*الكلمة مسؤولية… والقلم عهد بقلم : رندة المعتصم اوشي*

حين تتفتح أزهار الحرية في قلوب الشعوب، يكون القلم أول العابرين نحو النور.
في الثالث من مايو، يحتفل العالم بيوم للكلمة الصادقة، للكلمة التي لا تشترى ولا تباع.
يوم يقف فيه القلم وقفة عز، يرفض أن ينحني إلا للحق، ويعاهد الناس أن يكون لسانهم، وضميرهم، وصوتهم الذي لا يخبو مهما اشتدت العواصف.

اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي أقرته الأمم المتحدة، ليس مجرد مناسبة عابرة، بل هو تذكير مستمر بأن الديموقراطية لاتكون الا بصحافة حرة، ولا نهضة الا بكلمة صادقة.
عندنا في السودان، للصحافة حكاية ممتدة مع النضال. لم تكن ترفا أو مجرد مهنة، بل كانت شعلة وعي
منذ “الحضارة” و”النهضة”، وحتى صحف اليوم، ظل القلم السوداني يحفر مجراه في صخور الصعوبات، يكتب عن وجع الناس، وعن أحلامهم وامنياتهم .

ولأن الصحافة عين الناس وضميرهم، أصبحت تعرف بالسلطة الرابعة، رقيبا لا ينام، وصوتا لا يشترى أو يرهب. لكن هذه السلطة لا تكتمل إلا بضمير حي، وإحساس عميق بالمسؤولية الأخلاقية. الكلمة قد ترفع وطنا أو تهدمه، قد تواسي مظلوما أو تظلمه، ولهذا كان الزاما علينا أن نكتب بصدق، وأن نتحرى العدل قبل أن نبسط الحبر فوق الورق.

قانون الصحافة والمطبوعات في السودان وضع أسسا لهذه الحرية، مع تأكيد على أن الحقوق مقرونة بالواجبات: واجب احترام الخصوصيات، والمحافظة علي الأمن العام، والحرص على ألا تتحول حرية التعبير إلى فوضى تضيع معها الحقائق.

وفي قلب كل هذا، يقف القلم شاهدا على أن كل كلمة نكتبها، نحن مسؤولون عنها أمام الله وأمام ضمائرنا وأمام الأجيال القادمة.
ليس كافيا أن نكتب، بل يجب أن نكون عادلين فيما نكتب. ألا نميل لهوى، ولا نتعجل حكما، ولا نخشى في الحق لومة لائم.

إن الكلمة الحرة لا تموت، والقلم النزيه لا ينكسر.
ومهما حاولت القيود أن تكمم الأفواه، تبقى الحقيقة أقوى من كل سيف، وأعلى من كل منبر.
فلنكن في هذا اليوم، وفي كل يوم، حراسا للكلمة العادلة، وأوصياء على الحقيقة.
لأن الأمم لا تنهض إلا على أعمدة الصدق، ولا تعبر إلى مستقبلها إلا بجسر من حرية الكلمة وعدالة القلم.
وإننا، مع كل حرف نكتبه، إما أن نبني وطنا، أو نخونه… فاختر لقلمك أن يكون شاهد عدل لا شاهد زور.

مقالات ذات صلة