وبمثلما كان أول هذه الحرب كلام، تراشق به جنرالاتها، قبل غارات طيرانها، وأزيز مدافعها، فإن قشة أخري من” عنف الكلام”، تقاذفها الشيخ عبدالحي يوسف، وقائد الجيش، ربما تقصم هي أيضا ظهر بعير علاقة البرهان بالإخوان.
المهم فقد أوغر كلا الرجلين صدر الآخر، بإتهامات عظيمة، تبادلاها علي رؤوس الأشهاد، ربما يكون لها ما بعدها.
وبطبيعة الحال، ولكي يقضي الله أمرا كان مفعولا، فإن معظم النار يولد بالضرورة من مستصغر شرر، ما كان في الحسبان خطره.
بل وهكذا تنشأ حروب “الأخذ الرباني” التي لن يفلت في العادة من براثنها ظالم، وإن سعي لإدخار نفس، أو مال، أو قوة كما يتوهم أو يظن البعض.
فقد قال من لا ينطق عن هوي: “إن الله ليملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته”.
ثم قرأ عليه الصلاة والسلام تاليا، قوله تعالي: ” وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القري وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد”.
فيوم “الأخذ” الذي لا إفلات فيه من عقاب، تحدث عن وقعه علي الظالم، الإمام علي بن أبي طالب قائلا: “أن يوم العدل علي الظالم، أشد من يوم الجور علي المظلوم”.
إذ يقع مثل هذا “الأخذ” علي الظالمين الفرحين بما أوتوا، في غالب الأحيان بشكل مفاجيء.. فقد قال تعالي: “حتي إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة”.
وبالتالي فإنه بانتهاء أطول حصة إملاء وإمهال هنا، إمتدت لنحو ثلاثة عقود ونيف، أري أن “شديد القوي”، قد أحكم الطوق علي رقاب، من خلال هذه الحرب، سوف لن يفلتها، وأن رؤوسا أينعت بين يديه قد حان أو كاد أوآن قطافها.
وبداهة فإن أمتن الكيد هو كيده سبحانه وتعالي، يستدرج به كل من كذب بآياته الكبري، التي من بينها آيات إتيان الملك ونزعه.
فقد قال تعالي: “وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ، وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ”.
المهم فإن حرب السودان الحالية، ما هي في حقيقتها، الا مدخل لإنفاذ مشيئة مباركة ستعود في النهاية، بالخير علي هذا الوطن وأهله.
وبالطبع كما يقول تعالي: “”وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ”.
علي أية حال، فقد أضحي في حكم المرجح أن تشهد هذه الديار قريبا، ضربا مذهلا من ضروب إرتداد الكيد الي النحر، بل وقصصا حية تحكي كيف يمكن أن يحيق المكر السيء بأهله؟.
فضلا عن نماذج أخري تعكس صورا تؤكد أن تدبير هؤلاء القوم، قد جاء بالضبط علي مقاس تدميرهم لأنفسهم بأنفسهم، بل وتخريبهم لبيوتهم بأيديهم، وأيدي سواهم ربما.