كتب : عمار عوض
شكلت زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي الى مدينة بورسودان تاكيدا على ارتفاع ايقاع الاحداث التي تربط وتهم وتاثر على البلدين ، في ظل تقدم للجيش على الارض واستعادته مدن كبيرة جديدة في وسط السودان واقترابه من عاصمة الاقليم ود مدني في ظل حصار خانق وقصف مستمر من مليشيا / قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر غرب السودان .
كما تاتي زيارة الوزير عبد العاطي بعد مشاركته في الاجتماع الرباعي الذي عقد في ايطاليا على هامش اجتماعات الدول السيعة الكبار في العالم ، والذي جمع وزراء خارجية الولايات المتحدة والسعودية ومصر الى جانب الامارات والذي ناقش تطورات الأزمة السودانية وضرورة توحيد الجهود للتوصل لوقف فوري لإطلاق النار، والعمل على التهدئة وتعزيز الجهود الإنسانية، وتنفيذ الالتزامات الواردة في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين، ودعم عملية سياسية سودانية-سودانية تضمن استقرار السودان والحفاظ على سيادته ووحدة وسلامة أراضيه.
كما دعا عبد العاطي خلال الاجتماع الى تنفيذ الدول المانحة التزاماتها في اجتماعات باريس لمخاطبة الازمة السودانية والتي وصلت 2 مليار دولار ولم يتم تنفيذ الا نحو 20% والتي لم يصل منها الكثير على الارض في وقت شكت فيه الدول المضيفة للاجئين السودانيين من الضغط الذي يقع عليها.
من هنا نجد اهمية الزيارة تكمن في بعدها الدولي والاقليمي انها تاتي بعد اجتماعات روما التي وضح خلالها ايقاء السودان بتعهده والتزامه بفتح الممرات الانسانية والمعابر من داخل وخارج السودان وهو ما جعل حكومة السودان تصرح كثيرا بضرورة ان يفي المانحين بتعهدهم وفي هذا الاطار كنا شهدنا رفع بريطانيا لتعهدها تجاه السودان للعام القادم لاكثر من 100 مليون دولار تشمل الازمة الانسانية في السودان والدول المضيفة للاجئين في جوار السودان ،وكذا قامت الولايات المتحدة برفع بعض القيود عن التعامل مع السودان بجهة التنمية وهو ما مهد الطريق امام البنك الدولي لاعتماد منح بنحو 300 مليون دولار ليتم تنفيذها بواسطة منظمة لصحة والغذاء العالمي واليونسيف في مجالات الصحة والتعليم والزراعة.
حسنا السودان اوفى بالتزامه بفتح الممرات والمعابر والمطارات ووجد الاشادة من الامم المتحدة والمبعوثين الدوليين كما ان الدول المانحة والصناديق الدولية مثل البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي والاسلامي في جدة صار لديهم مجتمعين ما يقرب من مليار دولار حاضرة للسودان ، لكن من الواضح ان العقبة التي تقف امام هذا الانسياب هو انه لا يوجد اتفاق واضح يتيح لموظفي الاغاثة وشحناتهم الوصول الامن لكل المحتاجين في السودان في ظل تردي امني عالي المستوى وهجمات متبادلة وحصار مدن مع عدم وجود اتفاق لوقف العدائيات او اطلاق نار ، كما صحيح ايضا وافقت على فتح جملة من المطارات الداخلية مع الموافقة على الاسقاط الجوي في دارفور وجنوب كردفان لكن تظل الازمة قائمة في ولايات الخرطوم والجزيرة .
ويرسم الفريق شمس الدين كباشي من داخل مصنع سكر سنار الذي استعاده الجيش مؤخرا طريقا صارما لوقف اطلاق النار بان لا تفاوض او هدنة فقط عليهم يقصد الدعم السريع الموافقة على معسكرات التجميع التي حددتها القوات المسلحة لمليشيات المتمردين حسب قوله وهو نفس ما ظل يكرره الفريق اول برهان رئيس المجلس السيادي بان الخروج من الاعيان المدنية ثم انسياب المساعدات ثم العملية السياسية ثم الحكومة المدنية المتوافق عليها ثم الانتخابات.
وبالنظر لحديث الجنرالات نجد انه متوافق مع حالة الغضب والرغبة لعودة الناس لممارسة حياتهم الطبيعية لان وقف اطلاق في هذا التوقيت سيبقي الحال على ماهو عليه بالنسبة لانتشار قوات الدعم السريع في مناطق ومدن واحياء كثيرة في السودان وصحيح انه سيتيح دخول المساعدات للذين فضلوا او اجبرتهم الظروف للعيش داخل ولايات ومدن السودان الملتهبة بالصراع لكنه في الوقت نفسه يحرم مئات الالاف من الاسر التي نزحت داخليا وخارجيا في معسكرات تشاد او جنوب السودان او حتى مصر التي تعتبر صاحبة النصيب الاكبر من الاسر السودانية التي تعاني الامرين هناك .
ومع التاكيد على ان الدعم السريع لديه قوى خارجية تدعمه وقوى داخلية تتوافق مع كثير من رؤاه لانهاء الحرب وجميعهم اصحاب مصلحة في الجمع بين التفاوض لوقف الحرب والتفاوض السياسي ليكونوا في وقت واحد وبالتزامن بل يذهبوا ابعد من ذلك اذ يريد البعض منهم الضغط لتبدا العملية السياسية ليشارك فيها الجميع العسكريين والدعم السريع والقوى السياسية للوصول الى اعلان (مبادئ لوقف الحرب ) ليكون هو نقطة البداية لعملية وقف اطلاق النار والكيفية الني يتم بها .
