حينما نتحدث عن العلاقات السودانية – الصينية، فنحن لا نتحدث عن صفحة عابرة في كتاب الدبلوماسية، بل عن قصة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ، تشهد عليها طرق الحرير القديمة، وتشهد عليها المواقف التي جمعتنا في الأوقات العصيبة قبل المفرحة.
بالنسبة لي، هذه العلاقة لم تكن مجرد عناوين رسمية، بل عشتها في تفاصيلها من خلال علاقة وطيدة جمعتني لسنوات طويلة مع السفارة الصينية بالخرطوم، ومع رجل استثنائي ترك بصمته في ذاكرة السودان: سعادة السفير (تشانغ شيان هوا )، الذي أحببنا أن نناديه باسم السيد عبدالعزيز.
صمد “عبدالعزيز” في قلب الخرطوم حين عصفت بنا الحرب، لم يرحل ولم يتراجع، بل ظل واقفا معنا جنبا إلى جنب، يمد يده بالتعاون ويوقع على بروتوكولات ومشاريع تنموية مختلفة، وكأنه واحد من أبناء هذا الوطن. كانت حكمته وحنكته الدبلوماسية تسند الكثير من الجسور بين الخرطوم وبكين، وتجعلها أكثر رسوخا.
اليوم، وأنا أودعه وهو يرحل إلى موطنه الأم، الصين، أشعر بالحزن العميق لأنني لم أكن في السودان لأشارك في مراسم وداعه، لكن في داخلي اعتزاز لا يوصف بهذه التجربة الإنسانية والدبلوماسية.
سعادة السفير تشانغ شيان هوا ، ستبقى حاضرا بيننا بما تركته من أثر طيب وبما غرسته من جسور محبة وصداقة راسخة. نتمنى لك التوفيق أينما حللت، وسنظل نذكرك كصديق للسودان وكسفير للصين التي أحببناها أكثر من خلالك.
شكرا لك.. وشكرا للصين التي لا تزال تمدنا بالأمل والعون، وتؤكد لنا أن الصداقة بين الشعوب هي أثمن ما يمكن أن يبقى.