!!
ما خطه رئيس مجلس السيادة امتد صداه داخليًا وخارجيًا..
البرهان اشترط للانخراط مع أمريكا والسعودية فى مسار سلام أن يكون عادلا..
الحرب ضد ميليشيا الدعم السريع لا تشبه أي صراع تمت مواجهته من قبل..
البرهان خرج من الخطاب العام التعبوي لفضاء الإخبار والإعلام الصريح المباشر..
تقرير _ محمد جمال قندول
سطر رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان مقالاً نشرته صحيفة وول استريت جورنال الواسعة الانتشار.
البرهان استعرض جذور الأزمة في البلاد بشكل شاخص متناولا ما فعلته الميليشيا الإرهابية من انتهاكات وجرائم.
ما خطه رئيس مجلس السيادة كان مثار اهتمام داخلي وخارجي وامتد صداه حتى الأوساط الشعبية.
صراع
واستشهد رئيس مجلس السيادة في المقال بتاريخ السودان وحضاراته التي وصفها بالعظيمة، كما اعتبر بأن الحرب تهدف لتمزيق النسيج الاجتماعي، كما شردت الملايين من المدنيين، معربا عن التزامه بالانخراط مع أمريكا والسعودية في أي مسار سلام بشرط أن يكون عادلا ومتوازنا، مؤكدا بأنه لا سلام دون تفكيك ميليشيا الدعم السريع ودمج عناصر محدودة منها في الجيش وأن لا تكون متورطة في جرائم.
وأوضح البرهان فيما خطه إلى أن الحرب ضد ميليشيا الدعم السريع لا تشبه أي صراع تمت مواجهته من قبل، مشيرًا إلى أنها تضع المنطقة الممتدة من البحر الأحمر للساحل الإفريقي في مهب الخطر وأن استمرار هَذا الوضع يشكل تهديدا لبنية الدولة وهو ما جعل الدولة السودانية تشرع في نهاية 2022 في عملية دمجها داخل القوات المسلحة لتجنب الحرب.
رئيس مجلس السيادة ذكر كذلك إدراكه بأن الميليشيا كانت برميل بارود قابل للانفجار. وأبان البرهان بأن البلاد باتت ساحة مفتوحة لتدخلات خارجية قد تسهم في زعزعة المنطقة، كما تهدد مصالح الولايات المتحدة الأمريكية.
واجب وطني
ويقول الكاتب الصحفي ضياء الدين بلال إن مقال رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خرج من مربع الخطاب العام ذو الطابع التعبوي المُعمَّم إلى فضاء الإخبار والإعلام الصريح المباشر.
يضيف ضياء الدين في حديث للكرامة بأن توقيت المقال مناسب جدًا، حيث وضع النقاط على الحروف والملح على جروح الشك وأزال كثير من الغموض ووضح بجلاء حقيقة موقف الحكومة من قضايا الحرب والسلام.
وزاد بلال: كما أن الشعب بكل فصائله ومشاربه شارك في معركة ردّ العدوان على السودان، فإنه يستحق أيضاً أن يكون شريكاً في معرفة الحقائق والمعلومات، لا أن تُقال له منقوصة أو معممة وهذا ما أكد عليه مضمون الخطاب.
فكشفُ الحقائق اليوم ليس ترفاً سياسياً، بل واجبٌ وطنيٌ يردّ الاعتبار لمن صبروا ودفعوا أثمان الحرب، ويُرسّخ الثقة بين القيادة والشعب في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ السودان الذي تحيط به المؤمرات بتوريد الأسلحة واستجلاب المرتزقة وشراء العملاء ومحاولات تحييد الأصدقاء وتضليل المواطنين بسرديات مزيفة.
مرحلة جديدة
وعلق الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي كذلك على الحبر المسكوب من رئيس مجلس السيادة وقال إنه بدا واضحاً أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان يستند إلى فريق إعلامي محترف أعاد صياغة حضوره العام بصورة لافتة من التغريد الشخصي على منصة X، إلى المقالات الدولية، إلى خطابات محكمة اللفظ، وظهور جماهيري مُعد بعناية عبر صور ومقاطع تحمل رسائلها دون تعليق.
العركي أشار إلى أن اختيار وول ستريت جورنال كأول منصة يطل عبرها البرهان كاتباً مصادفة، بل خطوة مدروسة ومنتقاة بعناية لمخاطبة دوائر القرار الأميركية المؤثرة.
وبحسب د. عمار فإن الرئيس نجح في نقل خطاب السودان من حالة الدفاع إلى تحديد سردية الحرب بأنها ليست صراع بين جنرالين أو أهلي داخلي كما تروّج روايات خارجية، بل تمرّد مسلح على الدولة تدعمه أطراف إقليمية. ركّز على الانتهاكات الموثقة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وعلى مخاطر تمددها على البحر الأحمر والساحل، وربط ذلك مباشرة بالأمن القومي الأميركي، وهي مقاربة تضع واشنطن أمام مسؤوليات لا يمكن تجاهلها.
وتابع محدّثي وقال: احتفى البرهان بتصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، معتبراً أنها أول مرة يسمع فيها السودانيون تشخيصاً صريحاً لطبيعة الحرب ومن يقف وراءها. وفي السياق نفسه، قدّم إشارات إيجابية لدور السعودية والولايات المتحدة، لكنه شدد على أن أي تسوية واقعية تمر عبر تفكيك الميليشيا ودمج غير المتورطين فقط وفق معايير مهنيةولم يغفل البرهان في مقاله المستقبل السياسي، مؤكداً التزام القوات المسلحة بالانتقال المدني، ليس كتنازل بل كجزء من استعادة الدولة. وهو خطاب يستهدف طمأنة العواصم الغربية التي ربطت مواقفها بمسار التحول الديمقراطي.
واختتم العركي معرض الطرح وقال إن المقال يعكس مرحلة جديدة من الدبلوماسية الإعلامية السودانية المباشرة، حيث تستعيد الدولة السودانية قدرتها على صياغة رسالتها للعالم بوضوح وفاعلية، وتعيد تعريف طبيعة الصراع أمام الرأي العام الدولي.