وفي المقابل تؤيد قوى كبيرة ومؤثرة رؤية الجيش بان الحوار يجب ان يكون بعد خروج الدعم السريع من المدن وان الحوار يعقد داخل السودان وفق موقف حاد من القوى السياسية الاخرى المنضوية في تنسيقية تقدم التي بدورها تعقد اجتماعا هذه الايام في كمبالا يتوقع ان يضم لاعبين جدد من ورشة بروميديشين في جنيف /سويسرا.
وهنا لابد لنا من العودة الى ما قاله الوزير المصري من ثوابت مصرية بان الحل لابد ان يكون سودانيا وبايدي السودانيين انفسهم بمعنى ان تكون العملية السياسية مملوكة للسودانيين دون تدخل من احد وتشديده على ان مصر تقف على مسافة واحدة من كل القوى ولا تناصر واحدة على الاخرى مع تاكيده الكثيف على وحدة وسيادة السودان .
هنا لابد لي من العودة الى الاجتماع او الندوة التي اقيمت في المركز الثقافي المصري جوار السفارة البريطانية في القاهرة والتي نظمها مركز الدقي بحثا عن خارطة طريق للحوار السوداني والتي شرفها السيد عبدالله المحجوب محمد عثمان الميرغني نائب رئيس الحزب الاتحادي وقدم ورقتها الرئيسة السفير المصري المخضرم صلاح حليمة المساعد السابق لامين عام الجامعة العربية والتي قدها باسم مجلس العلاقات الخارجية المصرية والتي اكد على انها نتاج لحوارات سودانية عقدها مع عشرات القادة السياسين والمجتمعيين في السودان من جميع الاطياف بما في ذلك اطراف من تنسيقية تقدم وكتلة الحركات الموقعة على سلام جوبا واحزاب الكتلة الديمقراطية والقوى الوطنية الاخرى ، الى جانب ورقة عن المؤتمر الدستورى كاطار للحل السياسي قدمها أ. يحيى الحسين رئيس حزب البعث السوداني ومن خلال ورقة السفير حليمة يستشف المرء ان مصر الشعبية او الرسمية تطمح الى وضع قطار الازمة على قضيب الحل ليبدا بتامين الاعتراف بالسلطة القائمة ممثلة في رئيس المجلس السيادي ليقود عملية وضع اساس الحل النهائي الذي اتفق الحاضرون على جودة وسبك ورقة مجلس العلاقات الخارجية المصرية مع التامين على ضرورة ان يكون مسرح الحل السياسي السودان ومسرح انهاء الحرب وفق ما ياتي عبر منبر واعلان جدة.
لكن من بيان وزير الخارحية المصرية عبد العاطي في بورسودان يتضح ان مصر التي اكدت على رفع درجة التشاور السياسي الى اعلى درجة بين البلدين وقادتهم ، ينظران الى تحديات غير مسبوقة تتمثل قضية مبادرة مياه النيل التي جرى توقيعها في عينتبي مؤخرا وقضية رفع تجميد عضوية السودان في الاتحاد الافريقي الذي وعدت مصر ببذل اكبر جهد فيها لاعادة السودان للاسرة الافريقية ليكون فاعلا ومنفعلا بقضاياها ومؤثرا وباحثا عن مصلحة شعبه ومصالح الشعوب الشقيقة.
وهنا لابد من الاشارة ايضا الى الزيارات المهمة التي قام بها وزير الخارجية السوداني الى اثيوبيا وزيارة الرئيس برهان الى ارتريا واليوم هو في دولة جنوب السودان للقاء مع الرئيس سلفا كير العائد هو الاخر من اجتماع قادة دول شرق ووسط افريقيا التي لا يتمتع السودان بعضويتها ومن المؤكد ان طلب السودان للعودة للاتحاد الافريقي سيجد دعما من قبل مجموعة الدول الاسلامية والعربية الافريقية وربما دول البحيرات والدول الكبرى مثل نيجريا والجزائر وبالضرورة مصر وربما اثيوبيا اذا حدث توافق في ملفات تهم السودان اولا ومصر ايضا.
يتضح لنا جليا من كل هذا ، ان كل التحضيرات اكتملت ان كان من ناحية توفر التمويل للجمع بين عمليات التنمية مع الاغاثة جنبا الى جنب ، وايفاء السودان بالتزاماته نحو ذلك الهدف ، تبقى فقط ترتيب عربات قاطرة الحل النهائي والتي تشمل اتفاق الية تنفيذ اعلان جدة، اعلان مبادئ الحل السياسي للازمة السودانية بحيث لا يستثنى منها احد ومعلوم ان متى مار رتبت اولوية التحرك خلال هذا الشهر او مطلع القاعام القادم بالضرورة ان ذلك سيفتح الباب على مصراعيه للسودان للعودة للاتحاد الافريقي شهر يناير القادم وبهذا يكون الطريق ممهدا للرئيس ترامب عند عودته هو الاخر للبيت الابيض في واشنطن شهر فبراير القادم ، وبالتاكيد اذا وجد رئيس الولايات المتحدة نفسه امام اتفاقات بين السودانيين على طريق انهاء الحرب والسودان عضوا كامل الاهلية في الاتحاد الافريقي سيكون تعامله مختلف كثيرا عن سودان يشهد حرب وبه رئيس سلطة معترف به في واشنطن لكن هناك اي وقف اطلاق نار او اتفاق على انهاء الحرب بين المختلفين سيفرض الحل الذي يريده والذي وقتها قد لا يكون على هوى كثير من السودانيين، والى ذلك الوقت نسال الله الهدى والرشاد لنا وللشعب السوداني وقيادته بمختلف تشكيلاتها ونصر قريب وفتح للشعب السوداني نحو الرفعة والتقدم والسؤدد انشاء الله.