.
ماهى أولويات
الولايات المتحدة عند التعاطى مع المسألة السودانية. 🪴🪴🪴🪴🪴
هل يلتقى الفريق البرهان بالرئيس ترامب ؟ 🪴🪴🪴🪴🪴
بقلم: السفير محجوب محمد عثمان.
🪴🪴🪴🪴
التقى الرئيس البرهان بمستشار الرئيس الامريكى للشئون الأفريقية مسعد بولس فى مدينة زيورخ السويسرية يوم 11 أغسطس 2025 .كان اللقاء محصلة لجهود وترتيبات قامت بها الولايات المتحدة عن طريق بعض حلفائها فى المنطقة ، لبحث طرق انهاء الحرب فى السودان .
ناقش الطرفان المقترحات الأمريكية لوقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية . وحرص الرئيس البرهان تأكيد رفضه القاطع قبول اى دور سياسى للدعم السريع فى مستقبل السودان ، كما أوضح ما تقوم به دولة الإمارات المتحدة من دعم للمليشيا بالسلاح والمقاتلين المرتزقة والمال .
بدوره أكد المستشار بولس رغبة الولايات المتحدة التعاون مع السودان فى ملف مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن البحر الأحمر ، وطلب بولس فتح الممرات للمساعدات الإنسانية وحماية الفارين من مناطق النزاع .
استمر الاجتماع لثلاثة ساعات متتالية وهو أعلى مستوى من التواصل بين الخرطوم وواشنطون خلال الفترة الماضية ، تزامنا مع تباين المواقف الدولية والاقليمية لبعض الدول بشأن مستقبل السودان السياسى . والمعروف ان واشنطون تهدف لانهاء القتال واللجوء للتفاوض منذ تركيزها على منبر جده .
وفيما بعد اللقاء ،عبر بولس فى تصريح رسمى على منصة أكس عن قلقه البالغ إزاء تدهور الوضع الانسانى داخل مدينة الفاشر وأعلن ادانته للدعم السريع بقتله مدنيين بمعسكر ابوشوك .
ومن اهم تصريحات بولس بعد اجتماعه بالبرهان ، تأكيده على لقاءات ومحادثات مباشرة مع الجانب السودانى المتمثلة فى مكافحة الإرهاب ووصول المساعدات وأمن البحر الأحمر ، وعلى ما تبدو هى القضايا الثلاث التى تركز عليها واشنطون عند بداية تعاملها المباشر مع السودان .
كما صرح بولس أن الرباعية ليست لفرض حلول خارجية على السودان ، ولكنه لم يوضح لماذا هى اذن !
هذا اللقاء لن يكون حدثا معزولا او طارئا ، بل ستكون له امتداداته . اهمها ان الرئيس البرهان من المنتظر أن يزور نيويورك لالقاء خطاب السودان أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة فى دورتها المقبلة ، سبتمبر 2025 ، وربما يتم الترتيب له لزيارة العاصمة واشنطون ومقابلة الرئيس الامريكى ترامب .
اذا حدث هذا ، قطعا ستتم لقاءات مهمه وحاسمة وتحتاج الاعداد المبكر من الجانب السودانى لأسباب اهمها :
اولا : ان الرئيس ترامب معروف بتقلباته المزاجيه وعدم ثباته على مواقف محددة .
ثانيا : ليس لديه خطط تفاوضية يلتزم بها تماما ، ومعروف بخروجه عن النص ، ولقاءاته بعدد من الرؤساء الأفارقة فى البيت الأبيض وخلطه ببن الجد والهزل واحيانا السخرية والغموض ، كلها تشهد على ذلك .
ثالثا : يمكن أن يغيير رأيه من النغيض إلى النغيض وكل تصريحاته ومواقفه عن الحرب الدائرة فى قطاع غزة بين حماس وإسرائيل تنبئ بذلك .
رابعا : متعطش للانجازات . يتحدث عن السلام ووقف الحرب ، يهاجم إيران بشراسة ويطمع فى حصوله على جائزة نوبل للسلام ، دون تفوق وإنجاز عالمى ، يصاحب هذا الطموح .
خامسا : يتعامل بعقلية رجل الأعمال الملياردير الذى يرى العمل السياسى نوع من ال Business وربما ستكون نظرته للسودان من خلال موارده الهائله ، مثل ما هو يرى الان اوكرانيا ومعادنها النفيسة ولا يخفى رغبته فى الاستيلاء عليها .
خامسا : علاقته بدولة الإمارات هى علاقة قوامها المصالح المشتركة . القواعد الأمريكية (قاعدة الظفرة الجوية) ، النفط ، مشتريات السلاح من شركات امريكيه بعشرات المليارات ، قيام محمد بن زايد بتسويق فكرة التطبيع مع إسرائيل والترويج للديانة الابراهيمية .
سادسا : تقارب اللوبى الامريكى مع صمود وتواصل شبكات العلاقات الخارجية الأمريكية مع قيادات سودانيه بقيادة حمدوك ومجموعته تحت دعاوى المدنية والحكم المدنى ، وبلادهم تتعرض للقتل والخراب والدمار والتشريد وجيشها يخوض حربا مصيرية ضد المليشيات والمرتزقة والطامعين .
سابعا : ومثال على عدم الاطمئنان لطريقة الرئيس ترامب فى التعاطى السياسى تخوف حلفاء امريكا الأوربيين خاصة بريطانيا وفرنسا والمانيا من استمرار اسلوب ترامب فى العمل السياسى المشترك وارتدادات قراراته الضرائبيه على شعوبهم .
ان سفر الرئيس البرهان إلى نيويورك ومشاركته أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة خلال الاسبوع الثالث من سبتمبر القادم ضرورة قصوى ، قد تصاحبها مقابلات لبعض قيادات العمل الخارجى بالحكومة الأمريكية ، وربما البيت الأبيض للقاء الرئيس ، مما يتطلب الاستعداد ،
اعدادا للوثائق وتوابعها من مطلوبات الزيارة .
على رئاسة الدولة ووزارة الخارجية الاستعداد والإعداد لبرنامج رحلة رأس الدولة الى نيويورك . ويحتاج الوفد ان يستصحب معه ملفين مهمين :
اولهما اقتصادى تنموى يشمل موارد السودان التى تجذب مؤسسات امريكيه لها قدرات معروفة وشراكات فى مجال النفط والتعدين والزراعة .
والثاني سياسى يوضح ترتيبات ووقوف القوى المدنية السودانية من احزاب وكتل سياسية ومنظمات وقوى مجتمعية مع القوات المسلحة فى معركة الكرامه ، دحرا لأى قوى خارج البلاد تدعى المدنية وتمثيل الشعب السودانى .
ان العلاقات السودانية الأمريكية الحديثة والتى تشكلت ملامحها منذ زيارة الرئيس الامريكى روزفلت للسودان عام 1910 ، قد مرت بحالات من الصعود والهبوط ، وفى خلاصتها سار ركب السودان كما شاء له الله أن يكون وكما اراد له ابناءه ان يسير . لم يستقر به المقام ليصبح أمريكى الهوى مثل رهط من دول عربية وافريقية كان ذلك خيارها ، وظلت الولايات المتحدة تنظر للسودان بعين السخط كثيرا وبحنكة الترغيب احيانا ، ولكنها لم تكن ابدا راضية عنه .
دعونا نرى ما تسفر عنه الايام .