يقولون (إذا لم يكن إلا الإسِنِّة مركباً.. فلا رأي للمضطر إلا ركوبها).. ويقولون (من أخلاقِ الجاهلِ، الإجابةُ قبلَ أنْ يسمعَ، والمعارضةُ قبلَ أنْ يفْهَمَ، والحُكْمُ بما لا يعلمُ).. وأقول إنني طالعت مقالةً للسيدة زينب الصادق المهدي، تطالبني فيها (مع زملاء آخرين) بالاعتزال أو الاعتذار عن مقالةٍ نسبتها لي (دونما تحقق) عجولةً جهولة كذوبة، درجت على تبرير جرائم الجنجويد، وبذلت لهم الأعذار عندما احتلوا بيوت المواطنين ونهبوها وسكنوها بغياً وعدواناً وإثمًا.. معللةً تلك الانتهاكات القميئة والجرائم القبيحة بأن (الأشاوس) ما احتلوا البيوت وطردوا ساكنيها ونهبوا أملاكهم إلا خوفاً من قصف الطيران لهم، بعذرٍ يفوق الذنب قبحاً ونتانة، شابهت به من طرحته حماقة من تتمخط بكوعها.. لم يحدث أن ذكرت أو جزمت في أي مقالةٍ أو مقابلةٍ تلفزيونية بموت زعيم المتمردين وشيطانهم الأكبر، ولو فعلت ذلك لما لامني إلا (متجوجد) جبان، أو مليشية مُحجّبة، تدعي الحياد زوراً ولا ينقصها من سيماهم إلا الكلاش والكدمول.. فالباغي الشقي الذي أذاق بلادنا وأهلها مر العلقم ميتٌ في عيون وأذهان كل أهل السودان، ومتعفن مع أعوانه ومظاهريه في قبور الخيانة ومستنقعات العمالة والبغي والعدوان.. ومن تستوجب الاعتذار أفعالهم هم الوالغون في دعم الجنجويد، مظاهرةً لهم وقبضاً منهم وشراكةً معهم في تهريب ثروات السودان، مثلما شاركوا قبلاً الحاج عطا المنان في تربية الدواجن وبيع لحومها وبيضها (وربما ريشها وحويصلاتها).. نسيت بنت الإمام الحقاني رحمة الله عليه أن من تدافع عنه وتبرر جرائمه وتبحث عن الذرائع والأعذار لانتهاكاته أمر باعتقال والدها رحمة الله عليه وإيداعه سجن كوبر عندما وصف الدعم السريع (بنعامة المك)، ونسيت أن الجنجويد الذين تساندهم وتبرر جرائمهم احتلوا بيتها ونهبوا ممتلكاتها (بشهادة زوجها الواثق البرير)؛ واحتلوا بيت والدها في أولى أيام الحرب ونهبوه ودنسوه وسرقوا مقتنيات الإمام ودمروا مرافق المنزل وسرقوا خزائنه (بشهادة أختها رباح الصادق المهدي) وما زال بيت الإمام محتلاً حتى لحظة كتابة هذا الرد، كما اقتحموا دار حزب الأمة ونهبوه ودمروه، ويبدو أن (شوبش) الهالك المقيم أثر على غالب الذاكرة الخربة لكريمة الإمام، وتكفل ذهب التهريب بإهدار ما تبقى منها.. فكانت المحصلة انحطاطاً سياسياً يستعصي على التبرير، وخيانةً مشهودة تستعصي على التفسير، وكذباً مفضوحاً يستوجب الغُسل والتطهير.. صدق من قال: (أساءت سمعاً فأساءت الإجابة).. ومن قال: (السرجُ المُذهّب لا يجعل الحصان.. حماراً).. وهنيئاً للجنجويد بحكَّامتهم الجديدة!
*مزمل أبو القاسم*