:: فيما العالم مشغول بحرب إيران و إسرئيل، وأهل السودان بتحرير ما تبقى من وطنهم و تشكيل حكومتهم و العودة إلى ديارهم الآمنة، فإن هناك محمد لطيف و دالي الروبي و طه إسحق – و مية نفر – يشغلون الأُمم المتحدة بمذكرة بُكائية أشبه بخطابات الغرام، يتباكون فيها مُلكهم الذي ضاع، ثم يطالبون بإعفاء مبعوث الإمين العام بالسودان رمطان لعمامرة، وتعيين آخربديلاً، وذلك لإنحيازه للعساكر مقابل إضعاف القوى المدنية، على حد قولهم .. أميّز ما في المذكرة روح الحُزن التي بها بثوا شكواهم ..!!
:: ما كان على لطيف و الروبي و إسحق – والمية نفر – أن يبثوا كل هذا الحُزن للشخص الخطأ، حتى لا يصبح حالهم كالزوجة التي ذهبت إلى صديقتها لتبث لها متاعبها مع زوجها..وهناك، ذرفت الكثير من الدموع و هي تسرد مآسي حياتها مع زوجها الذي يُعاقر الخمر ويلعب الميسر، ولا يصرف على البيت، و..و..و..كانت صديقتها تحدق في عيونها الدامعة، قبل أن تباغتها بالسؤال : (من وين اشتريتي كُحلك دا، قدر ما بكيتي ما ساح)..!!
:: فالنشطاء جميعاً، وليس فقط لطيف و الروبي و إسحق و( المية نفر)، عندما يبكون للأمين العام للأُمم المتحدة، فإنهم يبكون للشخص الخطأ.. فالأمم المتحدة لم تعد مُغرمة بهم كما كان، ولم تعد مخدوعة لتُصدّق بأن زعماء القوى المدنية في السودان هم أولئك النشطاء، و أيقنت بأن أقوى النشطاء تأثيراً في المجتمع اليوم بالكاد يستطيع أن يتواصل مع بعض أهل وجيرانه في الأعياد مٌهنيئاً فقط لاغير، أي يتجرأ لمخاطبته بأي خطاب سياسي ..!!
:: وكذلك الإتحاد الأفريقي، ممثل الأمم المتحدة بالقارة، كان مخدوعاً بأن المدنيين في السودان هم فقط لطيف والروبي وطه إسحق وأمثالهم من نشطاء تلك المرحلة، بيد أن الأربعين مليون نسمة مجرد عساكر وفلول ..والشاهد، كما وعت الأمم المتحدة، وإستوعبت تفاصيل الحياة السياسية بالسودان، وعرفت أحجام النخب والقوى السياسية، فالإتحاد الأفريقي أيضاً إستوعب و عرف و ( لزم)، أي يتعامل مع الفاعلين بالداخل، تاركاً نشطاء المنافي لكفيل الجنجويد..!!
:: المهم، لم ترد الأمم المتحدة على المذكرة المُطالبة بإرجاع الغرام السابق، ولم يُعلّق عليها أحد، ولا حتى رمطان لعمامرة..( طنشوها)، فيما لطيف ورهطه يتوقعون أن يكون الرد تغيير رمطان بآخر مثل فولكر، أوهكذا تحدثهم أنفسهم في مقاهي كمبالا و نيروبي وهم في إنتظار الرد ..حالهم في إنتظار الرد كيونس ود الدكيم بعد إرسال الخليفة التعايشي لملكة بريطانيا فكتوريا : ( أسلمي تسلمي، فإن قبلتِ و آمنتِ، زوَّجناكِ يونس ود الدكيم)، ويُقال أن ود الدكيم كان يمر على مجلس التعايشي بين الحين والآخر سائلاً : ( أها يا الخليفة، ما ردت ؟)..!!