▪️في ظل الواقع السوداني المعقّد، ووسط الانقسامات التي طالت جسد الدولة نتيجة للصراعات المسلحة والتجاذبات السياسية، برزت أصوات وطنية تؤمن بأن الطريق إلى مستقبل السودان لا يمر عبر فوهات البنادق، ولا يتشكل تحت ضغط الابتزاز أو التهديد. ومن بين هذه الأصوات، جاء موقف محمد سيد أحمد الجاكومي، الذي عبّر بوضوح عن رفضه الكامل لاستخدام القوة لتحقيق مكاسب سياسية أو فرض رؤى لا تحظى بإجماع وطني.
▪️هذا الموقف، الذي ينطلق من تجربة طويلة في العمل السياسي ومتابعة دقيقة لمآلات الواقع السوداني، يحمل دلالات مهمة في توقيت حساس. فهو يضع حدًا لمحاولات توظيف العمل المسلح كوسيلة ضغط على الدولة والمجتمع، ويرفض كل أشكال الوصاية المفروضة بقوة السلاح أو بالتلويح بالانفجار الداخلي خدمة لأجندات ضيقة لا تمت بصلة لمصالح المواطنين.
▪️الجاكومي أكد على أن التحول الديمقراطي لا يمكن أن يُبنى على ركام الفوضى أو داخل بيئة يُراد لها أن تخضع لحكم المليشيات. بل أشار إلى أن مشروع بناء الدولة الحديثة يتطلب التزامًا حقيقيًا بقواعد العمل السياسي السلمي، واحترامًا لإرادة الجماهير، واعتمادًا على الحوار كأداة أساسية لتسوية الخلافات.
▪️في ذات السياق، شدد على أن أبناء الشمال، وهم يتحمّلون مسؤولية تاريخية تجاه مناطقهم وتجاه الوطن، قادرون على حماية مناطقهم وصون مصالحها بعيدًا عن منطق الفرض بالقوة أو الاستقواء بأي طرف خارجي. إنهم ليسوا بحاجة إلى حمل السلاح لفرض وجودهم، لأن شرعيتهم مستمدة من الأرض التي ينتمون إليها، ومن الوعي الجمعي المتراكم عبر نضالات طويلة ضد التهميش والاستعلاء.
▪️الرسالة التي يبعث بها هذا الموقف واضحة وحاسمة: لا للمساومة على وحدة السودان، لا للسكوت على محاولات فرض واقع مفروض على السودانيين بقوة السلاح، ولا لأي مشروع يسعى إلى إعادة إنتاج الأزمة بدلاً من حلها. فالابتزاز السياسي، مهما كان مصدره، مرفوض تمامًا، سواء أكان عبر التهديد الأمني أو باختطاف المشهد السياسي لصالح جماعات مسلحة.
إن السودان يمر بمنعطف وجودي، وأي خيار خاطئ اليوم سيكون ثمنه باهظًا في الغد. ولهذا، فإن من الواجب الوطني أن تُدعم المواقف التي تضع مصلحة الوطن فوق الطموحات الشخصية، وتلك التي ترفض تحويل البلاد إلى رهينة في يد قوى السلاح. فالمستقبل لا يُصنع في الخنادق، بل في ساحات الحوار والعمل المؤسسي، وحماية الوطن لا تكون برفع البندقية في وجهه، بل بترسيخ قيم العدالة والكرامة والانتماء الوطني الحقيقي.
▪️هذا هو الطريق الذي اختاره الجاكومي، ومعه كل من آمن بأن السلم الأهلي والوحدة الوطنية لا تقبلان القسمة أو التلاعب، وأن السودان لن يُبنى إلا بأيدي أبنائه الذين يحملون الهم الوطني لا البنادق.