على نفس نهج الفاشر… بنفس الرائحة النتنة، بنفس الوحشية، بنفس شهوة الدم… تتحرك المليشيا نحو كردفان وهي تظن أنها ستعيد ذات المشهد:
حرق، نهب، اغتصاب، ترويع، اباده اثنية ، وجثث تُركل في الطرقات.
تحاول بكل غباء أن تنسخ الفاشر…
لكنها تنسى أن كردفان أرض بكت الفاشر وجعا … لا تُستنسخ، ولا تنحني، ولا تسمح للسكين بالوصول إلى عنقها
نفس الخطة… نفس الجريمة… نفس القذارة
كما فعلت في الفاشر، دخلت المليشيا إلى أطراف كردفان بالتسلل
بدأت بقرى صغيرة ظنّتها رخوة،
مارست الخطف والنهب والاغتصاب،
ورفعت راية “إعادة السيناريو”.
لكنهم وجدوا في كردفان شيئًا لم يتوقعوه:
وجدوا رجالًا ينتظرونهم قبل أن يصلوا… وجدوا مقابرهم جاهزة.
وجدوا جيش الفاشر ينتظرهم ثم جاءت كذبتها الأكبردخلنا هدنة
يا لسخرية القدر…
يا لسخف البيان…
المليشيا التي كانت تحرق المنازل نَفَسًا بنَفَس، وتطارد النساء صرخة بصرخة،
خرجت فجأة تتحدث عن هدنة
أي هدنة؟
هدنة فوق جثث الناس؟
هدنة والرصاص ليل نهار؟
هدنة وأصوات الانتهاكات أعلى من بياناتهم؟
كذبوا.
وكذبهم لم يفاجئ أحدًا.
لأن الهدنة عند المليشيا ليست إلا خدعة لالتقاط الأنفاس
ولإدخال شاحنات ذخيرة جديدة
ولتمويه تحركاتهم،
ولإعادة نشر قتلتهم قبل الجولة القادمة من الجرائم.
كردفان ليست الفاشر… لكنها تفهم الدرس
الفاشر قاتلتهم بعد أن اقتربوا.
أما كردفان، فاستقبلتهم بالحديد قبل أن يبلغوا البوابات
هنا لا ينتظر الناس أن تُذبح المدينة…
هنا يقطعون يد الذابح قبل أن يرفع السكين.
أرادوا أن يعيدوا سيناريو الفاشر…
لكنهم اصطدموا بمنطقة لا تعرف بصلابة اسود الفاشر في استقبالهم
اصطدموا بمقاتلين لا يفاوضون في الكرامة.
اصطدموا بأرض إذا لامستها قدم الجنجويد… تتحول إلى جحيم.
على نهج الفاشر؟ نعم.
لكن النهاية مختلفة…
تمامًا.
في الفاشر واجهوا شعبًا صلبًا
وفي كردفان يواجهون ايضا شعبًا صلبًا وسكينًا ونارًا ورجالًا يقاتلون وهم يبتسمون.
خلاصة هذا كله:
المليشيا لم تدخل هدنة…
دخلت مرحلة الهلع.
المليشيا لم تتجه لكردفان لتنتصر…
اتجهت إلى قبرها.
المليشيا لم تستنسخ الفاشر…
استنسخت هزيمتها.
وستكتب الأيام:
أنهم كذبوا وقالوا “هدنة”،
وأن كردفان قالت لهم:
هنا لا هدنة… هنا نهاية مشروعكم الدموي



