*نفيسة محمد الحسن .. تكتب .. ” الختم المفقود ” والخيط الرفيع بين العمل والفوضى ! *

في العمل العام، لا تُقاس المؤسسات فقط بفعالياتها ونشاطها، بل تُقاس بقدرتها على إدارة الشأن الداخلي بانضباط واحترام للأنظمة. وما يدور داخل رابطة المرأة السودانية بالكويت مؤخراً يكشف عن خلل تنظيمي لا يمكن تغافله أو الاكتفاء بتجاوزه بعبارات عامة.
القضية بدأت بسيطة: ختم الرابطة — رمز الشرعية ومفتاح أي خطاب رسمي — كان بحوزة عضوة في السكرتارية دون علم العضوة الأخرى المعنية بالأمر. لكن ما تلا ذلك من منشورات، واتهامات، وردود، كشف أن الأزمة أعمق من مجرد ختم، وأن هشاشة العمل الإداري قد تُربك مؤسسة كاملة إن لم تُواجه بشجاعة.
وفي خضم النقاش، جاء رد رئيسة الرابطة ليؤكد أمراً مهماً:
“ما في أي تمييز… بدليل أن 11 عضوة متفقات، ولما يكون في إجماع فالمخالف هو من يسأل نفسه عن سبب موقفه. والعضوة المعنية كانت تشارك في كل فعاليات الرابطة، بل مثّلتها وحدها في بعض الأنشطة، والجميع تفاجأ بالبوست الذي احتوى إساءات شخصية لزميلاتها. ومع ذلك، أي شخص له حق فالمكتب التنفيذي يحاول حل مشاكله داخلياً، وإذا استعصى الأمر نلجأ للدستور.”
هذا الرد — رغم أهميته — يفتح الباب لأسئلة إضافية أكثر من تلك التي يُغلقها. فإذا كانت العضوة المعنية تحظى بفرص تمثيل الرابطة في فعاليات خارجية قبل يوم واحد من نشر بوستها، وإذا كانت كافة الإشكالات السابقة قد “احتُويت داخلياً” كما ذكرت الرئيسة، فهنا يبرز السؤال الجوهري:
كيف لعضوة اعتبرتها الرابطة مؤهلة لتمثيلها في المحافل الخارجية، أن تصل فجأة لمرحلة نشر بوست تصفه الرئيسة بأنه إساءة جماعية؟
وهل الاحتواء الداخلي المتكرر كان حلاً… أم تأجيلاً لأزمة أكبر؟
العمل المؤسسي لا يُدار بالمجاملات ولا بالتغاضي عن الإشكالات، بل بالشفافية واللوائح الواضحة. والرابطة — بمكانتها وسط نساء الجالية السودانية — مطالبة بأن تعالج جذور المشكلة لا مظاهرها فقط.
من بين ذلك:
توضيح أسباب الخلل في التسلسل الإداري داخل السكرتارية.
إعلان آلية رسمية لضبط حركة الختم.
إعادة تقييم أسلوب إدارة الخلافات الداخلية.
والالتزام بالنصوص الدستورية لا العُرفيات الشخصية.
فالخلافات داخل أي كيان ليست خطراً… الخطر الحقيقي هو إدارتها بالترقيع…
وفي النهاية، يبقى الأهم:
العمل الطوعي واجهة للجالية، والاحترام المتبادل هو أساسه، لكن الشفافية هي التي تحفظه من الانهيار.
ولا يضير الرابطة أن توقف قليلاً لإعادة ترتيب أوراقها، فالمؤسسة التي تواجه أخطاءها هي المؤسسة التي تستحق البقاء.

مقالات ذات صلة

Optimized by Optimole