*لن يناطح البرهان الثور الأمريكي وحده ..* *رشان اوشي*

 

الذين يتابعون الحالة السودانية يعلمون أن المرحلة الحالية هي الأكثر اضطراباً، وأن الحرب هي الأكثر عنفاً وقسوة وأنانية، وان الأحداث على اختلافها، سيول جارفة، ستمحو بعضها، ولكن وجدوا صخرة صماء ، قطعت الطريق على مشروع استعمار السودان .

وبينما الرئيس “البرهان” يخاطب جمع الإعلام الوطني ، ويدعو “حميدتي” للاستسلام بدلاً من أن يقضي بقية حياته طريداً، ويعده بأنه لن يقتله كما حاول أن يفعل هو به، قال لي زميلي “مجدي العجب” إنه لم يشهد في حياته من قبل عملية إذلال سياسية ووطنية مثل التي تَعرّض لها “دقلو” ، وهو يحلم بحكم السودان.

أعقبته قائلة ” إبرة البرهان ستحفر قبر حميدتي، هذا إن لم يكن قد قبره فعلاً “، إذاً نحن أمام حقبة مختلفة قادمة ، يقودها رئيس يحمل من الصبر في صدره ما يكفي لقيادة معركة اخطبوطية دون أن تتسخ ثيابه .

أغلق “البرهان” أبواب التفاوض المذل ، ففتح السودانيون أبواب الأمل في مستقبل مشرق للدولة السودانية خالية من المليشيات وكل الظواهر التي أقلقت مضاجعهم سنوات طوال ، رغم ان بعضهم في البقاع المحتلة حيث لم يعد هناك مكان للحياة، وآخرون نزحوا من قراهم ومدنهم؛ إذ لم يعد هناك مكان آمن.

والأهم أنهم ليسوا قلقون بسبب قلَّة الأماكن التي ستؤويهم لأسباب كثيرة غنية عن التعريف؛ كونها واضحة في طبيعة التفاعل مع المعركة الاخطبوطية ، فحاضرهم بات محصوراً بين قذيفة تطلقها المليشيات ، أما مستقبلهم، فيبدو لهم معلوم، فهم لا يعرفون متى تنتهي الحرب، ولكنهم أصبحوا أكثر تصوراً كيف ستنتهي، فهذه الحرب التي فرضها عليهم عدوُّهم ستترك ندوبها على وجوههم وأجسادهم، وعلى بيوتهم وأرزاقهم وبلادهم، أن لم تنتهي بسحق التمرد .

ليس أمام “البرهان” من خيار سوى سحق مليشيات “آل دقلو” وبالتالي قطع الطريق أمام مطامع داعميها ، لأن فرضية عودتها الى الحياة السياسية والعسكرية تعني ندوب تشبه إلى حد بعيد تلك التي تركت أثرها العميق على دول ومجتمعات وجيوش كانت أكثر تماسكاً وحصانة من الواقع السوداني .

“البرهان” بات على يقين بأن شعبه ينتظر النصر، قدم الغالي والنفيس من أجل تحقيقه، و أعطى الدولة والجيش أكثر مما أخذ، و أجَّل الكلام إلى ما بعد الانتصار الموعود، لانه على قناعة بمقولة “لا صوت يعلو فوق صوت المعركة” ، وينتظر أيضاً رد اعتباره أمام خصومه ممن أداروا وجوههم نحوه في لحظة التحدي.

الشعب الآن يساند الدولة في معركة الخلاص الوطني ، وإخماد مشروع الاستعمار الغربي ، ولأن المواجهة حتمية، ولأن المطامع الامريكية_ الاماراتية واضحة، وفارق التوازن واضح أيضاً، فمناطحة “الثور الأمريكي” في مستودع خزف كالحالة السودانية ، اقرب إلى انتحار معمم ، ولكن الإرادة الوطنية السودانية تجعل مناعة الدولة عصية على الانهيار .

كان صوت “البرهان” عالياً، كصوت المعركة ، لأنه يعلم أن شعبه لا يريد أن يخسر السودان إلى الأبد؛ فالأفضل لأجل خلاصنا الوطني أن ندلف إلى حلبة مناطحة الثور الأميركي الهائج، فهو قد غضّ بصره عن المشاهد المنقولة مباشرة لفاجعة الإبادة الجماعية في غرب دارفور ، والقتل والقمع اليومي في المدن المحتلة ، والدمار والنزوح ، وأعطى حليفته المليشيا كل ما تريد ، حتى يأخذ ما يريد.

لذلك .. أغلق “البرهان ” أبواب التفاوض وفتح أبواب المقاومة..

محبتي واحترامي

https://www.facebook.com/share/p/NXC7P1FgoAvFcdb4/?mibextid=oFDknk

مقالات ذات صلة