطب مجلس السلم والأمن الأفريقي في أول مرة منذ تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي.
صوت تقدير:
وشدد السفير الزين في خطابه على ضرورة إعادة ارتباط السودان بالمؤسسات الأفريقية لمواكبة جهود تحقيق الاستقرار، مستعرضاً تطورات الأوضاع في البلاد، ومقدِّراً في الوقت نفسه مواقف مجلس السلم والأمن والأفريقي الداعمة لموقف الحكومة السودانية من خلال بيان المجلس السلم الصادر في 11 مارس 2025، الذي أدان محاولات مليشيا الدعم السريع والقوى السياسية الموالية لها المدعومة من الإمارات وبعض دول الإقليم، لإقامة نظام حكم موازٍ يهدد وحدة السودان واستقراره، ونوه السفير الزين إلى زيارة مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى بورتسودان في أكتوبر 2024م، داعياً إلى تنفيذ توصيات المجلس، وعلى رأسها إعادة فتح مكتب الاتحاد الأفريقي في السودان، وأعلن السفير عن ترحيب السودان بإنشاء اللجنة الأفريقية رفيعة المستوى برئاسة محمد بن شمباس.
شرعية القوات المسلحة:
خطاب مندوب السودان الدائم بالاتحاد الأفريقي خلال جلسة مجلس السلم والأمن الأفريقي الخاصة بالدول المعلقة العضوية في المنظمة الأفريقية، أكد على أن قوات الشعب المسلحة، تمثل المؤسسة الوطنية الشرعية التي تحافظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، محذراً من مخاطر المرتزقة الذين تم تجنيدهم من 17 دولة، ودعا السفير الزين إبراهيم حسين مجلس السلم والأمن الأفريقي إلى إصدار قرار يجرّم استخدام المرتزقة وتصنيف ميليشيا الدعم السريع كجماعة إرهابية، مؤكداً التزام السودان بتحقيق التحول الديمقراطي، منوهاً إلى أهمية أن تبدأ العملية السياسية بعد إنهاء الحرب وعودة النازحين إلى ديارهم، مجدداً دعوته إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي بضرورة رفع تعليق مشاركة السودان في أنشطة الاتحاد الأفريقي، لتمكين المنظمة من لعب دورها في دعم خارطة الطريق السودانية وتحقيق الاستقرار في البلاد.
تفاعل كبير مع خطاب السفير:
ولقي خطاب مندوب السودان الدائم بالاتحاد الأفريقي، السفير الزين إبراهيم حسين تفاعلاً كبيراً خاصة ما أثاره الخطاب من نقد لتفسير الأطر التي اعتمد عليها قرار التعليق والتي تنص على أن يكون التغيير غير الدستوري قد تم ضد حكومة منتخبة ديموقراطياً بنص مواد الميثاق الأفريقي للديموقراطية والحكم والانتخابات في أفريقيا، وقال السفير الزين في إفادته للكرامة من أديس أبابا إنه كان يجب إرسال فريق تقصي حقائق عقب إجراءات 25 أكتوبر 2021م أسوة بما فعل الاتحاد الافريقي مع تشاد عندما نفَّذ محمد كاكا انقلاباً على السلطة، حيث تم إرسال فريق تقصي حقائق أوصى بأن الوضع الأمني في تشاد لا يحتمل عقوبات!، وهو أمر يشير بوضوح إلى ازدواجية في معايير التعامل، وكشف السفير الزين عن مداخلات عديدة قالت بملاحظات مهمة تدعو إلى تقييم كل حالة دولة منفصلة وأن بأخذ الاتحاد الأفريقي في الاعتبارات معنى تغيير دستوري من عدمه بناءً على نظم الحكم المختلفة والسياقات الأمنية والسياسية والثقافية والاجتماعية، إذ لا توجد وصفة ثابتة لأنظمة الحكم في أفريقيا ولا منهج موحد يمكن تطبيقه على الجميع، ورأى البعض في مداخلاتهم أن تكون العقوبات متدرجة، وأن لا تشمل نواحي معينة مثل الشأن الإنساني واللاجئين والنازحين ومكافحة الأمراض، وغيرها، مشددين على ضرورة إشراك الدول معلقة العضوية في الاجتماعات الفنية على المستوى غير السياسي، مع أهمية أن يضع الاتحاد الأفريقي في حسبانه التطورات التي تحدث في كل بلد خضع لقرار تعليق النشاط باعتباره عضواً لكنه معلق النشاط وفي حاجة إلى المرافقة والدعم وليس الإقصاء.
خاتمة مهمة:
ومهما يكن من أمر فقد برع مندوب السودان في الاتحاد الأفريقي وسفيره لدى أثيوبيا الزين إبراهيم حسين في استثمار الفرصة التي اتاحتها جلسة مجلس السلم والأمن الأفريقي الخاصة بالدول المعلقة العضوية في المنظمة الأفريقية، لتقديم مرافعة متميزة بشأن السودان “الموقف والتطورات، والمنطقي والمأمول” حيث أضاء الخطاب الكثير من المناطق المظلمة التي يُتوقع أن يتحرك نحوها الاتحاد الأفريقي مدفوعاً بالتطورات الماثلة في المشهد السوداني في ظل اقتراب الجيش من إعلان الخرطوم خاليةً من المتمردين بعد استعادة القصر الرئاسي رمز السيادة الوطنية، ومنصة حكم الدولة، الأمر يملي على الاتحاد الأفريقي مراجعة موقفه والاهتمام بإسناد السودان للخروج من أزمته، تمهيداً للعودة الفاعلة والقوية إلى حضن المنظمة الأفريقية.